هذا بجانب عمليات التصعيد والتراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة، وها هى قد توقفت بالكامل منذ أسابيع.. هل ما زالت هناك بدائل سلمية متاحة.. أم أن الحديث سيكون بلغة أخرى خلال الأيام القادمة وقبل الملء الثاني للسد كما تقول أديس أبابا؟
يقول مستشار وزير الري المصري الأسبق الدكتور ضياء الدين القوصي، "يبدو أن إثيوبيا تستقوي بطرف أجنبي، الأمر الذي قد يجعل خيار استخدام القوة أقرب من الخيارات الأخرى التي لم يكن لها أي نتائج ملموسة خلال السنوات السابقة، لأن المصريين لا يستطيعون الاستمرار على هذا الوضع إلى ما لا نهاية".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "قد تمنح مصر إثيوبيا فرصة أخيرة وتجرب عملية التفاوض مجددا والتي يشرف عليها الاتحاد الأفريقي، لكن هذه المرة تحت قيادة دولة الكونغو.
أقرب الخيارات
وتابع: "إذا ما فشل الاتحاد الأفريقي هذه المرة فسوف تذهب مصر مجددا إلى مجلس الأمن، وإذا أغلق الطريق بعد الذهاب إلى مجلس الأمن مجددا لا أرى أن هناك أي طريق أو سيناريو آخر سوى استخدام الخيار الذي ترفضه القاهرة منذ بداية الأزمة حفاظا على العلاقات التاريخية بين الشعوب، لأن الاستقواء الإثيوبي غير معهود في أي عملية تفاوض، لكن يبدو أن هناك طرف خارجي يدفع باتجاة إغلاق المسارات السياسية، هذا الطرف يمكن أن يكون إسرائيل أو تركيا أو غيرهما".
وأكد القوصي، أن "المصريين ليس لديهم استعداد بأن يفقدوا متر واحد من حصتهم المائية في مياه النيل، لأن كل مليار متر مكعب من المياه يخصم من حصة مصر سوف يؤدي إلى بوار 200 ألف فدان من الأراضي الزراعية والمصريين لا يستطيعوا تحمل هذا الأمر وسوف يستخدمون كل ما لديهم من خيارات سلمية وغير سلمية".
تعثر البناء
وأشار إلى أن: "عمليات البناء في سد النهضة متعثرة جدا، وكل ما يتم الإعلان عنه من نسب البناء في سد النهضة هى رسائل للداخل قبل أن تكون للخارج، لأن آبي أحمد لديه الكثير من المشاكل الداخلية سواء مع الأورومو أو في إقليم تيغراي الذي شن عليه حربا خلال الأشهر الماضية، لذلك تستخدم الحكومة في أديس أبابا سد النهضة كورقة للتهدئة وإيهام الناس بأنه المنقذ لهم من كل المعاناة التي يعيشونها".
وأكد مستشار وزير الري أن "عملية البناء في السد متعثرة منذ سنوات وربما لن تكتمل قبل سنوات أيضا، لأن بدء عملية البناء كانت في شهر إبريل/ نيسان 2011 ولم يكتمل منه وفق تصريحاتهم سوى 70 في المئة ويخصم منها ما يقارب 10 % لعملية التمهيد لإقامة المشروع، أي أن ما تم لا يتجاوز 60 في المئة، وهذا يعني أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت حتى يكتمل، هذا السد لن يكتمل بناؤه قبل 5 سنوات من الآن".
وشدد على أن مصر والسودان لن يسمحا بأن تقوم إثيوبيا بعملية الملء الثاني بشكل أحادي، لأن كمية المياه التي يحتاجها الملء الثاني ثلاثة أضعاف الملء الأول وتقدر بـ 15 مليار تقريبا، وسوف تخصم مناصفة من حصة الدولتين، لذا لن يكون بإمكان مصر والسودان خسران تلك الكمية من المياه، وإذا أصرت إثيوبيا على هذا الأمر، في اعتقادي سيكون هناك رد عنيف من القاهرة والخرطوم.
خطر المواجهة
من جانبه أكد خبير الموارد المائية والمستشار السابق بوزارة الري السودانية حيدر يوسف، أن "المواجهة المسلحة في قضية سد النهضة غير واردة على الإطلاق لأن الخطر الذي سينتج عن أي عملية عسكرية مصرية سودانية سيكون مضاعف، فإذا تم ضرب سد النهضة فسوف يذهبون لضرب السد العالي، وهي معادلة صعبة جدا".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "الحل الوحيد الآن هو ذهاب مصر والسودان إلى مجلس الأمن وتقديم شكوى ضد إثيوبيا لأنها خالفت القانون الدولي الخاص بالمياه والأنهار الدولية، الذي يحدد الأخطار المسبقة قبل إقامة أي منشآت على الأنهار الدولية من جانب أي دولة من الدول التي يمر بها النهر، وهنا نضع إثيوبيا تحت ضغط مجلس الأمن والجمعية العامة، والتصريحات الإثيوبية منذ العام 2011 حتى الآن جميعها تحمل نفس الكلمات".
وأكد يوسف، أن "الحل الآن قبل الملء الثاني في يوليو/تموز القادم هو وقف البناء عن طريق الإلزام من جانب الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذا الأمر كان مقترح أمريكي في فبراير/شباط 2020، حيث حمل المقترح عدم الملء وإيقاف البناء وعدم القيام بأي أعمال بشكل أحادي، لكن لم تحضر إثيوبيا ولم توقع السودان، ووقعت مصر بالأحرف الأولى".
الرئاسة المصرية
وجدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، رفض بلاده أي مساس بحقوقها في مياه نهر النيل.
جاء ذلك في لقاء جمعه برئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، وفق ما أفاد به المتحدث الرسمي للرئاسة.
وفي وقت سابق اليوم الأحد، وصل فكي إلى القاهرة في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام، يبحث خلالها مع المسؤولين المصريين أبرز القضايا الهامة قبل انعقاد القمة الأفريقية المقررة في 6 و7 من فبراير/شباط المقبل، وبينها قضية سد النهضة لاسيما بعد توقف المفاوضات بشأنها الشهر الماضي.
وأكد السيسي "على ثوابت موقف مصر من حتمية بلورة اتفاق قانوني ملزم وشامل بين كافة الأطراف المعنية، يتناول بالأساس الشواغل المصرية، خاصةً قواعد ملء وتشغيل السد".
وشدد على "رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوق مصر في مياه النيل"، وفق ما نقله المتحدث الرسمي على صفحته.
من جانبه، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن تقديره لجهود مصر في إطار مسار المفاوضات بهدف الوصول إلى حل للقضية.
وأكد فكي "أهمية استمرار التنسيق المكثف للعمل على حلحلة الموقف الحالي والوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن هذه القضية الحيوية".
اتهامات إثيوبية
واتهمت إثيوبيا، أمس السبت، مصر والسودان بتعطيل مفاوضات "سد النهضة"، وردت على التقارير التي تحدثت عن قرب اندلاع حرب على النيل.
وقال وزير الري الإثيوبي، سيلشي بيكيلي، في تصريحات مع قناة "الجزيرة"، إن "التنبؤ بشأن اندلاع حرب على مياه النيل خاطئ"، مؤكدا أنها "عامل لتعزيز وتنمية دول حوض النيل".
وأضاف بيكيلي، أنه "بعد أن تم التوصل إلى توافق مع مصر بشأن مقترحات خبراء الاتحاد الأفريقي انسحب السودان"، مؤكدا أيضا أنه عندما تم التوافق مع السودان على مقترحات خبراء الاتحاد الأفريقي انسحبت مصر".
يذكر أن وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت أن الاجتماع السداسي الذي عقد، في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، لبحث أزمة سد النهضة أخفق في تحقيق أي تقدم، فيما قال السودان إنه "لا يمكن الاستمرار فيما وصفه بـ"الدائرة المفرغة" من المباحثات الدائرية إلى ما لا نهاية بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد".
كما حذرت الحكومة السودانية، من الملء الثاني لـ"سد النهضة" الإثيوبي قبل التوصل لاتفاق مع مصر وإثيوبيا. وأكدت أن "السودان لا يقبل بفرض سياسة الأمر الواقع وتهديد سلامة 20 مليون مواطن سوداني تعتمد حياتهم على النيل الأزرق"، مشددة على "موقف السودان المبدئي المتمثل في ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يحفظ ويراعي مصالح الأطراف الثلاثة".