الحكومة الجديدة في السودان... غياب كامل للقوى الثورية وعودة المحاصصات الحزبية... خبراء يعلقون

بدأ السودان مرحلة جديدة بعد إعلان تشكيل حكومة الشركاء التي أثير حولها جدل كثير، حيث يراها الكثيرون حكومة محاصصات ولا تعبر عن الثورة والثوار... فهل تنجح تلك الحكومة في تحقيق طموحات الشارع أم تلحق بسابقتها؟.
Sputnik

يرى مراقبون أن تلك الحكومة قوبلت بالرفض قبل تشكيلها وسوف تصطدم بالواقع على الأرض بعد دعوات القوى الثورية الجماهير للعودة إلى الشارع لتصحيح المسار، الأمر الذي يعني أن التشكيل الجديد قد يقع في شراك مواجهة الشارع ربما بالقمع أو الاعتقال وهو ما قد يزيد عملية الرفض الشعبي لها وبالتالي فشلها، ويعود شعار إسقاط النظام إلى المربع صفر.

السودان يعلن تشكيل لجنة لوضع سياسات مائية لمواجهة ملء سد النهضة

يقول القيادي في جبهة المقاومة السودانية محمد صالح رزق الله، "لقد فشلت الحكومة السابقة والإخفاق سوف يلازم أي حكومة قادمة تأتي عن طريق الشراكة مع اللجنة الأمنية للبشير، فنحن نطلق على تلك الشراكة "شراكة الدم" و برنامجها هو الإجهاض الكامل لكل شعارات الثورة وتنفيذ برنامج الهبوط الناعم المعد منذ عام2013، بواسطة أمريكا ودول الغرب الرأسمالي".

استمرار نظام الإنقاذ

وأضاف لـ"سبوتنيك": "البرنامج الحالي للحكومة يقضي بمشاركة المعارضة نظام الإنقاذ في السلطة لأن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب يريدون الإبقاء على النظام السابق بأجهزته الأمنية والعسكرية، لأن تلك الأجهزة قدمت لهم خدمات كبيرة وجليلة، و قامت بتنفيذ عمليات استخبارية كبيرة في إفريقيا و العالم العربى والإسلامى لصالحهم، و لا ننسى أسامة بن لادن وطرده من السودان، و كارلوس و تسليمه إلى فرنسا، كما سلمت ملفات كثيرة تخص التنظيمات الإسلامية إلى أمريكا ودول الغرب، و ساعدت تلك الجهات واشنطن والاتحاد الأوروبي فى برنامج الحد من الهجرة غير الشرعية، و برنامج مكافحة الإرهاب، وهذا النظام مازال موجود برضاء أمريكا و دول الغرب، مع إبعاد عناصر وكوادر الصف الأول من الإسلاميين".

وتابع القيادي في جبهة المقاومة: "إن ما يجري على الساحة السودانية اليوم هى عملية إنتاج جديد لنظام الإنقاذ بصورة حديثة تحت رعاية أمريكية أوروبية و حلفائهم في المنطقة ولذلك ما يحدث هو عملية تجميلية للإنقاذ لتخرج بصور أكثر تقبلا لأمريكا ودول الغرب لا أكثر ولا أقل، أما الشعب السوداني فلن يلتفت لقضاياه أحد، و الحل الوحيد أمامه أن يستكمل ثورته و يجهز على نظام الانقاذ الذى لم يسقط بعد، ويبني على أنقاضه دولة الحرية و العدالة والسلام، الدولة التى يرى فيها كل فرد سوداني نفسه ويحفظ حقوقه الدستورية".

عسكرة الثورة

من جانبه، قال المحلل السياسي والناطق الرسمي باسم منظمة مجلس الاتحاد العالمي السوداني خضر عطا المنان: " في الحقيقة أن الحكومة الجديدة التي أعلنها حمدوك بالأمس لا تعبر عن الثورة ولا عن الثوار الذين ضحوا بأرواحهم من أجلها، وجاءت تلك الحكومة نتيجة للمحاصصات الحزبية والجهوية" الحركات المسلحة التي تعتبر الوافد الجديد على الثورة" لأنها لم تشارك في الثورة مشاركة فعلية ، إنما كانت تحارب من أجل المناطقية أو الإقليمية، وهذه لا تعبر عن الثورة".

وأضاف لـ"سبوتنيك": "الذين قادوا الثورة هم الآن بعيدون عن الصورة تماما، وهذه الصورة الجديدة لا تعبر عن الثورة ولا تمثل الشارع الذي أصيب بخيبة أمل كبيرة، حيث كنا نتوقع أن تكون حكومة تعبر عن مطالب الثورة والشارع وتحل الأزمة القائمة، وتكون مشتركة بين الثوار رجالا ونساء، والآن ينقص المشهد الثوري الثوار الذين صنعوا تلك الثورة، حيث لا يوجد في التشكيلة الجديدة أي من صناع الثورة من الجنسين، تلك الحكومة جاءت مخيبة لآمال الكثيرين من أبناء الشعب السوداني".

عمرها قصير

وتابع المنان: "لا أعتقد تلك الحكومة يمكنها الاستمرار كثيرا لأنها حكومة منكسرة وضعيفة في بنيتها وتركيبتها، وكل الثوار يرفضونها جملة وتفصيلا لأنهم لم يجدوا فيها ما كانوا يرسمون من آمال وطموحات ومعالجات للقضايا الأساسية وعلى رأسها قضايا المعيشة والاقتصاد المهلهل، والثوار يحملون حمدوك شخصيا المسؤولية عن الفشل لأنه رئيس الوزراء وممثل الجانب المدني في تلك السلطة، لأنه قبل أن يشكل تلك الحكومة التي لا تعبر عن الثورة ولا عن الشارع".

بدورها قالت لنا مهدي المحللة السياسية وخبيرة الشأن السوداني: " إن عبدالله حمدوك رئيس الوزراء خسر نفسه قبل أن يخسر تعاطف الشعوب السودانية بالإتيان بحكومة مزرية تحت ضغوط قوى الحرية والتغيير قحت، حكومة مبنية على المحاصصات ورأس المال الأسري، وتحكمت فيها للأسف أربعة أحزاب كانوا بمثابة مافيا سياسية وطوق خنق رئيس الوزراء الذي أثبتت التجربة أنه رئيس ضعيف و يخضع للضغوط والاملاءات".

حمدوك يكشف عن موعد رفع اسم السودان من "قائمة الإرهاب"

وأضافت لـ"سبوتنيك"، "من جملة المضحك المبكي في الحكومة الجديدة أن تكون قوائم "قحت" محتوية على أسماء لها ثقل كبير مثل مرشح وزارة الخارجية من حزب الأمة القومي الحارث إدريس الحارث، الدبلوماسي السوداني المقتدر والمصادم في أحلك سنوات الإنقاذ وسفير الأمم المتحدة الذي رُمي بخبرته واجتهاداته في الأرض، ولذلك استقال رئيس لجنة الترشيحات بالحزب دكتور إبراهيم الأمين احتجاجاً على فرض أسماء بعينها لا تملك الكفاءة ولا الاقتدار ولا الأهلية".

الشارع هو الحل الوحيد

 وتابعت مهدي،" كما تم رمي خبرات ومؤهلات مرشحي الثروة الحيوانية والزراعة مثل الدكتور خالد حواية الله، وبروفيسور جلال مصطفي، وهم من ذوي الاقتدار والممارسة، ليأتوا بمرشحين سيرتهم الذاتية وخبراتهم متدنية جدا مقابل خبرات المرشحين الأكفاء، وكذلك الحال بوزارة شؤون الرئاسة ووزارة العمل، فكل شيء يتم كما تريد المجموعة المقربة من حمدوك وقحت اللتين تديران السودان في ظل ضعف رئيس الوزراء".

وأشارت إلى أن: "المثير للسخرية أن وزير الثروة الحيوانية الذي أُتيَ به عوضاً عن دكتور خالد حواية الله، يمتلك خبرات في الإدارة والطيران، بينما وزيرة العمل التي أتي بها عوضاً عن بروف استيفن أمين أرنو لا تملك عشر مؤهلاته".

ولفتت مهدي إلى أن، "الحل يكمن في الرجوع للشارع لخلق تغيير حقيقي يستصحب أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير والسلام، وأصحاب الوجعة الحقيقية الذين يريدون بتجرد، مصلحة السودان ولا يمارسون السياسة لمصالح ذاتية ضيقة".  

وأعلن رئيس مجلس الوزراء السوداني، يوم الاثنين، في مؤتمر صحفي، عن تشكيل الحكومة السودانية الجديدة.

السودان يكشف عن "طرف دولي" قادر على حسم النزاع مع إثيوبيا

واعتبر حمدوك في تصريحاته، أن تشكيل الحكومة السودانية الجديدة جاء بعد توافق سياسي ويهدف للحفاظ على البلد من الانهيار.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء السوداني، أمس الاثنين، بمؤتمر صحفي، عن تشكيل الحكومة السودانية الجديدة.

واعتبر حمدوك في تصريحاته، أن تشكيل الحكومة السودانية الجديدة جاء بعد توافق سياسي ويهدف للحفاظ على البلد من الانهيار.

وتم الإبقاء على ياسين إبراهيم وزيرا للدفاع، وياسر عباس لوزارة الري، فيما عين جبريل إبراهيم، زعيم "حركة العدل والمساواة"، وزيرا للمالية، ومريم الصادق المهدي، ابنة زعيم "حزب الأمة" القومي الراحل، الصادق المهدي، وزيرة للخارجية، بحسب وكالة الأنباء السودانية "سونا".

وقال حمدوك: "هذا التشكيل جاء بعد التوافق السياسي وعبر مناقشات طويلة امتدت لأشهر، والبوصلة الأساسية فيه كانت المحافظة على البلد من الانهيار"، مؤكدا أن اختيار الوزراء جاء بناء على "الخبرة العملية والتأهيل الأكاديمي".

وبين حمدوك في كلمته أن تشكيل الحكومة السودانية الجديدة، اليوم، يأتي تنفيذا لاتفاق السلام مع الحركات المسلحة، ويتكون من 25 وزارة، وأن هدف هذا التشكيل هو "إنقاذ البلاد من الانهيار".    

ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.

مناقشة