الفنان لا يعتبر فقط نهجا معبرا عن الواقع الذي يعيشه المجتمع، بل يتحمل أيضا مسؤولية أكبر، مسؤولة التعبير عن الواقع بمعنى أعمق من الحقيقة، أي تقديم البعد الوجداني للواقع بمأساته ومعاناته وقضاياه ورسالته، وهو ما نجح به الفنان التشكيلي الفلسطيني السوري، معتز مصطفى العمري، الذي جسد في أعماله واقع القضية الفلسطينية بوجدانها وثقافة الشعب الفلسطيني وتاريخه وعراقته.
في لقاء أجراه مع وكالة "سبوتنيك"، تحدث الفنان التشكيلي، مسؤول المعارض في اتحاد الفنانين التشكيلين الفلسطينيين في دمشق، معتز العمري، عن بداية أعماله وانعكاس الواقع على تلك الأعمال التي شارك من خلالها في عدد من المعارض بمدينة دمشق.
عن بداية العمل الفني يقول العمري في تصريحات لـ"سبوتنيك"، "بدأت قصة الرسم منذ الطفولة وهو أمر يستهوي غالبية الأطفال في هذه المرحلة لأنه يمثل اكتشاف جديد للطفل وقد استهوتني الألوان والأشكال منذ الصغر وكنت أشعر أني كلما رسمت شيء معين كأني امتلكته. ومن هنا بدأت حب الرسم وكانت أسرتي داعمه لي ومشجعه وكان عمي يرسم وكانت تسحرني ألوانه ولوحاته فكانت البذرة الأولى للرسم".
ويتحدث العمري عن علاقة الرسم بالواقع، وعن الرابط الذي يجمع بين العمل الفني والحرفة، ويقول: "الفن لا ينفصل عن الواقع وهناك ربط ولو بسيط بين الفن والحرفة وهو رابط الجمال.
العمري: "ما يفرق الفن عن الحرفة هون أن الفن متجدد ودائما العمل الفني لا يكون مشابه لسابقه من حيث اللون وبناء اللوحة، أما الحرفة فهي إنتاج عدد من القطع الجميلة متشابهة وتعتمد على الإنتاج والكم عكس الفن الذي يعتمد على النوع والتفرد والتجديد".
وعن الأدوات والمعارف التي يحتاجها الفنان، يقول العمري: "يحتاج الفن لمعرفة العديد من الأشياء المتعلقة باللون والقماش وفراشي الرسم والمكان، وهذه الأشياء من المهم لأنها تشكل بداية انطلاق العمل الفني وتعتبر من بديهيات العمل الفني وعلى الفنان القدرة على التعامل مع أي نوع من الألوان سواء كانت زيتيه أو مائية أو أكرليك أو أحبار".
العمري: "الفن يحتاج للمعرفة والثقافة الحياتية ويحتاج للقراءة والاطلاع على تجارب الآخرين وهو يرتكز على الفكر والفلسفة ليكون عمل فنيذي قيمه وهذه أسس العمل الفني ومكوناته ليكون صحيحا ويحقق المطلوب منه".
وعن المسؤولية التي يتحملها الفنان في رسالته، يضيف العمري: "الفن لا يمكن أن ينفصل عن الواقع وما يحدث في العالم فالفنان صاحب الرؤية المستقبلية للأحداث من خلال أعماله التي تأتي عن طريق الوعي واللاوعي واستقراء لما يحدث وصياغته بأسلوب فني".
العمري: "أنا كفنان فلسطيني وأعيش في سوريا لا يمكن لأعمالي أن تكون بمعزل عما يحدث وحدث أن كان في فلسطين وما تعرضت له من احتلال من قبل الصهيونية العالمية ومحاولة طمس معالم الوجود الفلسطيني وتاريخه وما حدث في سوريا من معناة من خلال الحرب التي تعرضت لها من قبل الدول الغاصبة والتي تسعى للسيطرة على الشعوب واحتلال أوطانها فالفن يؤكد على حقنا في أرض فلسطين من خلال استخدام رموز الأرض وصمود الشعب".
ويشير العمري إلى الفروقات في طريقة النظرة إلى الفن في العالم العربي، ويقول: "اعتقد أن الفن بالعالم العربي يحظى بدوره في كل بلد عربي على حده وهنا يتفاوت مستوى الفن في كل بلد عربي من حيث قوته ومن حيث مواكبته لما يحدث فالفن في سوريا مختلف عن الفن بالأردن مثلا أو في مصر أو الجزائر فلكل بلد رؤية مختلفة لمفهوم الفن في مصر الحرفة تتغلب على الفن والمغرب العربي أيضا".
وعن واقع الفن في سوريا وفلسطين، يشير العمري: "أما سوريا وفلسطين فالفنانون يتناولون مواضيع لها علاقة بالحياة والمعناة. وهناك بعض الأشخاص ممن يشجعون الفن ويقتنون أعمال فنيه، ولكن ليس بالشكل الذي يليق بإنتاج الفنانين وأذكر السيد نعيم فرحات ممن يشجعون الفنانين ويقتني أعمال لها علاقة بالقضايا الإنسانية وقضية فلسطين والفضية السورية وهذا يدعم الفنان ويعطيه الدافع الأكبر لإنتاج أعمال مهمه تحمل في طياتها البعد الإنساني".
ويتحدث العمري عن الطريقة التي يستلهم من خلالها الفنان أفكاره ويحولها إلى لوحه فنية: "بالنسبة للأفكار فهي تصبح أسهل عندما يمتلك الفنان فكر وثقافة فنحن نعيش ضمن الأفكار واستمدها من حياة الناس ومن خلال ما يجري بالواقع ومن أحداث وملهمي هم الشعوب والكادحين والأنثى التي تشكل الملهم الأكبر للفنان".
"طبعا الشعر يمثل ملهما للفنان لما يحمله من صور متنوعة من خلال الكلمة ".
وينوه العمري إلى الأعمال الفنية التي يركز عليها في الوقت الحالي، ويتابع: "أعمل على عدة مواضيع إنسانيه مثل (أم عزيز) وهي أم فلسطينية فقدت أولادها الأربعة في صبرا وشاتيلا وبقيت متمسكة بالأمل حتى مماتها".
العمري: "أعمل على تجهيز معرض فردي بعد عدة معارض فردية أقمتها في دمشق واللاذقية".
ويتابع العمري: "أعمل على مشروع اسمه (مدينة الخيم) مع عدد من الفنانين وهو مشروع سيكون معرض عالمي عندما يتم عرضه".