وأظهرت زيارة الوفد العسكري الإسرائيلي الأخيرة إلى السودان الانقسام الواضح بين مكونات الحكومة الانتقالية المدنية والعسكرية، ففي الوقت الذي نفت فيه حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك علمها بزيارة الوفد الإسرائيلي ومهمته والجهة التي سيلتقيها، أشارت الأصابع إلى المكون العسكري بالوقوف مع الزيارة وترتيبها، دون علم المكون المدني.. فما هي أهداف تلك الزيارة ومن يقف ورائها؟.
القيادي في قوى المقاومة السودانية محمد صالح رزق الله قال إن هناك حالة من الفوضى والازدواجية في اتخاذ القرار داخل البلاد، الأمر الذي يعني أن بعض الزيارات واللقاءات قد تجري دون علم من الطرف الآخر.
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك": لدينا في السودان إشكال كبير جدا في الوقت الراهن يتعلق بـتوزيع أو تضارب السلطات بين ما يسمى بمجلس السيادة والحكومة الانتقالية، حيث نجد أن هناك ارتباك وتداخل في الصلاحيات وإنكار للمسؤولية، على سبيل المثال فإن ملف العلاقات الخارجية هو المسؤول عن مثل تلك الزيارات "زيارة الوفد العسكري الإسرائيلي"، لكن في السودان المسألة غير واضحة تماما، وحتى العلاقة مع إسرائيل بغض النظر عمن يوافق عليها أو يرفضها، من الطبيعي أنها كانت تتم عن طريق القنوات الأساسية والتي تمثلها وزارة الخارجية.
فوضى وعدم تنسيق
وأشار رزق الله إلى أن: سبب النفي المتكرر من الحكومة ثم الإقرار بتلك الزيارة ربما يعود إلى أن الحكومة قد تكون على غير علم بتلك الزيارة، لأن هناك طرف آخر يحكم في البلاد، أي أن هناك حكومة داخل حكومة، حيث أن المجلس العسكري داخل مجلس السيادة يتصرف كأنه حكومة، وهناك تداخل في الصلاحيات، بل أن العسكريين تجاوزوا صلاحياتهم، وبعد أن كان مجلس السيادة عبارة عن مجلس تشريفي أصبح الآن مجلس تنفيذي.
وتابع القيادي بالمقاومة: علينا أن نتذكر أن البرهان هو أول من سافر لمقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، كما يقوم بالعديد من الزيارات الخارجية وهذا ليس من اختصاصه أو عمله، بكل وضوح "نحن لدينا فوضى في السودان"، لذا فمن الصعب أن تحدد المسؤول عن ملف معين، لذا فإن زيارة الوفد الإسرائيلي لبعض المناطق العسكرية قد لا يكون لدى الحكومة علم بها، حيث قاموا بزيارة مناطق التصنيع العسكري وهي تحت سيطرة الجيش ومجلس السيادة.
أهداف الزيارة
وأوضح أن: السياسيين في السودان ليس لديهم علاقة بإسرائيل والدولة حتى اليوم هي دولتين، هناك المجلس العسكري الذي يسيطر على مقدرات البلاد، وكما قال رئيس الحكومة عبد الله حمدوك إن 85 في المئة من دخل البلاد لا تمتلكه وزارة المالية، بل تمتلكه الشركات التابعة للجيش وهذه لا تدخل في حسابات الدولة، فالمسألة ليست في زيارة إسرائيل لأن هناك زيارات كثيرة تتم وسط هذا التخبط.
وحول أهداف زيارة الوفد العسكري الإسرائيلي في هذا التوقيت قال رزق الله إن: إسرائيل تهدف من وراء تلك الزيارة إلى تثبيت العلاقة وتثبيت أن السودان أصبحت دولة لها علاقة وطيدة وعميقة مع تل أبيب حتى على المستوى العسكري، كما أن تلك الزيارة تعطي شرعية للجانب العسكري في الحكم بأنه أصبح يمتلك علاقة مع الدولة المتحكمة في المنطقة وأنه يتعامل معها عسكريا، لكنني متأكد أن الإسرائيليين لن يستفيدوا كثيرا من السودان سواء كان على المستوى العسكري أو السياسي.
ولفت القيادي بالمقاومة إلى أن إسرائيل تساعد دول الترويكا الأوروبية من أجل تثبيت الهبوط الناعم في السودان والإبقاء على الطرف الذي تريده لبناء علاقات اقتصادية وعسكرية.
تعتيم مقصود
من جانبه، قال المحلل السياسي السوداني الدكتور ربيع عبد العاطي: فيما يبدو أن أي علاقة مع إسرائيل سواء كانت تجارية أو ذات طابع عسكري أو أمني أو سياسي، إذا تم كشف النقاب عنها، هم يعلمون تماما في الجهاز التنفيذي انها ستلاقي رفض ورد فعل عنيف جدا من جانب الشعب السوداني، لذا تم التعتيم على تلك الزيارة التي قام بها الوفد العسكري الإسرائيلي تماما.
وأضاف لـ"سبوتنيك": أما ما تم من كشف عن تلك الزيارة بعد أيام على لسان المتحدث باسم مجلس السيادة يشير إلى انعدام التنسيق بين الجهات الحاكمة سواء كان مجلس السيادة أو الحكومة الانتقالية والأحزاب الحاضنة لها، وتصريح عضو مجلس السيادة يعد من التفلتات التي تحدث ربكة بين الأجسام الحاكمة، وهو أمر واضح جدا يؤكد على أن هناك عدم تفاهم وتنسيق وانسجام بين تلك الجهات التي تتسيد المشهد السياسي.
اختفاء الشفافية
وتابع المحلل السياسي: هذا الوفد العسكري لم يكن وفدا مكشوفا بالنسبة للشارع ولا بالنسبة للأجهزة الإعلامية نظرا للمخاوف التي يخشاها مجلس السيادة من الآثار السلبية التي يتوقع أن تأتي من وراء تلك الزيارات، خاصة أن كلمة التطبيع قد اختفت تماما من المشهد السياسي والمشهد الإعلامي.
وشدد عبد العاطي على أن: أمر التطبيع أو العلاقة مع إسرائيل لن يكون أمرا سهلا ولن يكون الطريق ممهدا بالنسبة للجهاز السيادي والجهاز السياسي أو التنفيذي، وغير مقبول من جانب الشعب السوداني، لذا أتوقع أن يواجه هذا الموضوع الكثير من العقبات ولن يتحقق الأمل في ذلك التطبيع.
أكد المتحدث باسم مجلس السيادة السوداني محمد الفكي خلال حواره مع صحيفة "حكايات" السودانية، زيارة وفد إسرائيلي عسكري لبلاده، الأسبوع الماضي.
ويأتي تصريح عضو مجلس السيادة والمتحدث باسمه كأول تأكيد رسمي على تلك الزيارة، والذي أضاف أن الوفد الإسرائيلي التقى شخصيات عسكرية، وناقش معها قضايا في جوانب محددة، لا يمكن الحديث عنها في الوقت الحالي.
وتابع: أجرى الوفد زيارة لمنظومة الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة السودانية والتقى فيها بعسكريين، لكن اللقاء لم يناقش أي جانب من جوانب العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب.
وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توصلت الخرطوم وواشنطن لاتفاق يقضي بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل دفع 335 مليون دولار كتعويضات لأسر ضحايا الهجوم على المدمرة كول في سواحل اليمن عام 2000، وأُسر ضحايا تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام في 1998.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لاحقا، إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب"، التي وضعتها عليها واشنطن في أغسطس/آب 1993 بعد اتهامها بدعم وإيواء مجموعات إرهابية، كما تم الإعلان عن توافق بين الخرطوم وتل أبيب على التطبيع في العلاقات بين الجانبين.
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.