رد جزء من الودائع تدريجيا.. هل تنجح مبادرة حاكم مصرف لبنان في تخفيف الأعباء الاقتصادية؟

في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، واتهامات الفساد التي تلاحقه، قدم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ما وصفه بأنه مبادرة من شأنها أن تضمن لبعض المودعين الحصول بشكل تدريجي على ودائعهم بالعملات الأجنبية.
Sputnik

وقال حاكم المصرف المركزي، في بيان، إنه "بعد نجاح التعميم 154 والتزام المصارف بمندرجاته، يعمل مصرف لبنان على إطلاق مبادرة تهدف إراحة اللبنانيين ضمن القوانين والأصول التي ترعى عمل مصرف لبنان، وذلك رغم الأزمة الخانقة التي يعمّقها غياب حكومة فاعلة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وتستعيد علاقات لبنان العربية والدولية والثقة الداخلية والخارجية".

حاكم مصرف لبنان يكشف عن حجم أملاكه الخارجية ومصادرها

وشكك مراقبون لبنانيون في مدى فاعلية هذه المبادرة، مؤكدين أنها مجرد وعود زائفة، وتسكين للمودعين، لكنها لن تقدم أي حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

مقترح سلامة

ويلزم التعميم المذكور المصارف اللبنانية بزيادة رأسمالها بالدولار بنسبة 20%، علاوة على تأمين نسبة 3% من ودائعها مع المصارف المراسِلة في الخارج.

وأوضح سلامة أن "مصرف لبنان يفاوض حالياً المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وكما أصبحت في 31 آذار/مارس 2021، وذلك بالعملات كافة".

تخبط مصرفي

اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن ما طرحه حاكم مصرف لبنان ينم عن تخبط يمارسه الحاكم، حيث أن اقتراح دفع جزء من ودائع العملات الصعبة بنفس العملة ورد في مشروع قانون الكابيتال كونترول المطروح لدى مجلس النواب اللبناني والذي لم يتم إقراره إلى الآن، حيث ورد في المشروع دفع نصف ما تتم الموافقة على سحبه شهريا "بالدولار الأمريكي" أو بأي عملة صعبة معادلة.

وأكد بحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أن إلقاء هذا الاقتراح في التداول اليوم يستهدف التغطية على قرارات رفع الدعم أو التقنين القاسي الذي يمارسه مصرف لبنان والتي أدت إلى فقدان الكثير من السلع في السوق المحلي من بنزين وأدوية ومواد غذائية.

صحيفة: حاكم مصرف لبنان مصمم على وقف الدعم بعد نهاية الشهر القادم​​​​​​​

من ناحية أخرى –والكلام لا يزال على لسان عكوش- يستهدف المقترح أيضا رمي الكرة في ملعب السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي قصرت في القرارات المطلوبة لمعالجة الأوضاع الحالية، والدفاع عن نفسه في مواجهة الدعاوى المتراكمة ضد الحاكم والتي تتهمه بالتهريب وتبييض الأموال والدخول في ملفات فساد.

ويعتقد المحلل الاقتصادي اللبناني، أن ما طرحه الحاكم لا يمكن تطبيقه بشكل مستقل عن إقرار قانون الكابيتال كونترول، وفي حال تطبيقه، سيترحم اللبنانيون على هذا القانون، وفقا لوصفه.

تجارب فاشلة

بدوره أكد قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، أن حاكم مصرف لبنان، اقترح العديد من القرارات، واتخذ بعضها منذ بدية الأزمة، ولكنها لم تؤت ثمارها، لأنها كانت بمثابة تجارب للاختبار.

واعتبر في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن ما طرحه اليوم من فكرة إعطاء المودعين بعضًا من فتات ما تبقى، ما هو إلا أفكار لإلهاء الناس، وإيهام المودعين بوعود براقة لن تقدم ولن تؤخر شيئًا.

ويرى عضو مجلس النواب أن هناك الكثير من الشكوك حول إمكانية تحقيق هذه الفكرة، التي حتى ولو تم تنفيذها وخلال مهلة الأربع سنوات، فهي لا تساوي شيئًا بالنسبة لحقوق المودعين.

ووصف هاشم كل الأفكار التي يتم تقديمها هذه الفترة على أنها مجرد ذر للرماد في العيون، حيث لا يوجد قدرة على تطبيقها، موضحًا أن وعود المنصة تنتقل من أسبوع إلى آخر، ولم تر النور بعد.

وكان قد كشف رياض سلامة تفاوض مصرف لبنان مع المصارف اللبنانية حاليًا بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها البنوك بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 حتى 31 مارس/ آذار 2021، وذلك بالعملات كافة.

وأضاف سلامة أنه لتحقيق ذلك طلب مصرف لبنان من البنوك تزويده بمعطيات يبني عليها خطة، يتم بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أمريكي، أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية.

وقال حاكم مصرف لبنان إنه سيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يحددها المصرف قريبًا، مُرجحًا بدء الدفع اعتبارًا من 30 يونيو/ حزيران 2021 شريطة الحصول على التغطية القانونية.

مناقشة