ويأتي ذلك في إطار تشديد الحصار على إيران التي ترى واشنطن أنها الداعم الرئيسي لهم... فهل تنجح إدارة ترامب في ذلك قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة؟
يرى مراقبون أن إدارة ترامب درست في السابق تصنيف حركة "أنصار الله" جماعة إرهابية في عام 2018، لكن الخطة تم تأجيلها، وسط مخاوف من أن تلك الخطوة قد تعقد عملية تسليم المساعدات، بالإضافة الى الخشية من تعريض الغربيين العاملين في المناطق التي يسيطر عليها "أنصار الله" في اليمن للخطر.
لكن في الوقت الراهن، ومع سعي الإدارة الامريكية إلى تمديد حملة "الضغط الأقصى" ضد الحكومة الإيرانية، يبدو أن التصنيف بات أكثر ترجيحا، إذ أنه وفي الأيام الأخيرة، أعلن مسؤولون كبار عن خطوات جديدة لمنع وصول إيران إلى الصواريخ الباليستية والأسلحة التقليدية الأخرى، وأعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن العقوبات الدولية ضد إيران قد عادت إلى مكانها، وهو الموقف الذي تؤيده قلة من الدول الأخرى.
وقال معمر الإرياني وزير الإعلام اليمني، التابع لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، عبر حسابه على موقع "تويتر": "ندعو البرلمان الأمريكي لتصنيف الميليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية، باعتبارها أحد أخطر أذرع ايران في المنطقة، وجرائمها من قتل واختطاف وتشريد لملايين اليمنيين، واستهداف دول الجوار، وزراعة ونشر الألغام البحرية، وإطلاق الزوارق المفخخة، لتهديد خطوط الملاحة الدولية".
وأضاف الإرياني: "نؤكد على محورية الدور الذي لعبته إدارة البيت الأبيض، في تحجيم الطموحات التوسعية لإيران في الشرق الأوسط، ولجم ميليشياتها الطائفية، والحد من مخاطرها الإرهابية"، مؤكدا على "أهمية مواصلة الضغط السياسي والاقتصادي على نظام طهران، للحفاظ على أمن واستقرار دول المنطقة والعالم".
أصوات ملوثة بالدماء
قال الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني عزيز راشد إن "الرئيس الأمريكي ترامب يريد أن يحقق لنفسه فوزا للمرة الثانية إرضاء للكيان الصهيوني وحلفائه من الأدوات المنفذة للعدوان على اليمن من خلال تصنيف "أنصار الله" منظمة إرهابية، من أجل كسب أصوات الناخبين اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية بأي طريقة، حتى وإن كانت على حساب جماجم الأطفال اليمنيين التي تفتك بها الطائرات الأمريكية في أبشع جرائم الحروب ضد الإنسانية، إضافة إلى جرائم الحصار والتجويع المقصود ضد أكثر من 30 مليون إنسان".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "إن محاولة ترامب تصنيف الجيش واللجان الشعبية ووصمهم بالإرهاب هى دعوات باطلة، ولدينا الأدلة الدامغة التي تثبت تورط الإدارة الأمريكية في دعم الإرهاب في اليمن ممثلا في تنظيمات "القاعدة وداعش" الإرهابيين، وفق ما حصلنا عليه من وثائق وأسلحة أمريكية لدى التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى اعتراف ترامب في حملته الانتخابية الأولى للرئيس السابق باراك أوباما وهيلاري كلينتون، بأنهم من مولوا ودعموا وأنشأوا تنظيم "القاعدة وداعش" الإرهابيين، وفق تصريحات وزراء خارجية أمريكا في بداية الثمانينات، وتصريحات وليم كيسي، الرئيس الأسبق للاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه".
الصراع الأمريكي الإيراني
وأكد الخبير الاستراتيجي، على أن: "هناك علاقة بين التوتر بين واشنطن وطهران وبين سعي أمريكا لتصنيف "أنصار الله" من حيث استهداف أحرار العالم الذين يرفضون الإملاءات الأمريكية، ويرفضون صفقة القرن التي كان ترامب يعول على نجاحها لكي يضمن الفوز للمرة الثانية في برئاسة أمريكا".
وتابع: "بالتالي هو ينزعج من محور المقاومة ابتداء بإيران وانتهاء باليمن، الأمر الذي جعله يقود بلاده إلى حماقات ستؤدي إلى فشل أمريكي في قيادة العالم بالبلطجة التي يؤسسها ترامب".
جرائم كبرى
وأشار راشد إلى أن "ترامب آخر من يتكلم عن وصم الدول بالإرهاب، لأنه يمارس الإرهاب علنا بسبب جهله وغبائه السياسي، فمن يعلن أنه أعطى الأوامر لوزير الدفاع الأمريكي السابق باغتيال رئيس الجمهورية العربية السورية، وهي دولة ذات سيادة معترف بها دوليا، فهو الذي يصنف بالإرهابي، حيث تصنف القوانين الدولية اغتيال الرؤساء بالجرائم الكبرى، كما ارتكب ترامب حماقات أخرى في محاولة اغتيال الرئيس نيكولاس مادورو، بجانب اعترافه بأنه من أعطى الأوامر باغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس على أرض دولة ذات سيادة".
وأختتم الخبير الاستراتيجي: "إذا كان الشعب الأمريكي والحزب الجمهوري والمؤسسات الأمريكية قد رشحت ترامب لرئاسة أمريكا وهو لا يعلم هل بريطانيا ضمن حلف "الناتو" أم لا كما جاء في مذكرات مستشاره للأمن القومي بولتون، فعلى ديمقراطية أمريكا التنحي عن قيادة العالم برؤساء جهلة وقتلة في نفس الوقت".
بلا قيمة أو معنى
من جانبه، قال عضو المجلس السياسي الأعلى لـ "أنصار الله" في اليمن محمد البخيتي: "ما يتم تداوله عن سعي إدارة ترامب إلى تصنيف حركة "أنصار الله" منظمة إرهابية، هى مجرد تسريبات وليست تصريحات رسمية، وفي جميع الأحوال نحن لا نخشى أي خطوة أمريكية في هذا الاتجاه".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "ومثل تلك الخطوات لن يكون لها أي قيمة أو معنى، لأن أمريكا تمارس عدوانها وتفرض حصارها على اليمن منذ 6 سنوات، وهذه الخطوة لو أقدمت عليها واشنطن سوف تعزز من وعي الشعب اليمني بخطورة أهداف أمريكا ومشروعها في المنطقة".
وتابع عضو المجلس السياسي: "في الحقيقة أن أمريكا هى من تدعم المنظمات التي تتهمها بالإرهاب، وقد تدخلت أمريكا عسكريا في اليمن لدعم التنظيمات الإرهابية عندما كان الشعب اليمني على وشك القضاء عليها، وتلك الخطوة لن تكون مفيدة لأمريكا وإنما ستفيد اليمن وتعزز من قدراته".
وصنفت الحكومة السعودية "أنصار الله" على أنهم جماعة إرهابية في عام 2014. إذ أن زعيم "الحوثيين" عبد الملك الحوثي يخضع بالفعل لعقوبات فردية من قبل وزارة الخزانة، متهمة إياه بالعمل ضد استقرار اليمن.
وتأتي المناقشات في الوقت الذي يبدو فيه أن احتمالات التوصل إلى تسوية تفاوضية سريعة تشهد تراجعا في خضم الصراع المتصدع بشكل متزايد، والذي أدى إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم وسمح لإيران بزيادة نفوذها في شبه الجزيرة العربية.
ويمكن لأي تصنيف أن يحدث حالة جديدة من الجدل، حيث تم انتقاد التحالف الذي تقوده السعودية بسبب ضربة المدنيين بشكل متكرر من الجو.
وفي مواجهة معارضة غير عادية من الحزبين في الكونغرس، قلصت إدارة ترامب من مشاركتها العسكرية في الصراع على الرغم من الشراكة العسكرية القوية مع المملكة العربية السعودية.
ومنذ مارس/ أذار 2015، ينفذ تحالف عسكري تقوده السعودية وبمشاركة قوات الحكومة اليمنية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، عمليات عسكرية ضد مسلحي جماعة "أنصار الله".
وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/ كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم.
وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.