منذ اليوم الأول للإنفجار حضر الناس من مختلف الجنسيات ومن كل المناطق إلى بيروت للمساعدة بلملة جراحها وجراح أهلها، منهم من ساعد بنقل الجرحى ومنهم من تبرّع بالدم والبعض الآخر ساعد بانتشال العالقين تحت الأنقاض.
لقد شهد لبنان منذ اليوم الأول بعد الانفجار تضامنا إنسانيا وعملا جبارا لتخطي الكارثة، الجميع يعمل كخلية نحل منهم من يجمع المواد الغذائية ومنهم من يوضبها والبعض الآخر يجمع معلومات عن المتضررين لمعرفة إحتياجاتهم وآخرين يعملون على توزيع المساعدات، بالإضافة إلى مئات الشبان والشابات يقومون برفع الأنقاض وكنس الشوارع، ومن ضمن الشباب الذين هرعوا للمساعدة سوريون لم يستطيعوا أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام المشهد الكارثي.
يقول بشار الحمود وهو شاب عشريني من مدينة الرقة ومتطوع سابق في الهلال الأحمر السوري لمراسل "سبوتنك":
كنت ذاهبا إلى محيط المرفأ لتصوير الحريق الكبير، وعند وصولي إلى منطقة مارمخايل وهي من المناطق التي تضررت بشدة وقع الانفجار وتناثر الزجاج في أرجاء المكان، لم أصب بأي جروح ولكن شاهدت عشرات الجرحى، صدمت لساعتين فالإنفجار ذكّرني بالحرب في سوريا".
ويكمل أنه بعد ساعتان بدأ بإسعاف المصابين والمساعدة بنقل الضحايا.
ويقول أيضا أنه في الأيام التي تلت الانفجار أصبح على تواصل مع مجموعة كبيرة من المتطوعين الذين كان يمدهم بالمعلومات عن عوائل بحاجة لتوضيب المنزل، كما أنه عمل على تأمين المساعدات الغذائية وحليب للأطفال عبر المنظمات التي نشطت على الأرض.
يبدي بشار إمتعاضه من تعامل القوى الأمنية معه في بعض الأحيان ويقول: "إنه في بعض الأوقات يسألني أفراد القوى الأمنية عن جنسيّتي وسبب وجودي في منطقة العمل، على الرغم من أن الانفجار لم يفرّق بين الجميع".
أما رشا أوطه باشي وهي فتاة عشرينية من الشام، لم تستطع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام المشهد الذي شاهدته عبر التلفاز وتقول" مستحيل أن أشاهد هذه الكارثة وأبقى في المنزل خلف شاشة التلفاز، هناك شيء ما في داخلي دفعني للنزول والمساعدة".
وتضيف أنها في بادئ الأمر لم تكن تعرف من أين تبدأ، إلى أن تعرّفت على مجموعة متطوعين يعملون كخلية نحل، وتقول أنهم عملوا على تنظيف المنازل المتضررة بالإضافة إلى تقديم مساعدات عينية أولية كالدواء إلى جانب مساعدات غذائية".
تروي رشا أيضا بعض المواقف التي تعرضت لها وواجهتها بابتسامة وتقول " في إحدى المرات كنت في منزل سيدة متضررة لإجراء عملية مسح الأضرار ومن خلال الحديث سألتنا عن أسمائنا وجنسياتنا أنا وصديقي، وبعد إجابة صديقي قلت لها أنني من سوريا ليعم الهدوء المكان وتقول لي "إيه معليه".
وتتحدث رشا عن إحدى المواقف اللطيفة التي حدثت معها وقالت:
"أنه في إحدى المرات دعاني أحد الشبان الذي كان يأخذ قسطا من الراحة في خيمة الإغاثة، إلى المشاركة في إحدى التظاهرات ولكنني عبرت له عن رفضي كونني سورية ولا اتدخل بالسياسة اللبنانية، فعندها قدّم لي إعتذاره عن ما يصدر من عنصرية تجاه السوريين، لقد كان موقفا لطيفا".
وتختم رشا برسالة صغيرة وتقول أن "الإنسانية تجمع جميع الناس من كل الأديان وكل الجنسيات وكل الأطياف، والموت لا يفرق بين أحد، والتعايش مع الجميع ينتج مجتمع صحي، يكفينا حروب و"مش ناقصنا نأذي بعض أكتر".