ورغم هول المشهد الحزين الذي تابعه سكان دمشق بحسرة شديدة، نظرا لعراقة هذا السوق المتأصلة في تاريخهم ووجدانهم الإنساني، إلا أن الأضرار اقتصرت على الماديات دون أضرار بشرية.
وقال آمر زمرة إطفاء منطقة حي الأمين بدمشق عمار الجاسم في تصريح صحفي مساء أمس: "تمت محاصرة الحريق وإخماده وتأمين المكان لمنع وصوله إلى المحلات المجاورة حيث وصلت أكثر من عشر سيارات إطفاء إلى مكان الحريق".
ويستحوذ سوق (البزورية) على شهرة تاريخية تبعا لتخصصه في بيع مواد العطارين التي تستخدم في الطب الشعبي العربي (التداوي بالأعشاب الطبيعية)، والتوابل والملبس (وهي حلويات دمشقية شهيرة تقدم في الأعراس والموالد النبوية)، والشموع والزهورات الشامية.
و"البزورية" سوق تاريخي يقع إلى الجنوب من الجامع الأموي بدمشق، وإضافة إلى تخصصاته السابقة، فهو يضم عدد كبير من الخانات التاريخية (فنادق عمرها مئات السنين) والمباني والمتاجر التي تبيع شتى أنواع السكاكر والحلويات والفواكه المجففة والصابون (صابون الزيتون وصابون الغار).
ويخترق سوق "البزورية" معظم أرجاء دمشق القديمة، بدءا من قصر العظم الشهير وسوق الصاغة القديم جنوبا، وصولا إلى سوق مدحت باشا شمالا،أن ينعطف شرقاً ليضم إليه قسماً من الشارع المستقيم وسوق مدحت باشا، وبعض هذه الأسواق تعود في تاريخها إلى آلاف السنين.
ويضم السوق مئات الحوانيت التي توارثتها العائلات الدمشقية القديمة عبر الزمن، وتدرج تخصصها من "سوق القمح" ثم "سوق الدهيناتية" (كانت تصنع فيه سائر الدهون كدهن اللوز)، ومن ثم عرف باسم (سوق العطارين) لأنه كانت تباع فيه العطور المستخرجة من الورود الدمشقية وكذلك الأعشاب العطرية للعلاج الشعبي.
ويضم السوق حاليا بعض أجمل المنشآت المعمارية القديمة في دمشق مثل (خان أسعد باشا) أضخم خانات دمشق القديمة وأجملها على مستوى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى حمام نور الدين الشهيد، وهو أشهر حمام دمشقي ما زال يستقبل الراغبين في الاستحمام الشعبي.
وتتركز شهرة سوق البزورية حاليا، خاصة بين سكان دمشق وزوارها العرب، عبر وجود عشرات المحلات المتخصصة بتحضير وبيع الأعشاب الطبية التي تلقى رواجا كبيرا بين السوريين، ووفق الإحصائيات العلمية التي نشرت خلال السنوات الأخيرة، ثمة 3646 نوعا من النباتات الطبية موجودة في البيئة السورية.