ويرى مراقبون أن تلك العمليات يتم تنفيذها بدقة كبيرة وأنها لا تستهدف ذات المقرات والمعسكرات والسفارات بشكل مباشر، نظرا لأنها تحمل رسائل فقط للجهات المستهدفة، وأن الحديث عن تصدى الحكومة لها هو نوع من التمني، حيث يتم دعم تلك المليشيات من جهات دولية وتمتلك ترسانات أسلحة.
زعزعة الوضع الأمني
يقول المحلل السياسي العراقي أياد العناز: "شهدت الساحة العراقية خلال الأيام الماضية العديد من العمليات استهدفت مواقع ومنشآت وقواعد تابعة للتحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية في محافظة أربيل، وقضاء بلد التابع لمحافظة صلاح الدين والمنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، بأدوات وتوجهات مماثلة للعمليات السابقة وعبر مليشاوية مسلحة ترتبط بأجهزة النظام الإيراني الأمنية والاستخبارية".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "الغاية من تلك العمليات هو تصعيد الموقف السياسي في العراق، وإحداث حالة من الاضطراب والانفلات الأمني، بما ينعكس سلبيا على الوضع العام في البلاد ويشكل حرجا سياسيا وأمنيا لحكومة مصطفى الكاظمي المطالبة دوليا بتوفير الأجواء الملائمة واتباع الإجراءات بالحفاظ على المواقع والمقرات التابعة للتحالف الدولي".
خط أحمر
وتابع العناز: "يأتي التصعيد متوافقا مع التصريحات والشروط الإيرانية بالبدأ بأولى الخطوات المتعلقة بالحوار حول الاتفاق النووي الإيراني وبرنامج الصواريخ الباليستية، والتي تطالب برفع العقوبات الاقتصادية فورا وتقديم التعويضات المالية من قبل واشنطن، واعتبار مناقشة برنامج الصواريخ الباليستية خط أحمر لا يمكن الحديث عنه، كونه يتعلق بقضية الأمن القومي الإيراني، وترك مناقشة النفوذ الإقليمي والتمدد الإيراني في عواصم الأقطار العربية، ومنها العراق وسوريا ولبنان واليمن".
تجنب المواجهة
وأشار العناز إلى أن "الأدوات المنفذة للعمليات تسعى إلى استمالة الإدارة الأمريكية إلى الرد، واستخدام الأراضي العراقية ساحة للمواجهة بين واشنطن وطهران، وهذا ما تدركه الإدارة الأمريكية، التي أعلنت أمس أنها تعلم أن النظام الإيراني يساهم في تنفيذ الهجمات على المواقع والأماكن التابعة للتحالف الدولي والسفارة الأمريكية ببغداد، لكنها ستعمل على سياسة ضبط النفس وأن القوات الأمريكية ستتجنب المساهمة في أي تصعيد يخدم المصلحة الإيرانية".
وأوضح أن" الحكومة العراقية تحاول العمل على عدم أحداث مواجهة مع هذه المليشيات المسلحة وهي تعلمها جيدا ولديها من المعلومات الكافية عنها وعن قياداتها والجهات الداعمة لها، لكن لا تتمكن الحكومة الآن من الحسم الميداني بسبب الإمكانيات التي تمتلكها هذه الجهات وفعالياتها الميدانية وقدرتها على اختيار الأهداف وانتشارها الميداني".
محيط السفارة الأمريكية
وقال عبد القادر النايل، المحلل السياسي العراقي: "عمليات استهداف محيط البعثات الدبلوماسية إلى الآن ينفذ على العوائل التي تسكن قرب هذه البعثات الدبلوماسية، ويسبب أضرارا مادية وكذلك خوف وهلع للمواطنين، ولايمكن أن يصدق أحد أن عدد من هذه الضربات من جانب المليشيات، التي لديها ضباط إيرانيين، غير قادرين على إسقاط الصواريخ داخل محيط السفارة الأمريكية التي تعتبر الوجه المفضلة في قصف المليشيات لها"، مضيفا: "إذا المستهدفون للبعثات الدبلوماسية يقصدون أن تسقط صواريخهم في محيط السفارة".
دعوة الصدر
وأشار النايل إلى أن "دعوات مقتدى الصدر تأتي في ظل الصراع بينه وبين هذه المليشيات على النفوذ ومنصب رئاسة الوزراء القادم، لأن مقتدى الصدر يعلم جيدا أن السلاح الذي يقف بوجه هو سلاح هذه المليشيات، وهي مدعومة ومرغوب بها إيرانيا أكثر منه، لذا هو يريد دفع الحكومة في مواجهتها حتى يبقى هو الأقوى، وإلا فإن استعراض مليشيات سرايا السلام وسط بغداد قبل أسابيع هو من قتل هيبة الدولة بالكامل، وهو لا يبحث مطلقا عن هيبة الدولة لأنها لا تعني له شيئا بدليل الممارسات الطائفية لمليشياته في سامراء وبعض المدن".
وأضاف، على "تويتر": "وما من رادع لهم ولأفعالهم متسائلا: هل ترويع المواطنين وتعريض حياة المدنيين للخطر يتلاءم مع المقاومة؟ أم هو يشوه سمعتها ويضعف من شعبيتها في قلوب الشعب!".
وتابع الصدر: "أتقوا الله وكفاكم"، مطالبا الحكومة "بأن لا تقف مكتوفة الأيدي".
وأعلن الأمن العراقي، مساء أمس الاثنين، سقوط 3 صواريخ على المنطقة الخضراء شديدة التحصين، والتي تتخذها الحكومة الاتحادية مقرا لها، وتمثل أحد الأحياء الراقية في وسط العاصمة بغداد، وتضم مقر السفارة الأمريكية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لدول أخرى.
ويعتبر هذا الهجوم هو ثالث هجوم صاروخي في العراق خلال أسبوع لاستهداف مناطق تستضيف جنودا أو دبلوماسيين أو مقاولين أمريكيين، بما في ذلك الهجوم الذي استهدف مدنيا واحدا على الأقل كان موظفا لدى الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي.