ويرى مراقبون أن تصريحات رئيس الانتقالي لم تكن نابعة عن قناعات وإنما هى قرارات خارجية من الداعمين للمجلس، الأمر الذي قد يخصم كثيرا من رصيده الشعبي، في ظل الخلافات الجديدة مع الشرعية اليمنية، في حين يراها آخرون خروجا عن الخط الأحمر.
تجاوز الخطوط الحمراء
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "نحن كجنوبيين قد عبرنا عن شجبنا لتلك التصريحات، فعندما يحكم الزبيدي الجنوب عليه أن يفعل ما يشاء، أما الآن فنحن في ظل دولة شرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يقف دوما إلى جانب الحركات التحررية وبشكل خاص نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، وهذا يعني أن رئيس الانتقالي قد تخطى الخطوط الحمراء بتلك التصريحات".
وتابع عبد القادر،" كنا نتوقع أن يشجب المجلس الانتقالي ما جاء في تصريحات رئيسه، نظرا لما لدى المجلس من قواعد شعبية ومؤيدين، لكن بكل أسف لم يحدث هذا، وتماهى الجميع مع توجهات الداعم الرئيسي لهم، وقد خلفت تلك التصريحات حالة سخط غير عادية وكبيرة في الأوساط الجنوبية وفي اليمن على العموم".
إملاءات خارجية
وأشار إلى أن "الانتقالي وقع على اتفاق الرياض، وهذا يعني أنه صار شريكا في الحكم وإن كان مؤقتا، لكن الزبيدي وبشكل منفرد وضع نفسه رئيسا متوجا على الجنوب، مع أن هناك جهات كثيرة ترفض تفويضه وكلنا نعرفها، مشيرا إلى أن تلك الأفعال ليست برؤية جنوبية وإنما هى إملاءات وقرارات من خارج الجنوب لتعكير المشهد العام في ظل حالة من الإرباك والفساد السياسي وعدم الاستقرار الأمني التي تعيشها البلاد".
شعب مقاوم
من جانبه قال القيادي الجنوبي، عضو منظمة العفو الدولية رائد الجحافي، أرى أن حديث رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي حول التطبيع مع الكيان الاسرائيلي لم يأت عن قناعة الرجل، إنما لمجرد تعاطي سياسي يتماشى والمرحلة، فهو فلم تكن قناعاته صوابية التطبيع مع الصهاينة، بل لأنه ظن أن السؤال الذي وجه إليه جاء لإحراجه، خصوصا وأن الانتقالي مدعوم من أبوظبي التي تقود التطبيع الجديد مع الكيان المحتل لفلسطين.
وأضاف لـ "سبوتنيك"، "لا ألوم الزبيدي، لكن العبرة بالواقع والخواتيم، وشعب الجنوب شعب مقاوم يحب فلسطين، وكانت الجنوب أبرز الدول المساندة والداعمة لها قبل العام ١٩٩٠م، ونعتبر الدولة الوحيدة في المنطقة لا يوجد لديها جالية أو أقلية اسرائيلية، مع أننا نؤمن باحترام الديانات وتعدد الملل والنحل والمذاهب.
وتابع الجحافي، بالنسبة لكلام الرئيس عيدروس الزبيدي حول مسألة التطبيع، حتى وإن كان خطأ، لكننا نعتبره على أي حال مجرد وجهة نظر شخصية، لكن ردات الفعل التي تابعناها ونتابعها من قبل الإخوان المسلمين على حديث الزبيدي تجعلنا نستغرب أكثر نظرا لأنهم يوالولو دولا خارجية هى الأكثر انفتاحا وتعاونا مع هذا الكيان".
تبعية المجلس
اعتبر وزير النقل اليمني السابق، صالح الجبواني، أن تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، حول إمكانية التطبيع مع إسرائيل، بأنها دليل واضح على تبعية المجلس لدولة الإمارات.
وقال الجبواني، في تصريح سابق لوكالة "سبوتنيك": "تصريحات الانتقالي حول التطبيع مع إسرائيل تدل على شيئين لا ثالث لهما، الأول تبعية هذا المكون للإمارات وواضح أن التطبيع سياسة إماراتية، وهم ليسوا إلا موظفين في بلاط محمد بن زايد".
معتبرا أن "الهرولة نحو إسرائيل والتماس الرضا منها، آخر ما كنا نعتقد أننا سنراه من يمني، لكن هؤلاء الذين يتآمرون على وطنهم ليس غريبا عليهم ما فعلوا. وجماهير شعبنا لن تغفر لهم هذا السقوط المريع".
تصريحات الزبيدي
وكان رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي قد صرح، يوم الثلاثاء الماضي، خلال زيارته إلى روسيا، أن لدى مجلسه نية التطبيع الكامل مع إسرائيل في حال استعادة دولة جنوب اليمن.
وقال الزبيدي، إن المجلس على استعداد لفتح سفارة لإسرائيل في العاصمة عدن، واصفا تطبيع العواصم العربية مع تل أبيب بـ"العمل المثالي" لتحقيق السلام في المنطقة.
وأثارت هذه التصريحات ضجة داخل اليمن، ورفضتها غالبية القوى اليمنية بما في ذلك المحسوبين على حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا.
وقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق مصالحة بوساطة سعودية بعد الأحداث الدامية بين الجانبين في أغسطس/ آب من عام 2019 التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح، غادرت على إثرها الحكومة اليمنية العاصمة المؤقتة عدن، وجرى التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
ومثل الحكومة اليمنية في توقيع الاتفاق سالم الخنبشي، فيما مثل المجلس الانتقالي الدكتور ناصر الخبجي، ويستند الاتفاق على عدد من المبادئ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي، ووقف الحملات الإعلامية المسيئة.