كانت الجدران الخرسانية القوية والغرف المبنية تحت الأرض مخبأ له ولزملائه لعدة أيام، خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وكان يقول لأسرته مرارا إنه يقلق عليهم أكثر مما يقلق على نفسه عندما يتوجه كل صباح لمقر عمله، بسحب تقرير لوكالة "رويترز".
وفي الساعة الخامسة والنصف، مساء يوم الثلاثاء، اتصل غسان بزوجته ابتسام وقال لها إنه سيبيت الليلة في الصومعة لأن شحنة من الحبوب ستصل ولا يستطيع المغادرة.
وطلب منها أن ترسل له غطاء ووسادة، لكنها لم تسمع صوته مرة أخرى منذ ذلك الحين، قبل أن يدوي في كل أرجاء بيروت صوت الانفجار الهائل الذي وقع الأسبوع الماضي، وينقطع الاتصال به.
ودمر الانفجار الذي وقع في نفس ليلة انتظار غسان لشحنة الحبوب في مرفأ بيروت، الصومعة مع ما دمر وقتل 158 شخصا على الأقل وأصاب أكثر من ستة آلاف وشرد ما يقدر بنحو 300 ألف لبناني بينما وصلت أثارة لأميال إلى داخل المدينة.
وقالت وزارة الصحة أمس السبت إن 21 شخصا ما زالوا في عداد المفقودين. وأرجع مسؤولون الحادثة إلى وجود 2750 طنا من نترات الأمونيوم، وهي مادة تستخدم في تصنيع الأسمدة والقنابل أيضا، كانت مخزنة لست سنوات في مستودع بالمرفأ دون إجراءات مناسبة للسلامة.
ووعدت الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن وقوع الكارثة لكن الغضب يتأجج في نفوس السكان. ويقولون إن عمليات الإنقاذ تجري بشكل أبطأ من اللازم وإن فرصة العثور على المفقودين أحياء تتلاشى.
وتقول أسرة غسان أنه
على الرغم من أنهم حددوا للسلطات موقعه بالضبط وقت الانفجار، لكن جهود الإنقاذ لم تبدأ إلا بعد ذلك بنحو 40 ساعة.
ويجتمع أفراد الأسرة في منزلهم ببيروت كل يوم وهم ينتظرون بقلق أي معلومات قد تستجد عن والدهم الغائب.
يأتي ذلك، بعدما قالت إيميلي، وهي متخصصة في تطوير المحتوى التلفزيوني، في مقطع فيديو مصور قبل أيام، إن "الدولة اللبنانية مسؤولة عن المفقودين من العاملين بإهراءات مرفأ بيروت"، وانتقدت ما وصفته بـ"انعدام مهنية الأجهزة المعنية والتعاطي بخفة مع وجع المكلومين".