ويرى مراقبون أن قطر لها باع طويل في ملفات التفاوض والوساطة، خاصة بعد نجاحها في ملف فلسطين وإسرائيل، وملفات أخرى، مؤكدين أن تدخل الدوحة يصب في صالح الأمن القومي العربي.
وأفادت وكالة الأنباء الإثيوبية، يوم الخميس، بأن وفدا برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية رضوان حسين أجرى زيارة عمل إلى دولة قطر.
وساطة قطرية
وأجرى حسين خلال الزيارة محادثات مع وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تناولا فيها القضايا الثنائية والإقليمية.
وحضر اللقاء أعضاء الوفد الإثيوبي ونائب وزير الخارجية القطري سلطان بن سعد الموريكي، كما التقى الوفد في وقت لاحق مع ممثلين عن مختلف جمعيات المغتربين الإثيوبية في قطر للحديث عن الوضع الحالي في إثيوبيا.
وتناولت المحادثات "الوضع الحالي لسد النهضة والتعليقات التي أثيرت بشأنه" والعلاقات بين إثيوبيا وقطر، فضلا عن القضايا الإقليمية. وقال رضوان إن "الوقت قد حان لكي يدعم الإثيوبيون الحكومة لمواجهة التحديات الداخلية ومقاومة الضغوط الخارجية لبناء مستقبل أفضل".
وكان محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، زار مصر منذ يومين، لطي صفحة الخلاف بين الدوحة والقاهرة. وقال إن بلاده ترى أن مصر من الدول الكبرى في المنطقة وتلعب دورا قياديا في الملفات الإقليمية.
وأضاف الشيخ محمد في مقابلة تلفزيونية :"علاقتنا مع مصر مرت بمراحل فيها توترات كثيرة ولكن كان هناك حفاظ على الحد الأدنى للعلاقة حتى في مرحلة الأزمة، سواء من ناحية عدم مس الاستثمارات القطرية أو تسهيل بقاء الطلاب القطريين في مصر وهذا كان مقدر من جانب قطر".
خبرة قطرية
اعتبر عبدالله خاطر، المحلل القطري، أن بعد تحسن العلاقات المصرية القطرية وكون قطر تملك علاقات قوية مع مختلف دول القرن الأفريقي وإثيوبيا، وبحكم خبرات الدوحة في قضايا المفاوضات وسمعتها ونزاهتها ترى أنه يمكن إيجاد حلول في ملف سد النهضة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، تجد قطر أن هناك فرصة لنجاحها في إمكانية إيجاد هامش مباحثات قد تؤدي لتوافق الأطراف المعنية في هذا الشأن، ويرى أن أزمة سد النهضة وتعبئة السد الثانية معضلة وأزمة كبيرة، وفي حال استطاعت قطر حلحلتها ستضاف لمكاسب قطر الدبلوماسية.
وأوضح أن قطر تملك الكثير من الأوراق لدفع التفاوض من جانب الطاقة خاصة الطاقة النظيفة إلى القدرة على الاستثمار، مضيفا: "لذلك قد تفاجئنا قطر على قدرتها على حل المعضلات على المستوى الإقليمي والعالمي".
وتابع: "رأينا قطر تمكن الولايات المتحدة وطالبان وطالبان والحكومة الأفغانية من التوافق على حلول سلمية، وكذلك قدرتها على التوسط لإيقاف المواجهات الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية".
تعنت إثيوبي
بدوره اعتبر الدكتور مختار غباشي، رئيس المركز القومي للدراسات السياسية والاستراتيجية أن محاولة دولة قطر التدخل لحلحلة الأزمة القائمة بين مصر والسودان وإثيوبيا مقدرة، وتعني أن الدوحة عادت إلى الحضن العربي، وهذا أفضل للأمن القومي العربي بدلًا من أن تتجاذب أطراف دولية الدوحة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فرغم الجهود القطرية وقبلها الأمريكية والروسية والأفريقية لن تستجيب إثيوبيا لأي محاولات لتقريب وجهات النظر في هذا الموضوع، نظرا لأن هناك ملفات في النزاعات الدولية غير قابلة للحل، مثل الملف الفلسطيني، وأيضا أزمة سد النهضة.
ويرى غباشي أن التعنت الإثيوبي وإنكار أديس أبابا للحقوق التاريخية لمصر والسودان في نهر النيل، تجعل من هذه الأزمة غير قابلة للحل، حيث لم يعد هناك أي آلية عقابية تضمن التزام إثيوبيا بأي اتفاق يمكن توقيعه بشأن ملء السد.
وأكد أن الوساطة القطرية رغم أهميتها لن تجدي نفعًا في ظل فشل كافة الضغوط الدولية على إثيوبيا لتوقيع اتفاقية تضمن حقوق مصر والسودان، مشيرًا إلى أن حل هذه الأزمة لن يكون إلا عن طريق التدخل الجراحي لاستئصال مصدر التهديد.
وكان وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قد أكد عزم بلاده مواصلة الدعم والمساندة للسودان في قضاياه الآنية التي جعلته في قلب الأحداث، ولا سيما قضيتا سد النهضة والتوترات الحدودية مع أثيوبيا.
وفشلت حتى اليوم كل جولات المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل لاتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد، وكان أبرز تلك الجولات تلك التي عقدت برعاية أمريكية، دون توقيع اتفاق بين الدول الثلاث، حيث رفضت إثيوبيا توقيع الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات.
كما فشل الاتحاد الأفريقي على مدى ثلاث دورات، برئاسة كل من مصر وجنوب أفريقيا والكونغو على التوالي، في دفع الدول الثلاث لإبرام اتفاق.