موسكو- سبوتنيك. جاء ذلك بعد أن تم نشر "رسالة إلى الجزائر" على مواقع التواصل الاجتماعي في 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بدعوى أنها موقعة من عائشة القذافي والتي تشير بشكل خاص إلى ظروف فرار أقارب القذافي إلى هذا البلد المجاور، وأشادت فيه بالجزائر وشعبها العظيم.
حيث تناولت بعض وسائل الإعلام الوطنية هذا النص على أنه فعلا من توقيع عائشة القذافي، وجاء في النص أن معمر القذافي نصح ابنته في مغادرة الأراضي الليبية مع أفراد عائلتها واللجوء إلى الجزائر.
تعود الوقائع إلى ربيع عام 2011 ، خلال الغارات الجوية التي نفذتها بعض دول الناتو على مواقع القوات التي ظلت موالية لمعمر القذافي، ولا سيما مقر باب العزيزية، أحد أماكن الإقامة الرئيسية لعائلة الزعيم الليبي السابق.
وجاء في نص الرسالة المنسوبة إلى عائشة القذافي:
"عندما قصف الناتو بلدي وهدم باب العزيزية، فررنا إلى سرت لأنها مسقط رأس والدي، لكن الخونة تبعونا، هربنا إلى بني وليد التي قاومت كثيرا، ووعدنا شيوخ القبائل هناك بأنهم سيموتون من أجلنا(...)".
وتابع الخطاب: "قلنا لوالدي أن الأمر متروك له ليقرر أين يجب أن نذهب وأننا نتفق دون تردد. تنهد عدة مرات ثم قال: "أذهب إلى الجزائر، أذهب إلى الجزائر، لم أر منهم أي ضرر طيلة خمسين عاما! في الجزائر ستعيشون أحرارا".
سلاح الدمار الشامل
في الواقع، جاء هذا النص من قبل كاتبه المزعوم كدليل على التضامن مع الشعب والقادة الجزائريين في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها الجزائر في أعقاب تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. وبحسب ما قاله معمر القذافي، في الرسالة المنسوبة لابنته : إن "الجزائر بلد لديه القدرة على مقاومة القوى الغربية".
وتابع: "الجزائر لن تسلمكم إلى الناتو ولن يجرؤ الناتو على دخول الجزائر، أنا متأكد !! تمتلك الجزائر سلاح ردع شامل منذ عام 1973، وقد أتاحته للدول العربية خلال حرب أكتوبر ضد إسرائيل. لكن الخونة العرب أبلغوا أمريكا وإسرائيل عن ذلك الأمر الذي جعل الجزائر تنفي ذلك! الجزائر لن تسلمك إلى محكمة العدل الدولية أو إلى أي دولة أو منظمة طلبت ذلك!".
هل يمتلك الجيش الجزائري سلاحا نوويا ويستخدمه وسيلة ردع مع إخفاء وجوده؟ حكاية تشوه صحة هذه الرسالة التي انتشرت كالنار في الهشيم على الشبكات الاجتماعية الجزائرية.
وأكد مصدر من عائلة معمر القذافي، في اتصال مع سبوتنيك، أن هذه الرسالة إلى الجزائر خاطئة وأن عائشة القذافي لم تكتب هذه الرسالة.
وقال: إن "هذا النص مليء بالأكاذيب. كل من يعرف أحداث ليبيا عام 2011 يعلم أن هذه الرسالة خاطئة ".
وهكذا لم يتمكن خميس القذافي، الابن الأصغر لمعمر القذافي، من مناقشة خطة الطيران مع والده منذ وفاته خلال الأسبوع الأول من الضربات الجوية للتحالف الدولي، على عكس ما ورد في النص.
وأوضح المصدر لسبوتنيك، بأن "كل ما قيل عن خميس كذب، نفس الشيء بالنسبة لعائشة وأمها اللتين لم تلجآ إلى سرت، كما يقول كاتب هذه الرسالة، فقد منعهم معمرالقذافي من الذهاب إلى مسقط رأسه. بل ذهبوا مباشرة إلى بني وليد (180 كلم جنوب غرب طرابلس) مع هانيبال خامس الأشقاء وزوجته. ثم انضم إليهم محمد، الابن الأكبر للقذافي، وزوجته وأطفاله ووالدته (الزوجة الأولى لمعمر). وفي نهاية أغسطس/آب 2011، تمكن أفراد أسرة مهمر القذافي من عبور الحدود الجزائرية للاحتماء في بلدة جانت".
الجزائر في وضع حرج
وافقت السلطات الجزائرية على استقبال أسرة القذافي لأسباب "إنسانية بحتة".
أبلغنا الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس المجلس التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي (CNT)، ثم حدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية:
"عائشة، التي اضطرت إلى الولادة بشكل عاجل، كانت في الواقع العامل الإنساني الرئيسي. في 30 أغسطس/ آب، أنجبت صفية جانت تكريما للمدينة التي رحبت بها مع عائلتها. بعد الولادة، بقيت الأسرة بأكملها لمدة أسبوعين في مسكن تابع لشركة عامة جزائرية كبيرة. ثم تم نقل القذافي إلى وهران، في منزل الرئيس السابق الشاذلي بن جديد".
"لكن كل هذا تغير بعد بضعة أسابيع. ففي نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وبعد مشاهدة صور مقتل معمر القذافي، أدلت ابنته بتصريح على قناة الرأي السورية لدعوة الليبيين إلى الانتفاض ضد "خونة المجلس الإنتقالي".
فالإفراج الإعلامي عن عائشة أثار غضب الجزائر، ليقرر المسؤولون الجزائريون حرمان جميع أفراد الأسرة من هواتفهم المحمولة وجميع وسائل الاتصال الأخرى".
يقول المصدر المقرب لعائلة القذافي: إن "أعضاء بارزون في عائلة القذافي كانوا يواجهون المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية. وقد صدرت أوامر للعائلة بأكملها بالتوقف عن التحدث إلى الصحافة، وهو شرط لا غنى عنه للاستمرار في التمتع بضيافة وأمن البلد المضيف".
وأضاف: "الأسرة وجدت نفسها معزولة"، إلى أن تدخل فرد من أقارب القذافي المؤثرين تمكن من التفاوض بشأن اللجوء في سلطنة عمان".
سيف الإسلام يستعد للعودة إلى السياسة
فرض السلطان قابوس بن سعيد شروطه أيضا مقابل العيش في أمن وسلام وقد قبل أفراد أسرة القذافي شرط أن لا تصريح صحفي ولا سياسة،، حيث غادروا كل من عائشة، وهانيبال وعائلته ووالدتهم إلى مسقط على متن طائرة السلطان الشخصية. لكن محمد الابن الأصغر قرر البقاء في الجزائروالذي لايزال إلى غاية الآن مطلوبا من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وبعد مرور بعض الوقت، سافر هانيبال، أخيرا مع زوجته إلى لبنان.
ومنذ ذلك الحين، ظل أفراد عائلة القذافي حذرين للغاية، أما شقيقهم سيف الإسلام القذافي، الذي قدم على أنه خليفة والده على رأس الجماهيرية الليبية، فهو أقل حذرا بكثير. فقد تم اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 من قبل ميليشيات من منطقة زنتن الواقعة غربي ليبيا، وحكمت عليه المحكمة في طرابلس في يوليو / تموز2015، بالإعدام غيابيا. وبعد ذلك بعام، قرر سجانوه من زنتن إطلاق سراحه.
فقد عمل سيف الإسلام بشكل مكثف مع العدالة الفرنسية في قضية التمويل الليبي لحملة الرئيس ساركوزي الرئاسية عام 2007. ولا يزال متفائلا ويأمل أن تنتهي إجراءات المحكمة الجنائية الدولية قريبا. لكنه لم يظل مكتوف الأيدي منذ أن انخرط في أعمال توعية حقيقية مع العديد من القبائل الليبية.
وأكد مصدرنا أن سيف الإسلام، نجح خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، أيضا في إنهاء نزاع بين عائلتين في بلدة سبها (جنوب ليبيا).
وحسب محاور سبوتنيك، فعودة سيف الإسلام إلى السياسة ليست من نسج الخيال، "إنه يستعد بنشاط. إنه يعتقد أنه الشخص المناسب الذي يمكنه وضع ليبيا على طريق المصالحة ".
وفي طرابلس، لا يبدو أن هذا يمثل مشكلة تحسبا للانتخابات العامة المقرر إجراؤها نهاية العام المقبل. فالكلمة الأخيرة ستذهب إلى الشعب الليبي، المؤهل الوحيد لقبول عودة وريث معمر القذافي "سيف الإسلام".