وقالت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية (حكومية) في تقرير، إن معدل البطالة خلال الربع الثالث من 2020 بلغ 23.9% بارتفاع مقداره 4.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وقال مراقبون إن "البطالة مشكلة يعاني منها الأردن منذ سنوات وتحديدًا منذ عام 2016، وأن الجائحة زادت من حدتها"، مؤكدين أن "ثمة مجموعة من الإجراءات العاجلة التي يجب القيام بها لتخفيف هذه المعدلات".
معدلات مرتفعة
ويشير التقرير الحكومي إلى أن معدل البطالة بين النساء 33.6% بارتفاع 6.1% مقارنة بالربع الثالث من العام الماضي. وكان معدل البطالة مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية حيث بلغ 27.7% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.
وتشير المعطيات إلى أن 53.1% من العاطلين عن العمل في الأردن هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، فيما كانت مؤهلات 46.9% من العاطلين أقل من الثانوي.
وسُجل أعلى معدل للبطالة في الفئتين العمريتين 15-19 سنة، و20-24 سنة، حيث بلغ المعدل 53.1% و45.0% لكل منهما على التوالي.
وتصدرت الطفيلة (جنوب) أكثر محافظات المملكة تفشيا للبطالة بنسبة بلغت 28.5%، بينما جرى تسجيل أدنى معدل للبطالة في محافظة الكرك (جنوب) بنسبة بلغت 18.4%.
وبحسب المعطيات ذاتها، فإن غالبية العاملين (85.6%) هم مستخدمون بأجر (83.1%) للذكور مقابل (96.5%) للإناث.
مشكلات متنوعة
لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، قالت إنه "منذ نحو عشر سنوات ونسبة البطالة في الأردن بارتفاع مستمر، وعلى الرغم من محاولات تخفيض هذه النسبة إلا أن واقع الحال ينذر بالعكس، وخلال هذه الفترة كانت مشكلة البطالة عناوين رئيسية لأصحاب القرار وأهم أولويات الحكومات المتعاقبة قولا فقط".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "اكثر من خمس حكومات وضعت ضمن أولويات عملها محاولة تخفيض نسبة البطالة وفي نهاية كل عام يكون العكس وذلك يرجع لعدة أسباب، أهمها تناسي الحكومة الزيادة المضطردة في عدد السكان سواء الأردنين أو ارتفاع أعداد اللاجئين خاصة خلال العقد الأخير، وأصبحت مطالبة ليس فقط بتوفير فرص عمل لمواطنها بل وللاجئين، مقابل الدعم المقدم لهم".
وتابعت: "من جانب آخر أساس خلق فرص العمل هو القطاع الخاص، بحيث تمكن الاستثمارات القائمة وتقوم بجذب استثمارات جديدة، إلا أن هناك عدة عوامل حدت من هذا الأمر أولها عدم ثبات التشريعات، وارتفاع تكاليف التشغيل على سبيل المثال الكهرباء والماء، وارتفاع نسب الضرائب على الأعمال، وارتفاع تكاليف المعيشة في الأردن، وكل هذه الأمور كانت منفرة نوعا ما لعدد من الاستثمارات التي وإن وجدت كانت في أحيان كثيرة على نطاق ضيق".
وأكدت أن "الحكومات المتعاقبة لم تفكر بتغيير مواصفات الوظائف مع التطور التكنولوجي ولم تتحضر للطلب على وظائف جديدة لا يوجد من يشغلها، فلم يزل الأردن حتى الآن يفكر في تغيير التخصصات الجامعية لتتناسب مع متطلبات السوق وهذا الأمر لم يحدث، فهناك تكدس كبير جدا في العاطلين عن العمل لتخصصات أصبحت غير مطلوبة في أسواق العمل على اختلافها".
واستطردت: "تدرك العديد من دول العالم حتى المتقدمة منها أهمية المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأنها بشكل أو بآخر توفر فرص عمل خاصة لمن لا يملكون مهارات عالية، إلا أنه في الأردن هناك العديد من التعقيدات التي تقوض قدرة الفرد على الاستدانة لأقامة مشروعه الصغير أو المتناهي الصغر، وحتى وإن حصل على القرض المتواضع فان تكلفة إعادته تكون مرتفعة وشروط سداده قاسية".
وأشارت إلى أن "عدم تشجيع المواطنين على ممارسة المهن والتي لا تحتاج لشهادات عليا، وبالتالي فإن هذه الفرص الوظيفية متوفرة فيما لا يوجد العدد الكافي من مراكز التدريب المهني كما لا تعمل الحكومة على رفع الوعي لدى المواطنين بأهمية هذا الأمر".
تحديات كبيرة
من جانبه قال حمادة أبو نجمة، أمين عام وزارة العمل الأردنية، والخبير الدولي في قضايا العمال، إن "تفاقم مشكلة البطالة في الأردن بدأ قبل الجائحة وبالتحديد منذ نهاية عام 2016 ليصل معدل البطالة في نهاية 2019 إلى مستوى تاريخي غير مسبوق حين بلغ 19.1%".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "أهم التحديات أمام الحكومات في موضوع البطالة تمثلت في تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم، وضعف العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل، إضافة إلى إتجاهات الطلب على الأيدي العاملة التي لا تنسجم مع احتياجات الباحثين عن العمل، وعدم انسجام سياسات التعليم وخاصة التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل، في ظل تدني مستويات التدريب المهني وغياب الدعم اللازم لتطويره".
وأكد أن "صعوبة هذه التحديات فاقمها عدم تفعيل برامج دعم التشغيل بالتعاون مع القطاع الخاص التي كانت تنفذ قبل عام 2016 وتوقفت دون أي مبررات، ويشكل موضوع البطالة جزءا هاما من المشكلات الهيكلية اﻷخرى في اﻷردن".
حلول مطلوبة
وأشار أبو نجمة إلى أن "معالجة مشكلة البطالة يرتبط بحلول هذه المشكلات وبشكل خاص تعزيز تنافسية القطاع الخاص، وتصحيح الاختلالات في النظام التعليمي بكافة مستوياته، وتطوير التعليم والتدريب المهني والتقني ومخرجاته، وتنمية بيئة الأعمال، والحد من النظام الريعي للدولة، وتمكين المرأة في كافة المجالات، ومعالجة مشكلة النقل العام التي تتسبب في إعاقة انتشار الإستثمارات جغرافيا وفي قدرة العمالة على التنقل بين المحافظات".
وتابع: "مشكلة البطالة تتطلب توجيه جميع الجهات المعنية لتنفيذ السياسات والبرامج ذات العلاقة بالحد من البطالة، والتركيز على وضع خطة طوارئ يشارك فيها القطاعين العام والخاص تتضمن العمل بصورة عاجلة على التصدي لكافة التحديات ذات العلاقة بسوق العمل، والاختلالات في السياسات الاقتصادية والتعليمية ذات الأثر في زيادة معدلات البطالة، وتنفيذ برامج (تدريب وتشغيل في مواقع العمل) جادة وعاجلة وممولة بسخاء لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المتعطلين بتدريبهم وإعادة تأهيلهم وتوجيههم مهنيا وإدماجهم في سوق العمل، وفي نفس الوقت تفعيل العمل بالاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي كان من المفترض أن يستمر العمل بها إلى عام 2021 ومن ثم تقييم نتائجها بهدف تحديثها وإعدادها لمرحلة تالية".
واستطرد: "كما يتوجب العمل على توفير الحماية الاجتماعية لكافة العاملين ومنهم العاملين في الاقتصاد غير المنظم الذي يقدر حجمه بحوالي 26% من الاقتصاد الأردني، وتشكل العمالة فيه (48%) من العاملين يعاني معظمهم من ظروف عمل صعبة ومن ضعف الحمايات القانونية أو انعدامها، وأن يتم في ذلك التركيز على المبادرات التي تحد من البطالة وتنظيم سوق العمل لاستيعاب الداخلين الجدد، والأخذ بعين الاعتبار جميع فئات وأطياف المجتمع كذوي الإعاقة والنساء والشباب، واستهداف كل منها ببرامج تخدمهم وتستثمر طاقاتهم".
وأشار إلى أنه "في ظل الجائحة وآثارها يتوجب على الحكومة أن تعمل على جملة من الحلول، وبشكل خاص حفز الاقتصاد ودعمه لزيادة الطلب على الأيدي العاملة باستخدام الأدوات المالية المتاحة وتخفيف عبء الديون والالتزامات المالية الأخرى كالرسوم والضرائب، وتخصيص حزمة برامج إنقاذ سخية تتضمن مساعدات فورية للشركات للحفاظ على فرص العمل، والتوسع في القروض التي تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإلغاء الشروط والقيود والإجراءات التي أدت مؤخرا إلى صعوبات في وصولها إلى الدعم الذي تحتاجه، والتركيز على القطاعات الأكثر تضررا، كشركات السياحة والسفر والمطاعم والصناعات التصديرية".
والخميس الماضي، قالت مؤسسة موديز العالمية، إن فيروس كورونا قد فاقم تحديات الدين العام في الأردن، وتسبب بزيادة الدين العام، وساهم في زيادة نسبة البطالة والنمو الضعيف.
وتوقعت "موديز" أن تستمر التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني من ضعف النمو وارتفاع معدلات البطالة خلال السنوات المقبلة، وانكماش الاقتصاد الأردني بنسبة 3% العام الحالي، وأن تصل البطالة إلى ضعف الرقم المعلن.