وجاءت هذه الخطوة بعد تخلف الحكومة عن سداد الديون في أوانها، مشيرة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد بعد الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت مطلع أغسطس/آب الجاري.
من ناحيته قال الدكتور أيمن عمر الخبير الاقتصادي اللبناني إن التصنيف الائتماني أو "الجدارة الائتمانية" عبارة عن درجة تظهر حكم وكالات التصنيف العالمية على مدى قدرة دولة أو مؤسسة على تسديد ديونها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التصنيف الضعيف يعني احتمال عدم قدرة المدين على الوفاء بالتزاماته (الأقساط أو فوائد الدين)، بينما التصنيف المرتفع من وكالات التصنيف العالمية يعني استبعاد هذا الاحتمال.
وتابع أنه في 27 يوليو / تموز المنصرم، خفضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني للبنان من (CA) إلى (C)، بمعنى انتقال الدين العام اللبناني السيادي إلى حالة عدم السداد.
كما أكدت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في 20 أغسطس/ آب الحالي تصنيف لبنان عند (RD) لاحتمال التعثر عن سداد إصدارات العملة الأجنبية طويلة المدى.
فيما أعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني في 21 من الشهر الجاري، خفض تصنيف بعض سندات لبنان إلى درجة (D) نتيجة تجاوز موعد السداد.
وأكدت الوكالة تصنيف العملة الوطنية اللبنانية عند درجة (CC/C) مع نظرة مستقبلية سلبية.
جميع هذه التصنيفات تصب في مكان واحد وهو التعثر المالي للدولة اللبنانية، وهو ما يوازي مفهوم الإفلاس للشركات والمؤسسات.
يوضح عمر أن التصنيفات الثلاثة للوكالات الشهيرة عالمياً، هو نتاج طبيعي لقرار الحكومة المستقيلة في مارس/ آذار السابق بالتوقف عن دفع مستحقات سندات الدين بالدولار أو اليوروبوند، ودون أن تدخل بمفاوضات سريعة مع الدائنين، وأوكلت المهمة إلى شركة أجنبية للقيام بذلك.
ويرى أنه كان من الأولى أن تتفاوض الحكومة مع الدائنين، قبل قرارها هذا بالتوقف عن السداد لما له من تداعيات سلبية على الدولة اللبنانية ولفترة طويلة.
أول هذه التداعيات هو انعدام ثقة المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية في السندات السيادية للدولة، وفي حصول لبنان على تمويل منها، وأخطرها هو قدرة الدائنين على رفع دعاوى لدى محاكم دولية مختصة وحجزها وامتلاكها لبعض أصول الدولة كتعويض لها عن حقها في التخلف عن السداد والضرر الناجم عنه، والأمثلة التاريخية على ذلك كثيرة.
من ناحيته قال الدكتور عماد عكوش الخبير الاقتصادي اللبناني، إن الخيارات بدأت تضيق أمام لبنان بشكل كبير جدا، لعدة أسباب.
السبب الثاني هو عدم قدرة القطاع المصرفي على تمويل الدولة بسبب تعثره، وبسبب احتجاز ودائعه من قبل مصرف لبنان، وبسبب الخسائر الكبيرة التي حققها نتيجة لانخفاض قيمة سندات اليوروبوند، إلى ما يقل عن أربعين بالمئة، وهو الذي يملك حوالي 25 مليار دولار منها .
السبب الثالث بحسب عكوش هو أزمة كورونا التي خفضت بشكل كبير التحويلات من الخارج، وخفضت أيضا "المردود السياحي وبشكل كبير جدا".
أما السبب الرابع يتمثل في انفجار المرفأ ليزيد الأزمة، ويزيد بالتالي الضغط في السوق على سلع لم تكن ضمن أولويات المواطن، اليوم وهي مواد البناء، والصيانة على مختلف أنواعها.
سبب خامس السبب الخامس هو ضعف احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، والتي يتم استنفاذها بشكل غير صحيح، ويستفيد منها التاجر والمحتكر وليس المواطن اللبناني، بحسب عكوش، الذي يشير إلى أن هذا الاحتياطي من المقدر أن يستنفذ بشكل كامل خلال ستة أشهر، إذا ما استمرت سياسة الدعم العشوائي، وفق نفس الظروف والمعطيات.
وشدد على أن أي حكومة قادمة سيكون في مواجهتها عوامل وظروف صعبة، ومن الصعب تخطيها إلا من خلال قرارات جريئة، منها رفع الدعم وإقرار بعض البنود الضريبية، لتمويل الخزينة وإعادة الاستقرار لها.