موفق الخاني... سوريا تودع ألف ياء إعلام المعلومة... صور وفيديو

يودع الوسط الإعلامي في سوريا، اليوم الثلاثاء، أحد أبرز الإعلاميين في تاريخ البلاد... إعلامي حُفرت نبرة صوته الهادئة والرزينة في ذاكرة المواطنين السوريين كأحد أبرز المصادر الترفيهية والقيّمة للمعلومات.
Sputnik

موسيقى مقدمة برنامج "من الألف إلى الياء" الذي قدمه الإعلامي الراحل موفق الخاني، ما زالت تدغدغ وجدان المشاهد السوري الذي انتظر هذا البرنامج مع مقدماته الغنية والشهيرة، وبلغته العربية المتقنة التي طعّمها الخاني بصوته الجميل، ليأسر اهتمام المشاهد في رحلة قصيرة في عالم المعرفة مع كل حلقة جديدة.

المقدمة التي اعتاد الخاني على قراءتها من ورقة مكتوبة بخط اليد بين يديه، لم تكن مجرد مقدمات عدّت لبرنامج، بل كانت، وفي كل حلقة من حلقاته، بمثابة مفتاح للدخول إلى عقل المشاهد السوري والعربي، يفتح من خلالها بابا لعقولنا لكي تتقبل المعلومة الجديدة التي طرحها الخاني بعد بحث طويل.

"قصة المخترعات والمخترعين هي قصة الحضارة البشرية، إنها قصة التطور الذي أسعد الناس ويسر الحياة، لقد جاء وقت كان الناس ينظرون فيه إلى الأفراد الذين ينكبون على الأسلاك أو الأنابيب، على أنهم قد فقدوا عقولهم، لكننا اليوم نتقبل هذه النتائج على أنها ثمار العبقرية"، هذه المقدمة التي اقتبسها الخاني لإحدى حلقاته، من كتاب "أشهر المخترعين ومخترعاتهم" للكاتب فليتشر برات، هي مثال واحد، لإحدى مقدمات البرنامج الذي كان الخاني يستهلك من أجلها جهدا كبيرا في الإعداد والمونتاج والتقديم في ظل عم وجود الإمكانات الحالية المتطورة.

إعداد البرامج في ذلك الوقت، الذي برع فيه الخاني، مختلف بشكل جذري عن شكله الحالي، حيث يحتاج المعد إلى قراءة واسعة وعميقة وبحث كبير ومستفيض بين رفوف المكبات وأرواق الكتب، التي يقدمها اليوم متصفح "غوغل" بشكلها المغلوط أحيانا... والناقص أحيانا أخرى.

ويعتبر برنامج "من الألف إلى الياء"، بكم المعلومات التي قدمها للمشاهد السوري، في ذلك الوقت، وفي ظل عدم وجود شبكات الإنترنت، من أغنى البرامج من حيث القيمة العلمية وكم المعلومات المقدمة في الحلقة الواحدة، التي استطاع الخاني بأسلوبه الماهر والفني "الرفيع" أن يجذب من خلاله الصغير قبل الكبير، حيث كان عقل الإنسان في ذلك الوقت، يسمع المعلومة ويفكر فيها ويحللها قبل النضر إلى الصورة، بعكس وقتنا الحالي، حيث ينظر المشاهد إلى اللقطات المصورة بسطحية ليتخطاها إلى مشهد آخر، في ثقافة عززتها وسائل التواصل الاجتماعي، على رأسها، على سبيل المثال لا الحصر "التيك توك".

الخاني الذي استثمر تجربته في الطيران، ليطير أيضا في عالم الإعلام من خلال برنامجه، الذي اعتبر من أقدم البرامج العلمية في العالم، لم يكن مجرد شخص عابر في شاشة التلفزيون السوري، كان معلما لأجيال بأكملها منذ بداية مشواره الإعلامي عام 1961 ليستمر في عرض برنامجه إلى عام 2005.

الخاني الذي بدأ مشوار حياته عام 1922، وغادرها اليوم عن عمر ناهز المئة عام، الذي حاز على وسام الاستحقاق السوري عن مشاركته في حرب الإنقاذ بفلسطين في عام 1948، هو بشخصه وفكره يثمل وبجدارة وسام استحقاق على صدر الإعلام السوري والعربي.

مناقشة