تشهد مختلف المناطق اللبنانية منذ عدة أيام وقفات احتجاجية ومسيرات وقطع طرق على الرغم من قرار الإقفال، فيما اندلعت مساء أمس مواجهات عنيفة في طرابلس لليوم الثاني على التوالي، بين مئات المتظاهرين والقوى الأمنية، أسفرت عن وقوع عدد من الإصابات.
الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد يقول لوكالة "سبوتنيك" إن "لبنان دخل منذ فترة في أزمة اقتصادية اجتماعية متفجرة ونسبة المتضررين والفقراء تزيد، وانفجاره مؤخرا نتيجة عدة أسباب، من جهة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم، ومن جهة ثانية موضوع الوباء والمعالجات التي تأخذها الدولة والتي فيها أحيانا شكل من أشكال التردد وعدم مساعدة الفقراء لتحمل نتائج هذا الوباء، ومن جهة ثالثة أزمة سياسية متفاقمة يعبر عنها بعدم تشكيل حكومة وبالتضاربات الإقليمية والدولية التي لا تسمح بإيجاد ظروف مؤاتية إقليمية ودولية لتشكيل الحكومة، التقاء كل هذه العوامل أدى إلى تجديد الحراكات الشعبية".
وأضاف قائلاً "من جهة هناك تحركات شعبية كردة فعل للأزمة الاقتصادية، ولكن بنفس الوقت هذه النقمة أو هذه الظروف أحياناً تستغل من قبل أجهزة ومخططات وقوى سياسية تحاول أن تقطفها من أجل تحسين شروطها في الصراعات والخلافات الداخلية".
وأشار أبو زيد إلى أن "التحركات التي حصلت في طرابلس رأينا انعكاسات لها في بيروت وصيدا وبعض المناطق في البقاع ومن المنتظر أن تتفاقم، وطبعاً منها ما هو ذات طابع اقتصادي واجتماعي طبقي ولكن في جانب منه عملية استغلال لبعض القوى السياسية لتوظيفها في الصراعات الداخلية".
ورأى أبو زيد أن "على الطبقة السياسية العاجزة والفاشلة أن تتحلى بالحكمة من أجل إيجاد، ولو مؤقتا، حلا سياسياً للخروج من هذا النفق حتى لا تذهب الأمور إلى الأسوأ".
وحول إمكانية تشكيل الحكومة قال أبو زيد إنه "حتى الآن لم تستكمل الظروف الإقليمية والدولية لتشكيل الحكومة، الاتصالات الأخيرة التي حصلت ما بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ربما تساعد على تسريع أو إيجاد الظروف الدولية المؤاتية، البعض يتوقع تفعيل للمبادرة الفرنسية من أجل إزالة بعض العقبات من أجل تشكيل الحكومة، بالإضافة إلى بعض الوساطات الداخلية التي عبر عنها البطريرك الراعي أو اللواء عباس إبراهيم من الممكن أن تؤدي إلى تشكيل حكومة ولكن في الظاهر لا تبشر بأن هناك حكومة في المدى المنظور".
ويرزح المواطن اللبناني تحت خط الفقر الذي وصلت نسبته إلى 55%، فيما تستمر الليرة اللبنانية بالتراجع أمام الدولار الأمريكي الذي وصل إلى عتبة ال 9 آلاف ليرة لبنانية.
الناشط في الحراك الشعبي هادي المنلا، رأى في حديث لـ"سبوتنيك"، أن "انفجار الشارع اللبناني كان متوقعاً بأي لحظة نظراً للظروف السياسية المحيطة".
وأشار إلى أنه "لا يوجد أفق لتشكيل الحكومة وإذا تشكلت أمامها خيارات صعبة كرفع الدعم، وكيفية مواجهة التداعيات الاجتماعية والإقتصادية لفيروس كورونا، ناهيك عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة والتي كانت موجودة قبل فيروس كورونا وقبل الثورة وتفاقمت مع الوقت بسبب عدم وجود الحلول".
وأوضح المنلا أن "الجوع لا ينتظر أحد، والذي فاقم الموضوع أكثر هو إقفال مصالح المواطنين من دون إعطاء أي بديل، والمبلغ المعطى من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية لا قيمة له نظراً لارتفاع سعر صرف الدولار وبالتالي فضلاً عن أن لوائح الوزارة قديمة وغير محدثة، في كل الظروف المحيطة الانفجار الشعبي سيحصل أما التوقيت فلا أحد يستطيع أن يحدده".
ورأى الناشط في الحراك الشعبي أن على "القوى الأمنية أن تأخذ المواطن بحلمها، وعليها تفهم وضعه وظرفه، وأكثرية المحتجين لم ينزلوا ضد الجيش أو القوى الأمنية، ولكن القوى الأمنية عليها أن تكون رؤوفة لتستطيع التعامل مع الظرف الموجود من دون قمع، الاحتجاجات الموجودة في طرابلس هي ثورة جوع، وإذا استمرت القوى الأمنية بنفس الطريقة من قمع وضرب وقنابل مسيلة للدموع فنتصور أن تذهب الأمور إلى مكان لن يحب أحد الذهاب إليها".