ارتفعت إلى 23%... لماذا يفشل الأردن في مواجهة ظاهرة البطالة؟

رغم جميع المحاولات الحكومية لاحتواء الموقف، ما زال عداد البطالة في الأردن في ارتفاع غير مسبوق، خاصة في ظل أزمة كورونا، وانعكاساتها الاقتصادية الخطيرة على العالم.
Sputnik

وأصدرت دائرة الإحصاءات العامة تقريرها الربعي حول معدل البطالة في المملكة للربع الثاني من عام 2020، حيث بلغ معدل البطالة خلال الربع الثاني من عام 2020 (23.0%) بارتفاع مقداره 3.8 نقطة مئوية عن الربع الثاني من عام 2019.

وقال مراقبون إن "البطالة أزمة متفاقمة في الأردن وتحتاج إلى إجراءات خاصة وجذرية للتخلص منها، في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تمر بالبلاد، آخرها فيروس كورونا".

بلغت 19.3%... كيف يخطط الأردن لمواجهة أزمة البطالة في ظل وباء كورونا

معدلات البطالة

وقد بلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الثاني من عام 2020 (21.5%) مقابل (28.6%) للإناث، ويتضح أنّ معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار4.4 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار1.4 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من عام 2019.

وبينت النتائج أن معدل البطالة كان مرتفعًا بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، حيث بلغ 26.6% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.

وأشارت النتائج إلى أن 51.6 % من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 48.4% من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي.

وتباينت نسبة المتعطلين حسب المستوى التعليمي والجنس، حيث بلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس فأعلى 26.0% مقابل 78.2% للإناث.

وسُجل أعلى معدل للبطالة في الفئتين العمريتين 15-19 سنة 20-24 سنة، حيث بلغ المعدل 57.7% و42.2% لكل منهما على التوالي.

أما على مستوى المحافظات فقد سُجل أعلى معدل للبطالة في محافظة العاصمة، بنسبة بلغت 25.8%، وأدنى معدل للبطالة في محافظة الكرك بنسبة بلغت 14.7%.

معدلات غير مسبوقة

حمادة أبونجمة، أمين عام وزارة العمل الأردنية الأسبق، والخبير الدولي في قضايا العمال، قال إن "الزيادة في معدل البطالة إلى 23% في الربع الثاني من هذا العام عن معدل الربع الأول (ما قبل الجائحة) تعني أن ما يزيد على 95 ألف شخص قد انضموا إلى صفوف البطالة خلال الشهور الثلاثة الأولى من الجائحة".

وأضاف أبونجمة في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الأردن ينتظر نتائج الربع الثالث وهي المرحلة التي ستشهد إضافة أعداد أخرى من المتعطلين من نتاج مخرجات التعليم المدرسي (التوجيهي) والجامعي".

وتابع المسؤول الأردني السابق: "من بين 100 ألف خريج توجيهي سينضم ما يقرب من 60 ألف إلى التعليم الجامعي وغيره من معاهد التعليم، ويبقى حوالي 40 ألف يبحثون عن عمل، كما يبلغ عدد من يتخرجون من الجامعات سنويا حوالي 60 ألف، وهذا العام لن يستطيع معظمهم الحصول على فرص عمل، يضاف إلى ذلك أعداد من سيبدأون بالعودة من الخارج، ومنهم ما يقرب من 33 ألف فقدوا وظائفهم".

وأكمل أبونجمة: "كما يجب أن لا ننسى أن هناك أعدادا إضافية من المؤسسات التي لن تقوى على الاستمرار في الحفاظ على موظفيها، خاصة منها الصغيرة والمتوسطة التي تمثل أكثر من 90% من مؤسسات القطاع الخاص".

لمواجهة تحديات الفقر والبطالة... إعادة "خدمة العلم" بشكل وقالب جديدين في الأردن

وأشار إلى أن "الأردن خطى خلال العقد الماضي خطوات بطيئة في تحقيق التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية، فحقق النمو الاقتصادي الوطني مستويات متدنية خلال السنوات الأخيرة 2010- 2019، وتأثرت معدلات البطالة نتيجة ذلك ونتيجة للمتغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي منذ العام 2009 بسبب الأزمة المالية العالمية".

وعلى هذا الأساس فقد عمدت الحكومة في عام 2016 إلى إطلاق مجموعة من السياسات والبرامج للحد من ارتفاع البطالة، إلا أن سياسات الحكومة هذه والآليات المستخدمة في توفير فرص العمل عجزت عن كبح هذه الزيادة المضطردة، بل على العكس من ذلك نجد أن المشكلة قد تفاقمت أكثر من ذي قبل.

وأكد المسؤول الأردني السابق أن "بظهور الأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة انتشار وباء (كورونا) التي ألقت بظلالها على كافة الاقتصاديات العالمية ومن ضمنها الاقتصاد الأردني، بالإضافة إلى ما شهدته المنطقة من أحداث سريعة متوالية من عدم الاستقرار، وما رافق ذلك من متغيرات وضعت الاقتصاد الأردني أمام جملة جديدة من التحديات بالإضافة إلى ما كان يواجهه الاقتصاد الأردني من تحديات".

فأصبح الاقتصاد الأردني – والكلام ما يزال على لسان أبو نجمة- يقف الآن أمام واقع وتحد جديد يتمثل في توقعات تراجع النشاط الاقتصادي لعام 2020 ما بين 6 إلى 10 سالب، الأمر الذي سيؤدي إلى احتمالية فقدان آلاف من العاملين وظائفهم، لا سيما العاملين في القطاع غير المنظم".

نتائج كارثية وحلول جذرية

ومضى قائلًا: "ملخصًا لذلك فإن من النتائج الحتمية للأزمة، سيكون اتساع شريحة الفقراء والمتعطلين عن العمل، وانخفاض النمو الاقتصادي بشكل ملموس، حيث سيتأثر سوق العمل من جوانب متعددة منها: زيادة معدلات البطالة إلى ما يقرب من 27%، زيادة معدلات بطالة الشباب والداخلين الجدد إلى سوق العمل، نتيجة عدم قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل جديدة وتراجع الاستثمارات".

وعن الحلول الجذرية، أضاف: "يتوجب على الحكومة أن تعمل على جملة من الحلول، منها حفز الاقتصاد ودعمه لزيادة الطلب على الأيدي العاملة باستخدام الأدوات المالية المتاحة وتخفيف عبء الديون والإلتزامات المالية الأخرى كالرسوم والضرائب، تخصيص حزمة برامج إنقاذ سخية تتضمن مساعدات فورية للشركات للحفاظ على فرص العمل، والتوسع في القروض التي تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإلغاء الشروط والقيود والإجراءات التي أدت مؤخرا إلى صعوبات في وصولها إلى الدعم الذي تحتاجه".

خدمة العمل الإلزامية... ما فوائدها وهل تنهي البطالة في الأردن؟

واستطرد: "والتركيز على القطاعات الأكثر تضررا، كشركات السياحة والسفر والمطاعم والصناعات التصديرية، وإصلاح السياسات التعليمية التي أدت على مدى سنوات طويلة سابقا في إتخام سوق العمل بخريجين جامعيين من تخصصات لا يحتاجها سوق العمل، وتدعيم شبكة الحمايات الاجتماعية كالضمان الإجتماعي وشمول مختلف شرائح العمال غير الرسميين بتأميناته، وتنفيذ إصلاحات عاجلة لمشاكل الفقر وعدم المساواة، وتحسين القدرات المؤسسية للجهات المعنية بذلك".

تشاركية ضرورية

من جانبه قال عضو مجلس النواب الأردني، نضال الطعاني، أن "ظروف كورونا قد ألقت بظلالها على البطالة في الدولة الأردنية إذ أن البطالة قد ارتفعت في الربع الأول لعام ٢٠٢٠ وحسب دائرة الإحصاءات العامة إلى١٩،٣%، لكنها في الواقع قد تجاوزت ٢٧%".

وأضاف النائب الأردني في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذه النسبة قد تنعكس على الإرهاب والتطرف والجريمة إذا لم يكن هناك حلول قادرة على استيعاب العدد الهائل من خريحي الجامعات، حيث يوجد 450 ألفًا من الخريجين ينتظرون دورهم بالتوظيف في ديوان الخدمة المدنية، علما بأن اسيعاب الدولة من الوظائف لا يتعدى 5 آلاف وظيفة بالحد الأعلى".

وتابع الطعاني: "التحدي الأكبر في إيجاد فرص عمل للمواطنين الأردنين وهذا يتطلب تشاركية كبيرة بين القطاع الخاص والقطاع العام، وإيجاد منصات دولية تشاركية مع الدول الشقيقة والصديقة لتصدير العمالة المدربة والماهرة والخدمات التعليمية والطبية والريادة والبرمجيات".

وأكد أن "هناك ضرورة لإيجاد حضانات اقتصادية لحماية الاقتصاد الأردني وإيجاد أسواق عمل حقيقية، وتعظيم التكتلات الاقتصادية العربية والتجارية والتي تحرك العجلة الاقتصادية".

مناقشة