بمناسبة توقيع "اتفاقية الجلاء" بين مصر وحكومة الاحتلال البريطاني، وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطابا في ميدان المنشية في الإسكندرية، وبينما هو في منتصف خطابه أطلق صوب عبد الناصر ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدى، نجا عبد الناصر وأصيب شخصان.
اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بارتكاب الحادثة وتمت محاكمة وإعدام عدد منهم، رغم نفي الجماعة لذلك، وترويجها بأنها مجرد تمثيلية من نظام يوليو، للتنكيل بالجماعة.
غير أن المتهمين في المحكمة العلنية "محكمة الشعب" التي أقيمت بعد الحادث، والتي كانت تذاع وقائعها على الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية، قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسؤولية الجماعة عن العملية، بحسب موقع بوابة الحركات الإسلامية.
ورغم هذه الاعترافات الواضحة شكك الإخوان كذلك في حيادية المحكمة، "لكنهم لم يعلقوا على ما ورد على لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في 22و 29 ديسمبر/كانون الأول عام 2006، والذي تفاخروا، من خلاله، بالمسؤولية عن الحادث، وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة"، بحسب الموقع ذاته.
ومؤخرا أذاعت قناة "أكسترا نيوز"، تقريرا عن الحادث استضافت فيه خليفة عطوة، أحد متهمي حادث المنشية، والذي حكى تفاصيل ما حدث، وكيف تم التخطيط للعملية، وقال "طلعنا الساعة 2:20 وركبنا القطر (القطار) من محطة مصر (القاهرة) وبعدين نزلنا الإسكندرية.. وقعدنا فى لوكاندة أسمها السعادة عنوانها معانا".
وتابع أنهم ذهبوا إلى الفندق ولقوا من ينتظرهم وتم تجهيز جميع اللوازم التى يحتاجونها".
وأضاف أن الخطة كانت تشمل منح الإشارة لمحمود عبد اللطيف (المتهم الأول) لاستهداف عبد الناصر بالرصاص، فضلا عن تفجير شاب "النصيري" نفسه بحزام ناسف بعد احتضان عبد الناصر، لكنه لم يفعل أي شئ.
ولفت إلى أن الطلقة الأولى مرت بجانب عبد الناصر، لتستهدف موظفا كان يقف خلف جمال سالم وعبد الحكيم عامر.
ألقي القبض على عدد كبير من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وتم إحالتهم إلي محكمة عسكرية عرفت باسم محكمة الشعب وتعد أولى المحاكمات التي تعرض لها الإخوان منذ نشأة الجماعة عام 1928.
ترأس المحكمة العسكرية جمال سالم وبعضوية كل من حسين الشافعي وأنور السادات وأصدرت حكمها في 4 ديسمبر 1954، بإعدام 7 متهمين بالإعدام شنقاً وهم محمود عبداللطيف ويوسف طلعت وإبراهيم الطيب وهنداوي دوير ومحمد فرغلي وعبد القادر عودة والمرشد العام في ذلك الوقت حسن الهضيبي الذي خفف الحكم عنه من الإعدام إلي الأشغال الشاقة المؤبدة.
وحكم على المرشد العام الأسبق محمد مهدي عاكف حكماً بالأشغال الشاقة المؤبدة قبل أن يتم الإفراج عنه عام 1974 في عهد أنور السادات بعد 20 سنة في السجن، وكذلك عوقب سيد قطب بالسجن 15 سنة وتم الإفراج عنه عام 1964 بعفو صحي بعد تدخل الرئيس العراقي آنذاك عبدالسلام عارف.
وحكم على آخرين بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة المؤبدة.
وذكرت صحيفة "الأهرام" في عددها الصادر بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، أنه بعد مرور أسبوع على الحادثة أن عامل بناء صعيدي يدعى "خديوي آدم" وجد المسدس الذي حاول به محمود عبد اللطيف اغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية، فسافر من الأسكندرية إلى القاهرة "سيراً على قدميه" ليسلم المسدس بنفسه إلى الرئيس جمال عبد الناصر بعد أسبوع من المشي على الأقدام.