"فشل أخلاقي"... ثلث سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب نظيفة أو مراحيض لائقة

بعد مرور أكثر من عام على انتشار جائحة فيروس "كورونا" المستجد، بدأت العديد من البلدان في التعافي من الالجائحة،وذلك مع استمرار توفر اللقاحات بسهولة أكبر. لكن وبالنسبة لمعظم أنحاء العالم لا يزال يتعذر الوصول إلى أحد المكونات الحيوية للحياة، وهي مياه شرب آمنة.
Sputnik

وفي اجتماع للأمم المتحدة يوم الخميس الموافق 18 مارس/ آذار الجاري لمعالجة الأهداف والغايات المتعلقة بالمياه كجزء من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فولكان بوزكير، إنه "في هذه المرحلة ارتكب العالم "فشلا أخلاقيا" في تحقيق حصول الجميع على مياه الشرب المأمونة".

توقعات بنقص المياه في العالم خلال السنوات العشر القادمة
وأوضح بوزكير وجهة نظره بإحصاءات مذهلة حول حالة الوصول إلى المياه في العالم، والتي كشفت أن ما يقرب من ثلث سكان العالم بأسره (2.2 مليار شخص) لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة، على حد قوله.

وإلى جانب عدم كفاية الوصول إلى الماء، أشار بوزكير إلى "إن مليارات الأشخاص يفتقرون أيضا إلى موارد الصرف الصحي المناسبة، وأن أكثر من ملياري شخص ليس لديهم "مرحاض لائق خاص بهم"، و3 مليارات لا يمتلكون "مرافق أساسية لغسل الأيدي".

وتم العثور على البيانات التي استشهد بها فولكان بوزكير في تقرير عام 2019 الصادر عن "يونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية.

وقال بوزكير باستياء تعليقا على هذه الأرقام: "إذا جاز لي أن أكون صريحا، إنه فشل أخلاقي أن نعيش في عالم به مستويات عالية من الابتكار التقني والنجاح، لكننا نواصل السماح لمليارات البشر بالعيش دون توفير مياه شرب نظيفة أو الأدوات الأساسية لغسل أيديهم".

وفي وقت لاحق، غرد بوزكير عبر "تويتر": "نعيش في عصر المعجزات التكنولوجية، نحن نسير على الطريق الصحيح لإنشاء سيارات بدون سائق وروبوتات وذكاء اصطناعي، إذن ، كيف يمكن أن نكون خارج المسار الصحيح لضمان أن كل شخص في العالم قد تمكن من إدارة المياه والصرف الصحي على نحو مستدام؟".

ووفقا لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، فإن معظم الأشخاص المتأثرين بنقص الموارد  يعيشون في المناطق الريفية.

وأكدت الأمم المتحدة أنه "إذا فشل القادة في جعل تدابير المياه والصرف الصحي في متناول مليارات الأشخاص المتأثرين، فلن يتم إيقاف (كوفيد-19).

وقال بوزكير: "من المستحيل التوفيق بين حقيقة أن المليارات من الناس اضطروا لمواجهة هذا الوباء بدون مرافق غسل اليدين الأساسية، وأن مقدمي الرعاية الصحية في بعض البلدان الأقل نموا ليس لديهم مياه جارية، خاصةً عندما نعيش في عالم بتلك الابتكارات العميقة".

وبحسب الأمم المتحدة، فإن "عدم كفاية المياه والصرف الصحي يؤدي إلى الوفاة، حتى بصرف النظر عن وباء "كورونا"، إذ يموت ما يقرب من 1000 طفل يوميا بسبب الأمراض التي يصابون بها بسبب نقص هذه الموارد".

وحددت أجندة الأمم المتحدة 8 أهداف لتصحيح الوضع، فإلى جانب إنشاء مياه الشرب والصرف الصحي والنظافة العامة والعادلة، تعتزم المنظمة تحسين جودة المياه من خلال التدابير البيئية، وزيادة كفاءة استخدام المياه، ووضع خطة إدارة متكاملة لموارد المياه، وحماية النظم البيئية للمياه، وتوسيع التعاون الداخلي، وتعزيز الدعم في المجتمعات.

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، الخميس الماضي، في الاجتماع إنه "حتى الآن فإن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق هذه الأهداف الثمانية".

وتابعت أنه "لتحقيق وصول الجميع إلى المياه والصرف الصحي، يجب أن يتضاعف معدل التقدم الحالي 4 مرات، علاوة على ذلك ستؤدي أزمة الكواكب بما في ذلك التهديدات المترابطة لتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث إلى زيادة ندرة المياه، وبحلول عام 2040 سيعيش واحد من كل 4 أطفال في العالم دون سن 18 عاما - حوالي 600 مليون - في مناطق تعاني من إجهاد مائي أو مشاكل مكثفة في استخدام المياه".

وأوصت  أمينة محمد بأن تلتزم البلدان بخطط التعافي من الأوبئة، وأن تعمل على دمج تلك الخطط مع أهداف التنمية المستدامة، ومعالجة عدم كفاية الوصول إلى المياه والصرف الصحي، كما أنها حثت الحكومات على التركيز على منع الكوارث الطبيعية المتعلقة بالمياه والتركيز على تمكين المرأة القيادية في تنمية الاقتصاد الأخضر.

من ناحيته، أوصى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فولكان بوزكير بأن تركز الحكومات أيضا على معالجة هذه القضايا بمساعدة المجتمعات التي تحكمها، والاستماع إلى المنظمات التي تناضل من أجل أهداف مماثلة.

وقال بوزكير: "الماء هو الحياة، ببساطة لا يمكننا العيش على هذا الكوكب أو أن نتمتع بأي قدرة صحية إذا حرمنا من هذه الاحتياجات الإنسانية الأساسية، فنظامنا الزراعي يعتمد بأكمله - كل المواد الغذائية التي نستهلكها - على إمدادات المياه، كذلك يمتد الأمر إلى كل أشكال الحياة الأخرى على هذا الكوكب، إن كل نظام بيئي وكل نوع حي يعتمد على المياه".

وتابع مؤكدا: "إن نقاشنا ليس فقط حول السائل الموجود في زجاجة، إن الأمر يتعلق بالكرامة، الفرصة، صحتنا وقدرتنا على البقاء".

مناقشة