يرى مراقبون أن تلك الأعمال التي تقوم بها قوات الدعم السريع وقائدها، قد يكون هدفها دعاية مبكرة لـ"حميدتي"، وقد لا يكون هذا الأمر من بين أهدافها، إنما تريد الأمن والاستقرار للبلاد، خصوصا أن قوات الدعم السريع كان بمقدورها الوصول لأهدافها فور سقوط الرئيس السابق عمر البشير، الأمر لا يمكن الحكم عليه في الوقت الراهن لأن الأوضاع متشابكة ومعقدة.
الأمين العام للمركز السوداني المستقل للدراسات الاجتماعية، محمد محمد عثمان عمر يرى أن تحليلات المركز لا تقف على جانب واحد عند تحليل أي قضية، لكنها تراقب الموقف من زوايا مختلفة، فلا تهمنا الأفعال السياسية كثيرا وإنما الآثار الإجتماعية وهذا ما نقوم بقياسه وتحليل أثره.
أدوار إيجابية
وفي حديثه لـ"سبوتنيك" قال عمر: "على سبيل المثال، لا نقوم بالحكم على أي جهة وشخص بحسب ما يشاع و يعتقده البعض عنه، وإنما من خلال أثر منجزات قوات الدعم السريع على الأرض، فحميدتي الذي يعتبر أحد اللاعبين الأساسيين في تأمين ثورة ديسمبر المجيدة، نجد كمراقبين للساحة الاجتماعية أن لديه وقواته الكثير من الأدوار الإيجابية التي تصب في مصلحة الأمن القومي السوداني وكذلك بالنسبة لدول الجوار".
وتابع: "الرجل يتحمل أعباء التصدي للإرهاب والهجرة غير الشرعية وحملات جمع السلاح، وحينما كان يعتقد العامة أنه يقوم بحماية المخلوع وزمرته، اكتشف الناس أنه كان يحميهم، فلو كان يريد السلطة، لواصل في نفس مهامه السابقة دون مخاطرة بهذا التغيير العسكري في ١١ أبريل/نيسان وقت تنحي البشير".
وأشار عمر، إلى أن: "حميدتي بعد الثورة قام بنشاط دؤوب اشتمل على مساعدة المواطنين، وتسيير قوافل المساعدات الإنسانية حسبما تقتضيه الظروف، والصلح بين القبائل، وإسهامات مختلفة تدعم مصلحة الوطن والمواطنين، فتارة نجده في ملفات السلام وتارة تجده يقف على تفاصيل البناء ومرحلة ما بعد السلام".
ودعا الأمين العام للمركز السوداني المستقل للدراسات الاجتماعية، مجتمعات اليسار واليمين السياسي إلى أن: "تركز على العمل الاجتماعي وآثاره في ظل الأزمات الحالية المتعاقبة، فالسودان الآن ليس بحاجة لتصفية صراعاتهم القديمة المتجددة، فالبلاد تحتاج لكل أبنائها الذين يعملون لأجلها دون إقصاء، وهذا ما ذهب إليه حميدتي وإدارات الدعم الاجتماعي بقوات الدعم السريع".
ولم يختلف أُبي عزالدين عوض، المدير الأسبق لإدارة الإعلام برئاسة الجمهورية السودانية إبان حكم البشير مع الرأي السابق، بل يرى أن قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي تعرضت صورتها لعملية تشويه ممنهج من طرف خصوم سياسيين يحاولون شيطنتها بأي طريقة كانت، وهذا ظلم كبير، نظرا لأدوارها التنموية والمجتمعية الكبيرة التي لا تخطئها عين.
وتابع عزالين لـ"سبوتنيك": "لم تتوقف هذه الأدوار منذ عدة سنوات، حتى أن منظمات الاتحاد الأوروبي قد شهدت الإسهامات الكبيرة لهذه القوات في الجانب الإنساني المتعلق بمكافحة تهريب البشر والاتجار بهم، المعروف لدى العامة أن قوات الدعم السريع هي قوات قتالية خاصة للإسناد السريع للجيش في مهام تخصصية، ولكن ما يغيب عنهم ويحتاج لتسليط الأضواء عليه في الرأي العام الدولي، هو الأدوار المجتمعية والأدوار التنموية لهذه المؤسسة التي يشوب صورتها كثير من التشويش السياسي المتعمد من طرف منسوبي نفس الأحزاب العميلة التي تدعو لتفكيك مؤسسات الجيش والأمن والشرطة، لتمكين كوادرها السياسية لتصبح بديلة لحفظة الأمن".
وأكمل، من الغريب أن مطلقي هذه المزاعم من تنظيم تجمع المهنيين، هم نفسهم من قاموا بتوقيع وثيقة الشراكة السياسية بين المدنيين والعسكر، بين أحمد ربيع و الفريق حميدتي.
حملة انتخابية مبكرة
وحول دور حميدتي في الواقع السياسي وهل تعد تمهيد لقيادة البلاد في مرحلة قادمة قال: "لا أعتقد أن زيارات الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) وطوافه على الولايات ومجتمعاتها وإشرافه على مبادرات الصلح والعمل الإنساني والاجتماعي، هي نوع من الحملة الانتخابية المبكرة كما يزعم المعارضون، وإن جاز له ذلك ولأي مواطن آخر، ولكن أدوار قوات الدعم السريع في دعم وتنمية هذه المجتمعات كانت متواصلة منذ عهد البشير، الذي قام مع قيادات الجيش بمن فيهم المشير عبدالفتاح البرهان والمخابرات بصنع هذه القوات بمواصفات خاصة لحفظ الأمن في المنطقة، ولكن لم يكن هناك تسليط إعلام على مجهوداتها التنموية".
ولفت عز الدين إلى أن، تحركات حميدتي المتكررة والمتواصلة في البلاد وخارجها، تصب في مصلحة دعم السلم والأمن المجتمعي والاقليمي، فهو الركيزة للتنمية في البلاد، وهو ما تعلمه تماما قيادات قوات الدعم السريع.
وأشار إلى أنه: "من المعلوم أن عموم القوات النظامية في السودان، هي ذراع تقاتل وتحمي وقت الحرب، وذراع تدفع وتبني وقت السلم، وبالتالي لا أرى أي رابط بين هذه المجهودات المستمرة منذ سنوات، وبين ما يعتبره خصوم المؤسسة العسكرية بأنه حملة انتخابية سياسية مبكرة، مع أن من حقه مثل أي مواطن أن يتقدم بالترشح للمنصب الذي يريد ليواصل منه تقديم البذل والعطاء والدعم للبلاد".
دارفور والدعم السريع
كان قائد قوات الدعم السريع قطاع شمال دارفور العميد جدو حمدان أحمد قد صرح بجاهزية قواته لبسط هيبة الدولة وحفظ الاستقرار والأمن في ربوع الولاية، خلال اللقاء الذي جمعه بمكتبه في 21 مارس/آذار المدير التنفيذي لمحلية كبكابية محمود الزين، مؤكدا أن المناطق المحلية تشهد استقرار أمنياً ملحوظاً بفضل الوجود المعتبر والانتشار الكثيف لقوات درع السلام التابعة لقوات الدعم السريع.
ودعا إلى الاستمرار في التنسيق والتعاون المشترك مع كافة الجهات وأطراف العملية السلمية، وصولا إلى سلام واستقرار دائمين بفضل الأدوار الأمنية الكبيرة التي تقوم بها قوات الدعم السريع في تأمين ربوع دارفور.
واندلع الصراع في دارفور في 2003 بعد أن ثار متمردون أغلبهم ليسوا من العرب على حكومة الخرطوم، ووجهت اتهامات لقوات الحكومة وميليشيا أغلبها من العرب تم حشدها لقمع التمرد بارتكاب أعمال وحشية واسعة النطاق وإبادة جماعية، وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 300 ألف شخص قتلوا في هذا الصراع.
ولم تشهد المنطقة قتالا ضاريا منذ سنوات، لكن الصراع بقي دون حل مع بقاء مليشيات عربية هناك في أراض تسيطر عليها.
وتعهدت الحكومة المدنية التي تدير السودان مع الجيش في فترة انتقالية منذ الإطاحة بالبشير بإنهاء الصراع، وتجري محادثات مع بعض الجماعات المتمردة التي قاتلت ضد حكومة البشير في دارفور ومناطق أخرى من البلاد ولم توقع على اتفاق السلام الأخير في جوبا.
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.