ويأتي تصريح الشيخ حمد بن عيسى بعد أيام قليلة من توقيع البحرين لاتفاقية سلام مع إسرائيل، في البيت الأبيض وبحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتكون الدولة الخليجية الثانية بعد الإمارات.
تصريحات ملك البحرين
رأى بعض المحللون أن تصريحات الملك البحريني هي محاولة لإصلاح العلاقات مع الفلسطينين، بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، والتي رفضها الفلسطينيون، وعن هذه النقطة تحدثت الإعلامية البحرينية والمتحدثة السابقة باسم وزارة شؤون مجلس الوزراء البحريني عهدية أحمد لـ"سبوتنيك"، وتقول: "لا أرى هذه التصريحات كمحاولة لإصلاح العلاقات مع الفلسطينين، لأن دولة البحرين كانت دائما تعتبر القضية الفلسطينية من أولوياتها، ولا تتغير المبادئ والقيم فقط لأننا قررنا توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل".
وتابعت: "موقفنا مع الشعب الفلسطيني لا زال موجودا، وأعتقد أن المواقف لا تلغى بمجرد أن دولة مارست سيادتها بأنها تقرر إقامة علاقات دبلوماسية وسياسية مع دولة أخرى، بالعكس، نحن مررنا بمرحلة حرجة جدا من حوارات لم تأتي بأي فائدة للشعب الفلسطيني".
وأضافت الإعلامية: "اليوم ممكن أن نتعاون مع الدول المجاورة وخاصة دولة إسرائيل من أجل أن نصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وأيضا بأن يحافظ على أمنه في المنطقة، وأرى أن لا مبرر لغضب البعض من القيادة الفلسطينية بسبب هذا الموقف".
وتابعت "هذه القيادات أيضا تتعامل مع أحزاب وميليشيات ودول كانت دائما لها علاقة مع إسرائيل، ومثال بسيط على ذلك تركيا، ولكن عندما تقوم الإمارات والبحرين بذلك تحتج القيادة الفلسطينية على هذا الموقف، وهذا شيء مؤسف جدا جدا".
ولعرض وجهة النظر الفلسطينية حول هذه التصريحات، تواصلت وكالة "سبوتنيك" مع المحلل السياسي الفلسطيني أليف الصباغ، والذي يرى أن "هذا كلام فارغ، فبعد أن وقع الاتفاقية مع إسرائيل التي تتضمن اعترافا بصفقة القرن، وبأن يتم هذا السلام بموجب صفقة القرن، لم يعد هناك مجال لا لدولة فلسطينية ولا بأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية".
وأضاف الصباغ: "فهو وقع على اتفاق يقول لا للدولة الفلسطينية، ولا للانسحاب لحدود الرابع من حزيران، ولا للقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، بالتالي كل هذا الكلام هو لا قيمة له لا قانونية ولا أخلاقية ولا سياسية ولا غيرها".
التعاطي مع القضية الفلسطينية
وسألت وكالة "سبوتنيك" الإعلامية البحرينية عن رأيها حول طريقة تعاطي بلادها مع القضية الفلسطينية، خصوصا وأنها باتت الآن تملك علاقات دبلوماسية وسياسية مع إسرائيل، فذكرت أحمد أن "التعاطي لم يتغير مع القضية الفلسطينية بل تبقى هي قضية العرب الأولى، ولكن أسلوب الحوار والتعاطي مع هذا الموضوع يجب أن يتغير، لا يمكن أن نكون كما كانت مواقفنا قبل عدة عقود".
وأضافت "العالم كله يعرف كيف كانت المشاكل بين اليابان والولايات المتحدة، وما فعله الأمريكان بضرب اليابان بالقنابل النووية، واليوم الدولتان قوتان عظمتان تتعاونان وتتحالفان وتعيش في سلام مع بعضها".
واستطردت "الحلول التي تقدمت في السابق لم تحل أزمة الفلسطينين ولم توفر الأمن والاستقرار في المنطقة، فأنا لا أرى أي خطأ بأن يتم الحوار في هذه القضية بأسلوب مختلف، وعلى فكرة القيادات في البحرين كانت دائما ساندة وداعمة للقضية الفلسطينية ولن تتركها".
وتابعت "من يريد أن يتاجر بهذه القضية فهناك رسالة قوية بأن البحرين والإمارات دول ذلت سيادة، ويرغبون وينون حل هذه القضية، ولكن يجب تجريب أسلوب آخر، فأين الضرر بأن يكون هناك اتفاقية سلام مع دولة، وممكن الحوار معها على الطاولة ونصل إلى حل يرضي جميع الأطراف ويحقق الاستقرار".
فيما اعتبر المحلل الفلسطيني أن "البحرين ليست أولى الأنظمة الخليجية التي تفضل التعاطي مع إسرائيل على الحقوق الوطنية الفلسطينية، وبأن كل هذا يحدث برعاية المملكة العربية السعودية، وبإذن مسبق من الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان".
وأضاف: "من يراجع تاريخ العلاقات الإسرائيلية الخليجية والنفوذ الإسرائيلي في الخليج منذ التسعينيات ومبادرة الأمير عبد الله عام 82، ونحن نعلم أن دول الخليج هي محميات أمريكية تقدم أوراق اعتمادها إلى الإدارة الأمريكية من خلال الضغط على القيادة والشعب الفلسطيني، مستخدمة الأموال الخليجية للتنازل عن الحقوق الفلسطينية".
وتابع "كل المبادرات التي قدمتها دول الخليج وبالتحديد السعودية هي للتنازل عن الحقوق الفلسطينية لصالح إسرائيل، وهذا ليس جديدا ولم يبدأ في عام 82، ومراسلات الحسين مكماهون قال فيها الشريف حسين: نحن نقبل بإعطاء فلسطين للمساكين اليهود، ومنذ ذلك الحين يقدمون أوراق اعتمادهم للاستعمار".
وأشار إلى أن "الجديد في الأمر أن هناك مسار ترعاه أمريكا لفرض الهيمنة الإسرائيلية المستدامة على الشرق الأوسط، وأن تقود هي الشرق الأوسط بموجب الأحلام الصهيونية، وهذا المسار الذي يسمى بالمسار الإبراهيمي، وهذا ما يمكن إسرائيل من الهيمنة ويلغي الحقوق الوطنية الفلسطينة بتمويل من الخليج".
الوساطة بين الفلسطينين والإسرائيليين
وعما إذا كانت البحرين قادرة على لعب دور الوساطة بين الفلسطينين والإسرائيلين، بعد امتلاك المملكة لعلاقات مع الطرفين، قالت عهدية أحمد: "أعتقد أن دور البحرين والإمارات سيكون دورا قويا وكبيرا جدا في المرحلة القادمة، نحنا أنجزنا شيء جيد خلال شهر ووقعنا اتفاقية سلام مع دولة لم نكن على أي علاقة معها، وأنا أؤمن بأن أي اتفاقية سلام تكون نتيجتها إيجابية، وستكون لصالح الشعب الفلسطيني".
وأضافت: "فلسطين لا تمثل بقيادتها بل تمثل بشعبها، ونحن لم نكن في يوم من الأيام بعيدين عن الشعب الفلسطيني ولن نكون بعيدين أبدا عنهم".
أما المحلل السياسي فقال: "لا مكان للبحرين بعد اليوم في أي وساطة فلسطينية إسرائيلية، ولا مكان حتى للسعودية في هذه الوساطة، فهذه الأنظمة أثبتت أنها منحازة للهيمنة الإسرائيلية والحركة الصهيوينة على حساب الحقوق الفلسطينية، وبالتالي لا مجال لهذه الوساطة".
واختتم حديثه بالقول "أعتقد أن لا مكان أيضا للمبادرة العربية أو السعودية في المفاوضات، ولا يجوز أصلا أن يعتبرها الشعب الفلسطيني على الطاولة، وهذه المبادرة انتهت وطعنت ولا مكان لها لا اليوم ولا في المستقبل".