ويأتي هذا الإعلان بعد رفع الولايات المتحدة لاسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، عقب موافقة الأخيرة على تسوية بعض مطالبات ضحايا الإرهاب من الولايات المتحدة، والقيام بتحويل مبلغ 335 مليون دولار إلى حساب ضمان أمريكي.
وكان وزير الخارجية الأمريكية مايك بامبيو قد طرح إمكانية تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل كشرط لرفع اسم السودان من القائمة، ولكن رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح برهان سأل عن العوائد التي ستجنيها بلاده اقتصاديا بسبب ذلك، وإن كانت الحكومة الانتقالية قد طلبت فصل القضيتين عن بعضهما.
أسباب اقتصادية
تبلغ قيمة الديون الخارجية للسودان 60 مليار دولار، منها 1.3 لصندوق النقد الدولي، كما بلغ التضخم في الاقتصاد السوداني 167% خلال شهر أغسطس/آب الماضي، كما يعاني من هبوط حاد في العملة المحلية، وإن كان قد شهد انتعاشا بعد توقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل.
وكان وجود اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب قد حرمها من التعامل مع المؤسسات المالية الدولية، والاستفادة من المنح والعون التنموي العالمي، ومنع التحويلات البنكية وفرض قيودا على حسابات المواطنين السودانيين، وكل هذه المصاعب زالت برفع اسم السودان من القائمة السوداء.
جاءت أولى بوادر المساعدات الاقتصادية للسودان عبر وزير الخارجية الأمريكي بومبيو، والذي أعلن عن تخصيص مساعدات إنسانية بقيمة 81 مليون دولار، حدد الهدف منها بالتخفيف عن الشعب السوداني المتأثر بالأزمة، معتبرا أن الولايات المتحدة في صدارة الدول التي تقدم مساعدات إنسانية حول العالم.
ولم تنس إسرائيل كذلك التنويه إلى الجانب الاقتصادي بعد عملية التطبيع، حيث غرد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حسابه على تويتر، بأن بلاده تتطلع إلى سلام دافئ مع السودان، وبإرسال إسرائيل إلى أصدقائهم الجدد كما قال نتنياهو طحين بقيمة 5 ملايين دولار.
المنافع المتبادلة
بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، سيحقق السودان وفقا للمراقبين فوائد متعددة من عملية التطبيع ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فسيتمكن من التعاون اقتصاديا مع المؤسسات المالية العالمية، والحصول على قروض ومنح تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور.
بالإضافة إلى ذلك قد تمنح له الاتفاقيات الإسرائيلية فرصا متزايدة للاستثمار في الزراعة وفي غيرها من المجالات، والاستفادة من التقنيات التي أصبح بإمكانه الحصول عليها من إسرائيل أو الولايات المتحدة.
فيما ستكون الفائدة الأكبر بالنسبة لإسرائيل هي الأمن، وذلك بحسب تقرير لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، حيث يذكر بأن السودان يقع على طريق تهريب أساسي للبشر والسلاح والبضائع من شمال إفريقيا، حيث أن الاتفاق يمكن إسرائيل من منع التهريب إلى إسرائيل من تلك المنطقة.
ويتابع التقرير بأن علاقات إسرائيل مع السودان سيمكنها من منع تهريب الأسلحة على مسار السودان مصر غزة، وسيمنع تموضع جهات معادية لإسرائيل على الأراضي السودانية، وإحباط إمكانية إقامة قواعد بحرية لأعداء إسرائيل كإيران وغيرها على شواطئ البحر الأحمر.
مجالات التعاون
يعدد تقرير وزارة الاستخبارات الإسرائيلية المجالات التي يمكن الاستفادة منها بالنسبة للطرفين، ويرى بأن إسرائيل ستتمكن من خلال الاتفاق مع السودان من إعادة المتسللين السودانيين الذي يعيشون حاليا في إسرائيل، بعد الحصول على ضمانات بعدم التنكيل بهم بعد عودتهم.
كما يمكن للطائرات الإسرائيلية توفير الوقت وتخفيض تكاليف الرحلات الجوية إلى دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية، بعد سماح السودان باستخدام مجالها الجوي، بالإضافة إلى اهتمام إسرائيل بتصدير المواد المختلفة إلى السودان نظرا لكون الأخيرة دولة نامية وتملك أسواق واعدة.
فيما ترى وزارة الاستخبارات بأن السودان يمكن لها الاستفادة من إسرائيل في مجال الزراعة، والخبرة الكبيرة التي تمتلكها في الأماكن الجافة وتحلية المياه، وهي أشياء تحتاجها السودان بشدة كون الزراعة أحد أهم الموارد الرئيسية للبلاد.
ويتابع التقرير بأن الصحة أحد المجالات المهمة التي يمكن أن تستفيد فيها السودان من إسرائيل، حيث يمكن لإسرائيل أن تقدم مساعدات واستشارات في هذا المجال، كما يمكن أن تتحول إلى مركز صحي سياحي للنخبة السودانية التي يمكن أن تزور إسرائييل للعلاج.
ويذكر التقرير أيضا حاجة السودان للطاقة حيث يعيش 40% من السكان في أماكن لا تصلها الكهرباء، وهنا يمكن أن تقدم إسرائيل حلولا في مجال أنظمة الطاقة البديلة، والتي تعتمد على الطاقة الشمسية بشكل أساسي، والخبرة الكبيرة التي تملكها إسرائيل في هذا المجال.