أعاد تأكيد وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي، أمام نواب الغرفة الثانية للبرلمان أنه "لا يوجد أي مانع محلي أو دولي من تطبيق عقوبة الإعدام" القضية للجدل العام مرة أخرى.
الوزير قال قبل أسبوع إن الجزائر "حرة وإذا اقتضى الأمر سيتم تنفيذ هذه العقوبة"، وهو ما آثار حالة من التباين الكبيرة في الشارع الجزائري، خاصة أن القضية أثيرت مرات عدة في وقت سابق.
في أكتوبر/ تشرين الأول، أعادت جريمة مقتل "شيماء سدو" القضية للواجهة مرة أخرى، بعد أن تفحمت جثتها بفعل ذئب بشري، قرر التخلص من ضحيته بعد اغتصابها للمرة الثانية للانتقام، وهي البالغة من العمر 19 عاما.
عثر على جثة الضحية متفحمة في محطة مهجورة للوقود في مدينة الثنية في بومرداس "50 كم شرق الجزائر العاصمة"، وهو ما دفع الأغلبية في الجزائر للمطالبة بتنفيذ حكم الإعدام.
ليست قضية شيماء وحدها، حيث سبقها العديد من القضايا المشابهة، التي أثارت نفس ردود الأفعال الغاضبة.
من ناحيته قال عمار خبابه الباحث القانوني الجزائري، إن عقوبة الإعدام سنت في القانون لتحقيق الردع والزجر.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" إن القصاص من القاتل فيه حياة للمجتمع كما ورد في القرآن، وأن الكثير من الأشخاص قد يعدلون عن ارتكاب جرائم القتل مخافة الإعدام.
فيما يتعلق بقانون العقوبات الجزائري، ينص على معاقبة العديد من الجرائم بالإعدام، لكن هذه العقوبة أوقف تنفيذها من قبل رئاسة الدولة منذ 1993، بسبب الوضع الأمني آنذاك.
تصويت الجزائر
تأكد هذا التوقيف مرة أخرى في عام 2007 حين صوتت الجزائر بـ"نعم" على توصية للجمعية العامة للأمم المتحدة 149/62 والتي تقضي بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وكانت يومها البلد العربي الوحيد الذي صوت على هذه التوصية بـ"نعم"، دون الرجوع إلى البرلمان.
وعقد بالجزائر سنة 2009 ندوة إقليمية لتفعيل هذه التوصية خاصة في العالم العربي، ووجدت هذه الندوة دعما قويا من رئاسة الجمهورية، وارتفع صوت المطالبين بإلغاء العقوبة وقدم حزب سياسي علماني "معارض " مشروع قانون في هذا الصدد، لكن وقوع عدة جرائم اختطاف متبوعة بالاغتصاب والقتل أفسد مسعى هذا التيار.
الاعتراف بالجرائم
مثل الجناة حينها أمام المحاكم واعترفوا بجرائمهم وصدرت في حقهم عقوبة الإعدام، لكن لم يتم تنفيذها، وقد شهدت العديد من المدن الجزائرية مظاهرات تطالب بالتنفيذ تحت شعار "القصاص".
في الفترة الأخيرة، وإثر استمرار وقوع هذه الجرائم، يشير خبابه إلى أن السلطة عمدت إلى سن قانون جديد يضبط هذه الظاهرة، وحددت لها عقوبات زجرية في مقدمتها الإعدام.
ينص القانون على جملة من الترتيبات لاحتواء الظاهرة، وصدرت عدة تصريحات من مسؤولين في السلطة تؤكد على أن تنفيذ عقوبة الإعدام أمر وارد في المستقبل.
يستطرد خبابة أن هذه التصريحات لاقت استحسانا وتجاوبا من قبل غالبية أفراد الشعب، على مستوى الأحزاب والجمعيات والشخصيات، إلا أن فئة من الحقوقيين والمثقفين وبعض الأحزاب ترفض الأمر.
في الإطار قال الطاهر بن بعيبش رئيس حزب الفجر الجزائري، إن القاعدة الأساسية هي أن "الجزاء من جنس العمل".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الإعدام ظاهرة بشرية منذ الأزل، بينما هناك ما يتم طبقا للتشريعات، وما يكون خارج القانون.
ويرى أنه لا يمكن إلغاء العقوبة بشكل نهائي، وأن تطبيق الإعدام في حالات معينة، مثل خطف الأطفال، والجرائم الأخرى.
العديد من مرتكبي هذه الجرائم ألقي القبض عليهم وحكم عليهم بالإعدام حسب تأكيد القانوني، إلا أن العقوبة لم تنفذ حتى الآن، ويرى أن هذا التقصير يسجل على السلطات العمومية، حيث أن تنفيذ العقوبة مجمد منذ عام 1993.
وقف التنفيذ
العديد من مرتكبي هذه الجرائم ألقي القبض عليهم وحكم عليهم بالإعدام حسب تأكيد القانوني، إلا أن العقوبة لم تنفذ حتى الآن، ويرى أن هذا التقصير يسجل على السلطات العمومية، حيث أن تنفيذ العقوبة مجمد منذ عام 1993.
ودعت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، أكتوبر الماضي ، الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى مضاعفة جهودها لمنع الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، وإلى تحسين وصول الضحايا إلى العدالة والتعويض، وإجراء تحقيقات جنائية فورية وملاحقة الجناة.
وأكّدت باشيليت أن "الحجة الأساسيّة الكامنة وراء فرض عقوبة الإعدام هي أنها تمنع الاغتصاب، ولكن ما من دليل في الواقع على أنّ عقوبة الإعدام تردع الجريمة أكثر من أشكال العقوبات الأخرى.
وتشير الأدلّة إلى أن حتميّة العقوبة تردع الجريمة، لا شدّتها. ففي معظم البلدان حول العالم، تكمن المشكلة الأساسيّة في أنّ ضحايا العنف الجنسي لا يمكنهم الوصول إلى العدالة أصلاً، سواء أكان ذلك بسبب وصمة العار، أو الخوف من الانتقام، أو القوالب النمطية الجنسانية الراسخة، أو اختلال توازن القوى، أو النقص في تدريب الشرطة والقضاة، أو القوانين التي تتغاضى أو تبرر أنواعًا معينة من العنف الجنسي، أو عدم حماية الضحايا".