ويقع مصنع أولان-أودي للمروحيات في جمهورية بورياتيا جنوب شرقي سيبريا، حيث يحمل المعمل اسم العاصمة الإدارية لهذه الجمهورية، بالقرب من أكبر بحيرة في العالم والمعروفة باسم "بايكال".
بطل العمل في روسيا
التقت وكالة "سبوتنيك" بمدير مصنع أولان أودي للمروحيات ليونيد بيليخ، والذي يدير المعمل منذ 22 عاما، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قلده وسام بطل العمل في روسيا لأدائه في إدارة المعمل، وخصوصا خلال فترة جائحة كورونا، حيث لم يتوقف المصنع يوما عن العمل، بعد اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية العمال واستمرار وتيرة العمل على النسق ذاته.
ويسهب بيليخ بالحديث عن المروحيات الروسية التي تنتج في المصنع، ويؤكد: "الجميع يحب طائراتنا بسبب موثوقيتها العالية، حيث يمكنها أن تعمل في كل مكان، وفي مختلف الظروف المناخية والأرضية، من درجة حرارة تبدأ بـ 60 تحت الصفر، وحتى درجة إلى 60 مئوية في البلدان الحارة، ولهذا دخلت طائرة "مي-8 تي" كتاب غينيس للأرقام القياسية كأكثر الطائرات قدرة على التحمل في العالم".
مصنع بقدرات كبيرة
ويشير المدير العام إلى أن المصنع يوفر 23 نوعًا مختلفًا من طائرات الهليكوبتر، تختلف فيما بينها من ناحية الأغراض والمواصفات، ويردف: "هنا نستطيع القيام بكل ما يطلب منا، وفقًا لاحتياجات المشتري، واليوم يتم استخدام طائرات الهليكوبتر المصنعة هنا في روسيا وفي جميع أنحاء العالم، حيث تستخدم مروحياتنا أكثر من 40 دولة.
ويفصح ليونيد بيليخ عن أن هناك طلب خاص على طائرات الهليكوبتر VIP للشخصيات المهمة، والمروحيات ذات الاستخدام المتعدد، وبالنسبة لهذه الطائرات لا يستغرق الأمر أكثر من 30-40 دقيقة لإعادة تنسيق المروجية للاحتياجات المختلفة".
ويتابع: "علاوة على ذلك نحاول دائمًا الالتزام بالمواعيد النهائية، وهو ما يلقى إعجابا كبيرا لدى المشترين الأجانب، وبغض النظر عن مدى صعوبة ذلك، وحتى إذا كنت بحاجة إلى إضافة شيء ما أو إجراء بعض الاختبارات، يتم تسليم المروحيات دائمًا في الوقت المحدد، ومقابل نتلقى الامتنان ونوسع التصدير".
ويشدد المدير العام: "دائما ما نفذنا العقود بالوقت المحدد ولم يشتكي أي عميل منا، كما لم تكن هناك شكاوي أبدا فيما يخص عملنا، وينتج لدينا في المعمل 23 إصدارا مختلفا من المروحيات لا سيما "مي 171" و"مي 8"، وهذا كان أحد الأسباب التي منحتني لقب بطل العمل في روسيا".
مشاريع حالية وخبرات متراكمة
وأجاب بيليخ عند سؤاله عن مشروع الطائرة العسكرية "مي-8 أ إم تي شي" بقوله: "كانت هذه المروحية موجودة في معرض "أرميا 2020" هذا العام، على أساس عملها في ظروف القتال، تم تقديم جميع الابتكارات، ويخضع النموذج الآن للاختبارات نهائية، وتبقى لنا إجراء الطلعات الجوية الأخيرة، وعندما يتم استكمالها سيتم تقديم المروحية للتصدير".
ويتحدث المدير العالم لمصنع أولان-أودي عن الخبرات التي يستغلها المصنع في تطوير إنتاجه، ويتطرق بالحديث إلى العمليات العسكرية التي تقوم بها روسيا في سوريا لمكافحة الإرهاب، ويقول: "الخبرة التي حصلنا عليها من سوريا تجسدت في أحدث طرازاتنا، حيث أخذنا بعين الاعتبار جميع متطلبات القوات الجوية الفضائية الروسية، وعملنا بكافة التوصيات والخبرات التي اكتسبوها من العمل على الأرض".
ويضيف: "لقد تم إنشاء المروحية "مي-171 ش" بناء على توصيات قتالية من سوريا، حيث تم تعزيز حماية الطاقم بدرع كيلافروفو، والآن الصالون محمي تماما، كما تم زيادة عدد فتحات الإخلاء، بالإضافة إلى تعزيز الحماية من الحرائق".
ويستطرد حول الخبرات ويقول: "خلال فترة عملنا تعاونا مع جميع المصممين العامين فيما يخص الطائرات المروحية، ونقوم بتصنيعها من مكتبين رئيسيين للتصميم في روسيا، وهما "كا" و"مي"، ولكن المنتج الرئيسي لدينا هو طائرات "مي"".
ويتابع مدير المصنع: "لقد كان مصنعنا أيضا الأول في صناعة مروحيات القطب الشمالي، فكما نعلم ليست فقط روسيا من يطير في القطب الشمالي، حيث الحرارة بالعادة تكون ما بين 50-60 درجة تحت الصفر".
ويواصل: "فيما قبل كانت الطائرة تحتاج إلى وقت طويل للإعداد قبل الإقلاع، لكن مع مروحياتنا فالأمر يحتاج إلى 20 دقيقة لإتمام إعدادها للطيران، واليوم يتم تشغيل الطائرات هناك بنجاح، ونتلقى الكثير من التقدير على ذلك".
طلبات العميل والقدرة الإنتاجية
ويكشف بطل العمل في روسيا هم إمكانية إجراء أي تعديلات بناء على رغبة الزبون، ويوضح قوله: يمكن للعميل طلب أي تغييرات على المروحية، فأولا وقبل كل شيء حماية الدروع، مخارج الإخلاء وإنزال القوات ناقل الحركة المعزز، أو شفرات جديدة وهذا يجعل زيادة السرعة ممكنة.
ويردف بقوله: "كما يمكن أيضًا تثبيت تقنيات طيران إلكترونية جديدة، والمؤكد أن العميل يمكن أن يطلب تعديل أي شيء يريده في الطائرة، وليس فقط الأسلحة".
وعن قدرة مصنع المروحيات في سيبيريا يقول بيليخ: "ينتج المصنع ما معدله 100 طائرة هليكوبتر في السنة وفي حال تطلب الأمر أكثر من ذلك فيمكن توسيع الإنتاج، وبفضل العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا قمنا فقط بتوسيع الإنتاج، فعلى سبيل المثال بدأنا في تصنيع المحركات بأنفسنا، وأتقننا أيضًا التركيبات المساعدة والطيار الإلكتروني، في الواقع حاليا نحن ننتج كل ما هو موجود في طائرات الهليكوبتر الخاصة بنا".
خدمات المصنع
ويوضح المدير العام بأن المصنع يقدم خدمة الدعم ما بعد البيع، حيث أن كل مروحية لها فترة ضمان، ويتم إرسال فريق متخصص إلى الدولة التي بيعت إليها، مع مجموعة من المعدات التي يمكن تصلح الأعطال الطارئة على هذه الطائرة، ويتم تقديم الدعم الفني اللازم لضمان دقة عملها.
ويكمل: "من المنطقي أن بعض القطع أو المعدات يمكن أن تتعطل أو تخرج من الخدمة، وقد تحتاج إلى التعديل، وفي هذا المجال يساعد المختصون لدينا العملاء حتى نهاية فترة الضمانة، كما يمكن أن يتم إبرام عقود خدمة ما بعد البيع، في حال كان لدى المشتري الرغبة بذلك".
ويردف بيليخ بقوله: "يضم المصنع كذلك مركز للتدريب على الطيران، ويعتبر أحد الأقسام الفرعية من المصنع، وقد تم إنشاؤه عام 2007، حيث تتم عملية تدريب المهندسين والطيارين، وتم فيه تخريج أكثر من 8 آلاف طيار مدني وتجريبي حتى اليوم، ويمكنه استيعاب ما يصل إلى 121 متدربا في الوقت ذاته".
الآفاق المستقبلية
يرى المدير العام للمصنع بأن آفاق صناعة الطيران المروحي واعدة أمام شركة مروحيات روسيا، ويقول بأن السوق أصبحت أكثر طلبا على الطائرات المصنوعة لديهم، وضرب مثالا على ذلك مروحية "مي-171 أ2" والتي حصلت بسرعة على طلبات من دول مثل كوريا والبيرو.
وكشف عن العمل على مشروع جديد هو "مي-171 أ3" والتي يمكنها العمل على المنصات البحرية في الحقول النفطية مثلا والبحار، والتي يعتقد أنها ستكون رائجة جدا خلال الفترة القادمة، وأكد أن روسيا هي الأولى في مجال صناعة الطيران.