الأحوال الشخصية في مصر... أكثر القوانين جدلا في المجتمع المصري... هل يتصدى له البرلمان الحالي؟

أعاد الإعلان عن تعديل قانون الأحوال الشخصية المصري الجدل إلى الشارع والمنظمات النسوية، حيث حظيت بعض التعديلات التي تم نشرها بالرفض ووصفت بـ "المجحفة". 
Sputnik

وذكرت صحف محلية، الأسبوع الماضي، أن الحكومة المصرية أرسلت نص مشروع القانون إلى مجلس النواب (البرلمان) لمناقشته.

وعرض مشروع هذا القانون على البرلمان العام الماضي، وأثار سجالا كبيرا بين أعضاء البرلمان دون الوصول إلى توافق، حتى تقرر في سبتمبر/أيلول 2020، تأجيل مناقشته إلى الفصل التشريعي الجديد.

قبل أيام من مناقشته في البرلمان المصري... لماذا يرفض البعض القانون الجديد للأحوال الشخصية؟

وكانت مسألة الحضانة والرؤية والاستضافة والزوجة الثانية أهم المواد الخلافية في مشروع القانون الجديد.

وحدد القانون انتهاء الحق في الحضانة ببلوغ الصغير سن 15 سنة وبعدها يخيرهما القاضي بعد هذه السن في البقاء في يد الحضان وذلك دون أجر حضانة.

كما عدل مشروع القانون ترتيب سن الحضانة للأطفال، ليكون ترتيب الأب رقم أربعة (بعد الأم وأم الأم وأم الأب) بدلا من السادس عشر في القانون الحالي.

"أريد رؤية أحفادي"

يقول الحاج عبد المنعم سراج "جد متضرر" من قانون الأسرة:" مقترح قانون الأسرة الجديد تم صياغته بدون حوار مجتمعي مع الأطراف المتضررة، ولكن فقط تحت إشراف وحسب رغبات المجلس القومى للمرأة فجاء كله لصالح المطلقة على حساب باقي المجتمع".

وأضاف لـ"سبوتنيك":" أنا جد لحفيد يحمل اسمي واسم عائلتي وننفق عليه هو واخته كل النفقات المطلوبة قانونيا وإنسانيا، ولكني محروم من التواصل معه أو استضافته إلا ساعات قليلة كل أسبوع، وتحت رحمة أمه الحاضنة المطلقة وعادة لا تأتي ولا عقوبة عليها".

وتابع:"اقترب عمري من الـ 70 عاما وزوجتي تخطت الستين، نذهب لمكان يحدده القاضي لرؤية أحفادنا سويعات قليلة ونجلس في البرد أو الحر وننتظر ولا تأتي الحاضنة ولا عقاب لها".

وشدد على أن "سن الحضانة يحب أن يعود كما كان 7 للولد و9 للبنت، فهذا يقلل نسب الطلاق، نزول سن الحضانة هو رمانة الميزان في هذه القضية والرعاية المشتركة مرفوضة تماما ممن يتحدثون باسم المرأة".

واعتبرأن "المقترح الجديد كله تشديد وتغليظ عقوبات على الأب، ولا يوجد عقوبة واحدة على الأم الحاضن التي لا تنفذ حكم المحكمة".

وأشار سراج إلى أن:" العيوب كثيرة لكن كل ما أريده هو احتضان أطفالي والجلوس معهم وغرس عاداتنا وتقاليدنا فيهم والتي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، أليست زوجتي وبناتي نساء وهن عمات لاحفادي، أليست زوجتي المريضة إمرأة وتخص المجلس القومى للمرأة، أليس من حق الجدة أن تحتضن أحفادها في أيامنا الأخيرة".

ومضى بقوله: "لذا نطالب بأن تكون الاستضافة يومان كل أسبوع، والنزول بسن الحضانة إلى 7و9 سنوات وأن يكون ترتيب الأب بعد الأم في الحضانة وضم جميع قضايا النفقات في ملف واحد وأمام قاض واحد مع سرعة البت فيها".

حرمان مدى الحياة

وتقول جودة سيد "جدة متضررة":" لا يعقل أن تكون الرؤية 8 ساعات في الأسبوع، فإذا كنت في محافظة ثانية ضاعت تلك الساعات في الطريق، علاوة على أن سن 15 عام لحضانة الطفل وبعدها يتم تخييره، طبيعي في هذه السن سوف يختار من عاش بينهم حتى وصل لتلك السن الحرجة، وهنا أصبح الأب محروم من الأبناء مدى الحياة".

وأضافت لـ"سبوتنيك":" الشىء الآخر أن الأب بعد الطلاق لا ولاية له في عملية تعليم الأولاد والأم هى المتحكمة في أن تختار المدارس حتى وإن كانت فوق طاقة الأب، وهو من يقوم بالدفع وإذا تعثر ترفع عليه جنحة كنوع من التنكيل به، والمحزن أيضا أن ترتيب الأب في القانون الجديد هو رقم 4".   

ملايين القصص

وتحدثت الدكتورة رقية أبو ستيت " إحدى الجات المتضررات من القانون":" أنا جدة من ملايين الجدات والأجداد والآباء والأعمام والعمات، والأخوة الغير أشقاء  المتضررين من قوانين الأحوال الشخصية الفاسدة القاطعة للارحام ونحارب من أجل تغيير هذه القوانين منذ سنوات، لرفع الظلم عن أطفال ورجال مصر وأهلهم، وكل هدفنا أن نشارك فى تربية أولادنا وننفذ الأسرة المصرية من التدمير الممنهج، بخلق أجيال مشوهة نفسيا واجتماعيا وسلوكيا، ليس لها انتماء".

وأضافت لـ"سبوتنيك": "كنا نأمل بتشريع قوانين توازن بين الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة لتحقيق المصلحة الفضلى للطفل، كما نص الدستور المصرى وتحقق الاستقرار الأسري، لكن جاء مشروع قانون الحكومة صادما وكرس لاستمرار الانحياز التام للمرأة على حساب الأطفال و الأب وأهله، واستمر فى جعل الطلاق صفقة رابحة للمرأة، واعتبر الأطفال ملكية خاصة للأم وأهلها".

وتابعت: "فى كل دول العالم الحضانة تكون للأم أو الأب (طرفى الانجاب) وتكون للأصلح، فلابد أن يتم الكشف الطبى والنفسي لطرفى الإنجاب لتحديد الطرف الأصلح للحضانه ويتم بعد ذلك كشف دورى يوضح استمرار الصلاحية للحضانة".

تعديل شكلي

وعلق العميد محمد صلاح المتحدث الإعلامي باسم جبهة أرامل مصر من الرجال:" لقد وضع قانون ترتيب الحضانة المعمول به حاليا الأب في المرتبة السادسة عشر بعد كل نساء العائلتين من جهة الأم ومن جهة الأب، ثم يأتي بعدهم جميعا ترتيب الأب في حضانة أبنائه الذين من صلبه، ووضع تعديل الحكومة الجديد الأب في المرتبة الرابعة بعد الأم وأم الأم وأم الأب ثم الأب، وهذا التعديل تعديل شكلي من أجل تسويق فكرة أن الحكومة قامت بتعديل مرحلة الأب في حضانة أبنائه من مرتبة متأخرة إلى مرتبة متقدمة".

 وأضاف لـ"سبوتنيك": "في الحقيقة أن هذا التعديل لا قيمة له ولن يحل أية مشكلة من المشكلات الموجودة حاليا، وعلى رأس تلك المشكلات مشكلة الآباء الأرامل وأبنائهم الذين تبلغ أعدادهم أرقاما كبيرة، ومع ذلك تغافل عنهم التشريع القديم، وأيضا تجاهلتهم الحكومة بعدم تعديلها لترتيب الحضانة، حيث لم يضع قانون الحكومة الأب في المرتبة الثانية بعد الأم من أجل حل مشكلة هؤلاء الآباء الأرامل وأبنائهم، ولكن وضعهم قانون الحكومة بعد الأم والجدة لأم والجدة لأب".

وقال إن "ترتيب الأب في الحضانة في ثماني دول عربية في المركز الثاني كما في الإمارات، قطر، سلطنة عمان، العراق، سوريا، تونس،الجزائر، المغرب".

وأكد أن "حضانة الطفل تكون للأصلح بين الأم والأب وليس الأب في مراكز متأخرة في حضانة أبنائه، وذلك في أوروبا وأمريكا والدول الغربية، وفي كل الدول التي تحترم الطب النفسي، وفي كل الدول التي تحترم العلم".

الرؤية الإلكترونية

تقول منة وحيد، رئيسة حملة تمرد سيدات مصر ضد قانون الأسرة المصرية:" القانون الجديد الذي قدمته الحكومة لم يصلح عوار القانون الحالي وثغراته التي أدت إلى تفاقم نسبة الطلاق وتشرد الملايين من أطفال الطلاق فى المجتمع المصرى".

وتابعت لـ"سبوتنيك": "طالبنا مرارا وتكرارا بالمعايشة والرعاية المشتركة رغبة في تكوين جيل صالح قادر على تحمل المسئولية في المستقبل، فخرج علينا جهابزة بتشريع الرؤية الإلكترونية، كما لو كان هذا المقترح يرغب فى الإجهاز على أطفال الشقاق".

 وأضافت: " القانون بالكامل لم يلق بالا لحالة الأطفال النفسية، وأهمل تماما تقرير الأمانة العامة للصحة النفسية بضرورة المعايشة بين الطفل الطرف غير الحاضن، فهل هذا المقترح هدفه عقاب أطفال الشقاق الضحية الأولى للطلاق ووضعهم أشلاء كى تتربع  وترتكز مكتسبات المرأة".

ولفتت وحيد إلى أن "أي تشريع لابد أن يسد الخلل الذى حدث بالمجتمع نتيجة عوار تشريع سابق، وهذا لم يحدث على الإطلاق فالظواهر السلبية التى ملأت شوارع مصر ونزول سن تعاطى المخدرات والتحرش وغيره، لم يكن إلا لسبب مهم جدا وهو عدم وجود الأب فى منظومة التربية، حيث أن الأب كل وظيفته هى كارت ATM، ليس إلا ولمدة خمسة عشر عاما هو سن الحضانة فى القانون الحالى، وهو مالم يتغير على الإطلاق، وهذا يضع أمامنا العديد من علامات الاستفهام عن المقترح الجديد، فكيف يتم تربية جيل كامل وقف أمام والده فى المحاكم من سن الخامسة عشر فمن يستطيع تقويم هذا الطفل أو بالأحرى هذا الشاب".

الأرامل من الرجال

وأشارت رئيسة حملة تمرد سيدات مصر ضد قانون الأسرة المصرية إلى أن "الأرامل من الرجال أيضا وأطفالهم لم يراهم القانون، حيث حكم على الطفل يتيم الأم باليتم مرة أخرى نتيجة قانون نقل الطفل فجأة من بيئته ووالده ووالدته لبيئة أخرى تماما، وظل الحال كما هو عليه في المقترح حيث أن ترتيب الأب الرابع فى الحضانة، ماهو إلا هروب بالطفل من والده وتغيير الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فنجد زوج الخالة وزوج الأم هو بابا والأب البيولوجي هو عمه، فعن أى قانون يتحدثون عندما نعلم أن الطفل يتيم الأب يظل بلا أهل عصب طوال حياته".

الرؤية الإلكترونية والخطبة... أبرز ملامح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد في مصر

طفل الشقاق

وتساءلت: "هل من صاغ بنود هذا القانون يعلم أن هناك قضايا فى المحكمة الدستورية العليا رفعها أهل الطفل يتيم الأب من العصب، لأن القانون لايتيح لهم التواجد فى حياته بأي حال من الأحوال".

وختمت منة وحيد بالقول: "للأسف من الواضح أن مقترح قانون الحكومة للأحوال الشخصية كان لتلبية رغبة فئة محددة فى المجتمع المصرى دون البقية وعلى رأسها المكتسبات أيا كان الضحايا، ومن الواضح أيضا أن طفل الشقاق مازال يحتل المرتبة الدنيا في ذهن من وضع بنود هذه المهزلة المسماة مشروع قانون الأحوال الشخصية المصرى،  فليتفضل من وضعوا بنود القانون بالإجابة هل طفل الشقاق يعيش ويتمتع بحياته مثل بقية الأطفال".

تعديل مشروط

وقال الدكتور محمد الوقاد رئيس حملة تمرد ضد قانون الأسرة، إن "التعديلات التي تم نشرها بالنسبة لقانون الأسرة وهي عبارة عن تعديل نقاط بعينها، وليس تغيير القانون الحالي المعيب، وما يتضمنه من عوار جائر على الطرف غير الحاضن سواء كان رجل أو إمرأة، ولكنه تعديل لفئة معينة وتجاهل كل أفراد المجتمع، بل تم التوجيه الآن في وسائل الإعلام، والتركيز فقط على نقطة حبس الزوج في حالة زواجه من إمرأة أخرى".

واعتبر أن "هذا التوجيه مقصود ليكون نوع من التعتيم علي باقي النقاط الخلافية، والتي يطالب بها معظم المتضررين من رجال ونساء، كما تغافل أيضا عن حق الطفل نفسه وهو مستقبل المجتمع".

وأضاف لـ"سبوتنيك": "أعطي التعديل الاستضافة بشكل شفهي فقط ولم يلب المقصود، بمعنى الاستضافة الصريحة والمعايشة بين طفل الشقاق والطرف غير الحاضن، كما أن هذا التعديل لن يحقق أدنى حد من الدعاية المشتركة، وسهل بدوره عدم تنفيذ حكم الرؤية من جانب الطرف الحاضن، حيث إنه جعل الحد الأقصى للتعويض عن عدم تنفيذ حكم الرؤية 5 آلاف جنيه فقط، ولم يضع أي نوع آخر من العقاب الرادع".

وتابع الوقاد: "أما ما يتعلق بترتيب الحضانة بقيت كما هى وإن تغيرت بعض النقاط وبقي ترتيبها أم الأم بعد الأم و لم  يراع حال الرجال الأرامل بل جعل الطفل أداة للتنكيل والانتقام بشكل أو آخر، وايضا في حال الرجل غير الحاضن بعد الانفصال وقيام الأم بالزواج من آخر يتم الانتقال الصوري إلى أم الأم، ولم تتطرق تلك الترقيعات أو التعديلات إلى سن الحضانة أو الولاية التعليمية".

الأحوال الشخصية في مصر... أكثر القوانين جدلا في المجتمع المصري... هل يتصدى له البرلمان الحالي؟
مناقشة