فما أسباب فشل غريفيث، وهل يحقق المبعوث الجديد ما فشل فيه سابقوه؟
يرى المحلل السياسي اليمني أكرم الحاج، أن مارتن غريفث المبعوث الأممي إلى اليمن، والذي جاء خلفا للموريتاني الأصل اسماعيل ولد الشيخ مطلع شباط/فبراير 2018، قد فشل في تحقيق أي شيء لحل الأزمة وإنهاء الحرب المشتعلة منذ سنوات.
لم يكن صريحا
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "أسباب فشله أنه لم يكن صريحا وواضحا في تحركاته بين أطراف النزاع وحتى في إحاطته أمام المجتمع الدولي، فقد كان يقول أن هناك تقاربا بين الفرقاء وأن التوصل إلى توافق بات قريبا في الوقت الذي تتباعد فيه الفجوة بين الأطراف، ولم يتحدث صراحة عن الطرف المعرقل، وكنا نلاحظ في تحركاته وكأنه لا يعرف ما الذي يريده".
غير مرغوب فيه
وتابع "في الآونة الأخيرة ونتيجة مراوغة الرجل، أصبح مثار هجوم واتهام وتحول إلى شخص غير مرغوب فيه من كل الأطراف، ناهيك عن جهل الرجل بخلفيات الصراع والتركيبة القبلية التي تعد أحد المعوقات للوصول إلى أي تفاهمات، ومعروف عن غريفيث إهداره للوقت والجهد على رهانات خاسرة بدأها منذ كان مديرا تنفيذيا للمعهد الأوروبي للسلام، معتقدا أن مفتاح السلام في اليمن بيد شيوخ القبائل، بينما المعروف عن القبيلة اليمنية أنها مع الأقوى دائما".
إخفاقات متتالية
وأشار المحلل السياسي إلى أن "مارتن غريفيث كان أكثر المسوقين للفشل ومروجا للإخفاقات المتتالية، بل وصل إلى أن يسوق الوهم متناسيا حجمه الدبلوماسي كمبعوث أممي، وإن صح الوصف لم يكن بقدر عال من الدبلوماسية والمهارة فالرجل كان يطرح خيارات للأطراف المتصارعة في اليمن، ولا يطرح حلولا ويحمل رؤية مطاطية، ولعل المبعوث الأممي القادم سوف يصدم لأن سلفه لم يترك له أرضية ومهارات وإنجازات يمكن البناء عليها، فكل مبادرة في عهد غريفيث كانت تموت قبل جلوسه مع الأطراف المتصارعة، حتى صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين، والتي تمت في عهده، حيث تم تبادل ما نحو 1500 أسير بين الأطراف اليمنية، وهي صفقة إعلامية، حيث كان هناك توافق مسبق بين الأطراف المتحاربة وبإشراف الصليب الأحمر الدولي".
تأخر كثيرا
من جانبه قال رئيس مركز جهود للدراسات باليمن الدكتور عبد الستار الشميري، إن "تغيير المبعوث الأممي مارتن غريفيث كان لابد منه وجاء متأخرا، لأن هذا الرجل أسوأ من سابقيه بكثير".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "صحيح أن أي مبعوث جديد لن يغير في أساسيات الخلاف والصراع، ولن يستطيع تغيير مجرى الأحداث كثيرا، لكن هناك ملفات مهمة يمكن أن يدور في فلكها ويتقدم فيها، لا سيما الملفات الإنسانية، حيث شهدت فترة غريفيث عبث كثير وعمليات فساد في المواد الإغاثية والتي قد تفتح فيها تحقيقات خلال الفترة القادمة".
الدعم الدولي
وأشار الشميري إلى أن "أي مبعوث جديد ما لم يكن مسنودا بإرادة دولية، وبالتحديد من أعضاء مجلس الأمن الدائمين، حيث بيد المجلس كل السلطات والعقوبات والإجراءات الحاسمة، صحيح أن المبعوث الأممي كان سيئا، لكن لم يكن باستطاعته أن يفعل شيئا، لأن الأمر ليس بيده ولا بيد الأمين العام، لأن مصالح الدول الكبرى هي التي تتشابك وتتنازع، وتجعل قضايا وملفات الشرق الأوسط وغيرها محل صراع، وأي قرارات قوية وحاسمة يطرحها البعض تقابل باعتراض من البعض الآخر".
وتقود السعودية، منذ مارس/آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.