الكاتب الصحفي عماد مرمل، من بين المراقبين في الأوساط الإعلامية الذين تناولوا الواقعة في مقال له بصحيفة "الجمهورية" اللبنانية.
واعتبر مرمل أن الفيديو "المدوّي" ألهب :"أزمة الثقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، ورفدها بمواد مشتعلة، من شأنها أن تضفي تعقيدات إضافية، ليس فقط على ملف تشكيل الحكومة بل أيضا على العلاقة الشخصية بين الرجلين".
وأضاف مرمل:" بمعزل عمّا إذا كان عون قد تعمد تسريب اتهامه للحريري بالكذب أم لا، فإنّ الأكيد هو أنّ رئيس الجمهورية أفصح عمّا يختلج في داخله، وعبّر عن حقيقة رأيه في سلوك الرئيس المكلّف".
ورأى الكاتب أن الكبرياء الشخصي والسياسي كان يجب أن يدفع الحريري، من حيث المبدأ، إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة، إلا أن مرمل اعتبر أن هناك أسبابا ستمنعه من الإقدام على هذه الخطوة.
وقال إن من بين هذه الأسباب، "دافع النكاية" برئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، معتبرا أن الحريري "لا يريد أن يريحهما منه بهذه البساطة، ويمنحهما انتصارا سياسيا عليه، بعدما أصبح مقتنعا بأنّهما يسعيان الى إحراجه لإخراجه".
وفي مقال بصحيفة "اللواء" اللبناني تناول الكاتب الصحفي حسين زعلوط هو الآخر الواقعة، بطرح بتساؤلات حول تداعياتها على مصير الحكومة العتيدة، وإمكانية التعايش ولو بالمساكنة بين الرئيس عون والرئيس الحريري في حكومة جديدة؟
واعتبر زعلوط أن القراءة الأوّلية لما حصل "تذهب في اتجاه الجزم بأن كل المساعي التي جرت في الأيام الماضية لوصل ما انقطع بين قصر بعبدا وبيت الوسط وبالتالي الذهاب باتجاه تقريب المسافات بين الرجلين للوصول إلى توليفة حكومية تخرج البلد من النفق قد تبخرت وعادت الأمور إلى ما دون الصفر".
رؤية الكاتب الصحفي ميشال نصر بشأن مصير الحكومة المرتقبة، إثر تسريب فيديو عون، لم تختلف عن رؤية زعلوط.
وفي مقال له بموقع "لبنانيون ديبايت"، قال نصر: "مِن الآخر ومن دون مقدمات، الحكومة في خبر كان، من حيث الشكل عن سابق إصرار وتصميم".
وأضاف قائلا: "بعدما وصلت الأمور إلى ما وصلت اليه، بات واضحا أن المسألة لم تعد أزمة ثقة، بل مسألة شخصية بامتياز، تؤشر إلى أنه وفيما لو نجحت المشاورات والوساطات، التي بدأت، في ترميم العلاقة بين الطرفين، فإنها بالتأكيد ستكون على زعل، ما يعني أننا سنكون أمام حكومة محكومة بالتعطيل أيا كان عمرها".
فيما ركز الكاتب غسان جرمانوس في الموقع ذاته على زيارة الحريري التي تزامنت مع تسريب الفيديو إلى تركيا، إذ قال "فور صدور تسريبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، نشرت محطّة الجديد خبراً مفاده انها تلقت معلومات بأن الحريري قد ذهب الى تركيا بتكليف سعودي اماراتي للعب دور "وساطة"، لكن، هل تحتاج المملكة الى "وساطة" سعد؟ ولماذا تم نشر خبر محطة الجديد مباشرةً بعد "التسريبة" وليس منذ يومين لحظة حصول زيارة الحريري الى تركيا؟ قد يكون الحريري قد سرّب هذا "الخبر" من خلال الجديد للتبرير ولتغطية السبب الحقيقي للزيارة!".
وقالت صحيفة الجمهورية في مقالة بعنوان "نية التعطيل.. ظاهرة من البداية!" إنه بعد "الفيديو المسرّب"، تشير الاوساط القريبة من الحريري، إلى أن "هذا الفيديو بما تضمنه من كلام مهين، ومجاف للحقيقة، جاء تتويجا للمسار التعطيلي الذي ينتهجه فريق رئيس الجمهورية، علما أن كل الناس تعلم علم اليقين من هو المعطّل الذي يسعى الى فرض شروطه للإمساك بالحكومة والتحكم بقراراتها وتوجهاتها، ومن هو المسهّل لتشكيل حكومة مهمة تبدأ عملية الإنقاذ وتشرع في اعادة اعمار بيروت. وتبعا لذلك، فإن الرئيس المكلّف قد وضع مسودة حكومته، وتنتظر التوقيع، وإذا كان ثمة من يمنّي نفسه بأن الرئيس المكلف قد يبادر إلى الاعتذار، فهذا الأمر غير وارد على الإطلاق، وهذا الأمر لن يراه من يدفع إليه، إلا في الأحلام".
ويوم الاثنين الماضي نشرت إحدى محطات التلفزيون اللبنانية، تصريحا مثيرا سجل خلال تصوير لقاء بين الرئيس اللبناني، ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
والتقط الفيديو، خلال اجتماع جمع عون بدياب قبيل جلسة المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، وقد سأل دياب عون:" وضع التأليف كيف صار فخامة الرئيس"، فرد عون قائلا: "لا يوجد تأليف.. قال أعطاني ورقة، عم يكذب، عمل تصاريح كاذبة، وهلا ليك قديش غاب، ليك حظهن اللبنانيين، وهلا راح ع تركيا ما بعرف شو بيأثر".
وفي أول رد فعل له، استعان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، بنصوص من الكتاب المقدس للرد على ما جاء في فيديو مسرب للرئيس اللبناني ميشال عون.
وكان الحريري قد تعهد لدى اختياره رئيسا للحكومة للمرة الرابعة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بتشكيل حكومة سريعا، تكون قادرة على إحياء خارطة الطريق الفرنسية. لكن الخلافات السياسية القديمة عرقلت محادثات تشكيل الحكومة في وقت تتجه فيه البلاد نحو ما تحذر وكالات الأمم المتحدة من أنه سيكون "كارثة اجتماعية".