وأطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس حملة تضامن مع عائلة الطفل أيوب وأطلقوا هاشتاغ "#ستنى_غادي" (انتظر مكانك) موجهين أصابع الاتهام إلى الهياكل الصحية بالجهة، في وقت نظم فيه أهالي معتمدية الحامة وقفة احتجاجية أمام المستشفى الجهوي بقابس للمطالبة بالكشف عن ملابسات الحادثة وتحميل المسؤوليات لمن أخطأ.
إهمال طبي
وأفاد والد الطفل محمد السبعي في تصريح لـ "سبوتنيك" أن ابنه توفي بسبب امتناع الإطار الطبي بالمستشفى عن معالجته خوفا من احتمال إصابته بفيروس كورونا.
وروى السبعي لـ"سبوتنيك" أنه قام بنقل طفله إلى طبيب خاص يوم الجمعة بعد امتناع المستشفى المحلي بالحامة عن استقباله واقتصار الإطار الطبي هناك على تقديم وصفة دواء لم تفده بشيء، وفقا لقوله.
وأضاف "طلب مني الطبيب الخاص اخضاع ابني إلى العلاج بالمستشفى الجهوي بقابس بسبب حاجته إلى جهاز تنفس، لكنهم رفضوا أيضا علاجه خوفا من العدوى".
وتابع "بمجرد أن علموا أننا من الحامة قالوا لنا حرفيا "بروا غادي" (ابتعدوا)"، امتنع الجميع عن الاقتراب حتى من طفلي وكأننا نحمل معنا قنبلة موقوتة".
وقال السبعي "مكنونا بعد ساعة من الانتظار من جهاز تنفس وطلبوا من زوجتي أن تقوم بوضعه وهي مفترشة الأرض رغم جهلها بطريقة استخدامه، وحين طلبت منهم التدخل أجابتها الممرضة "أمورك" (هذا شأنك).
وأكد والد الطفل أن ابنه ظل مدة 6 ساعات دون تدخل طبي، قبل أن يطلب مساعدة مدير المستشفى الذي تدخل وطلب من الإطار الطبي نقل الطفل إلى قسم الإنعاش حيث توفي.
وأفاد السبعي أن التحليل الطبي أثبت أن طفله لم يكن مصابا بفيروس كورونا وهو ما ينفي حجة الإطار الطبي في عدم التدخل، مضيفا "حتى لو كان ابني مصابا فهذا لا يعطيهم الحق في سلبه حياته".
وتابع "لن أسكت عن حق أيوب، وسأحرص على أن يتحمل كل من ساهم في وفاته مسؤوليته".
تتبع قضائي
من جانبه اعتبر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن حادثة الطفل أيوب كشفت الوضعية الهشة للمرفق الصحي العمومي بقابس وبغيرها من المحافظات في تونس، مضيفا أن "ما حصل مع أيوب هو كارثة إنسانية لا يجب السكوت عنها خاصة وأن قرائن شبهات الإهمال والتقصير قوية".
وأضاف أن أيوب كان ضحية لتلكؤ وإهمال الإطار الطبي الذي رفض في البداية استقباله وهو ما تسبب في تدهور حالته.
وأكد مسلم أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان طالبت بفتح تحقيق إداري وقضائي بمعية فرع المحامين بقابس الذي أبدى استعداده توفير محامين لتحديد المسؤوليات وضمان حق أيوب.
وشدد مسلم على ضرورة إعادة تهيئة المستشفيات العمومية حتى تصبح جاهزة لاستقبال مثل هذه الوضعيات، مضيفا أنه من الضروري اليوم توفير أقسام خاصة باستقبال الأطفال في ظل انتشار فيروس "كوفيد- 19" الذي أصاب عددا لا بأس به من فئة الأطفال.
حملة تضامن
وأشعلت حادثة الطفل أيوب جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، حيث وجه نشطاء أصابع الاتهام إلى الإطار الطبي محملين إياه المسؤولية المباشرة في وفاته.
فيما اتهم نشطاء آخرون الإطار الطبي بممارسة التمييز الجهوي على خلفية رفضهم استقبال الطفل أيوب لكونه أصيل منطقة الحامة من محافظة قابس التي ارتفع فيها عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى 564 مصابا بعد تسجيل 34 إصابة جديدة يوم أمس.
وكتب الناشط السياسي والإعلامي برهان بسيس "القصة المتداولة عن وفاة الرضيع أيوب في الحامة تحتاج إلى من يوضح تفاصيلها، عدى ذلك فإن المتداول يشير إلى فضيحة دولة وفضيحة مجتمع".
من جانبه علق الإعلامي ماهر قاسم قائلا"أيوب هو تونس الحقيقية... تونس إلي تحبوا تخبّيوها... أيوب هو واحد من أهم أسباب الحرقة في تونس".
وتابع "بلاد الي يموت فيها رضيع عمرو عامين خاطر طبيبة الأطفال ما حبتش تعدي عليه خاطرها خايفة من الكورونا ما تنجمش تعيش فيها، بلاد يموت فيها رضيع عمرو عامين خاطر غلطتو الوحيدة أنو يسكن في الحامة ما تنجمش تعيش فيها".
وكان المدير الجهوي للصحة بقابس يحيى حمدي قد صرح أن سبب وفاة الطفل أيوب يعود إلى عدم وجود قسم لإنعاش الرضع بالمستشفى الجهوي بقابس، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي يتوفى فيه طفل نتيجة غياب المعدات وأجهزة التدخل في مثل هذه الحالات.
وأذنت وزارة الصحة اليوم بإجراء تفقد طبي وإداري للإطلاع على ملابسات وفاة الرضيع وتقييم عملية التدخل الطبي، بعد أن ثبت أن سبب الوفاة لا يعود إلى إصابته بفيروس كورونا.
ويذكر أن تونس شهدت خلال يومي 8 و9 آذار 2019 حادثة مشابهة تمثلت في وفاة 11 رضيعا بالمستشفى الجامعي الرابطة بسبب خطأ بشري، في حادثة أسالت الكثير من الحبر حول الوضعية الهشة للمستشفيات العمومية التونسية.