وفي البداية، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، والسفير السابق بالخارجية العراقية، قيس النوري: "بالنظر إلى المشهد الراهن في العراق وبنظرة تشخيصية، لا يجد المتابع إلا مشهدا مروعا على كافة الصعد، حيث لم يؤشر لكل الحكومات التي تلت الاحتلال، انتهاء بحكومة الكاظمي، إلا زيادة الخراب وفقدان الأمن وغياب سلطة الدولة، لحساب الميليشيات الطائفية المهيمنة علنا وبقوة السلاح على كل مفاصل الحياة في عراق اليوم".
وأضاف النوري في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "نتيجة للواقع على الأرض باتت تصريحات الكاظمي الأخيرة مدعاة للسخرية، خصوصا بعد التهديدات التي تطلقها الميليشيات بعكس أي قرار يتخذه رئيس الحكومة، حتى وإن كان الاجراء بحق القتله ، لذلك فإن الشارع العراقي يجمع على ضعف وهزالة هذه الحكومة، التي لا سلطة لها حتى على المربع البائس الذي تحتمي به".
وأكد النوري، أن عراق اليوم ما زال يرزح تحت سطوة الانفلات المسلح، متجاوزا القوانيين المعطلة أصلا بفعل هذا الانفلات، ومن ثم فإن الحديث عن هيبة الدولة واستقرار البلاد، ما هو إلا هراء مفضوح، والوصف الدقيق للحال السائد هو اللا دولة.
قانون "أربعة إرهاب"
من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي عبد القادر النايل، إن "الكاظمي أسقط كل آمال الإصلاح، بعد خضوعه لشروط مليشيات الحشد الشعبي، ولاسيما بعد إطلاق سراح القيادي في مليشيات الحشد قاسم مصلح، دون الاستماع لشهادات أهالي قتلى المتظاهرين، وفي مقدمتهم عائلة إيهاب الوزني، والاستماع إلى أدلتهم".
وأضاف النايل في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه من المعلوم أن مذكرة "أربعة إرهاب"، لا تصدر إلا بوجود دليل فكيف صدرت إذا كان هو برئ، وهذا يدعونا إلى المطالبة بإعادة محاكمة العراقيين، الذين صدرت بحقهم مذكرات قبض ومحاكمات على أساس قانون الإرهاب، الذي يتم استخدامه بشكل واسع على المكون السني في العراق.
السلاح المنفلت
وأشار النايل إلى أن، استدعاء قاآني إلى بغداد من الكاظمي، حسب مصادر سياسية كان للتهدئة مع السلاح المنفلت والمليشيات، التي اقتحمت المنطقة الخضراء، وأن هذا الإعلان حول ابعاد شبح الحرب، يؤكد على عدم جدية الكاظمي في مواجهة السلاح المنفلت، وهذا سيعطي إشارات واضحة أن السلاح المنفلت والمليشيات هى من ستتحكم بالعراق، لأن الحكومة وقواتها العسكرية والأمنية عاجزة عن حماية الشعب، وأن الاستعانة بمسؤولين إيرانيين لحل المشاكل والتهدئة، أفقدت الدولة هيبتها وسيادتها.
وأوضح المحلل السياسي، أن "ضعف الحكومة الكبير أفقدها السيطرة على القرار السياسي والاقتصادي والأمني، الأمر الذي سيفتح المجال أمام الفوضى القادمة في العراق على جميع الأصعدة، لأن التوصيف الشعبي للكاظمي الٱن يعرف بأنه، القائد العام للسلاح المنفلت، وهذا ما أوصل رسائل سلبية إلى الشعب العراقي، بعدم وجود حكومة تدافع عنهم، مما سيفتح المجال للعمل الشعبي الواسع دون الاعتماد على الحكومة، وأن الانتخابات لا أمل فيها لإحداث التغيير السياسي في العراق".
يذكر أنه سبق وقال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أمس الثلاثاء، إن حكومته تمكنت من إنجاز خطوات مهمة في طريق الإصلاح، مشيرا إلى إبعاد شبح الحرب عن العراق.
وقال الكاظمي، خلال جلسة مجلس الوزراء، إن "الحكومة تمكنت، برغم التركة الثقيلة والتحديات الكبيرة، من إنجاز خطوات مهمة على طريق الإصلاح، وإنقاذ البلد مالياً واقتصادياً، وتحاول جاهدة وبخطط واستراتيجيات تم إعدادها من وضع البلد على الطريق الصحيح"، وذلك حسب "وكالة الأنباء العراقية".
وأضاف، "لقد عانى شعبنا كثيرا وخذله الفاسدون وتجار الشعارات ومن لا ضمير له، واليوم نضع أمامكم وبكل شفافية ما أنجزناه وما لم ننجزه بعد، وما نحن في طريق إنجازه، خدمة للعراق والعراقيين الذين يستحقون الأفضل".
واستمر بقوله "لقد عانى شعبنا كثيرا وخذله الفاسدون وتجار الشعارات ومن لا ضمير له، واليوم نضع أمامكم وبكل شفافية ما أنجزناه وما لم ننجزه بعد، وما نحن في طريق إنجازه، خدمة للعراق والعراقيين الذين يستحقون الأفضل".
ولفت بالقول "نجحنا في إبعاد شبح الحرب عن العراق، ومضينا بسياسات داخلية متزنة، وعلاقات فاعلة ومتوازنة مع جميع جيراننا والقوى الإقليمية والدولية المختلفة. ووضعنا أول خطة للإصلاح الإقتصادي في تاريخ العراق، ومهدنا جميع المتطلبات للانتخابات، كما حققنا نجاحات في قطاع النفط والزراعة والاتصالات والموارد المائية، وفعلنا ملف مكافحة الفساد بإلقاء القبض على العشرات من كبار الفاسدين، بالرغم من كل المعرقلات وصعوبة المهمة التي تحملتها هذه الحكومة، مازلنا نعتقد بأنها حققت تقدماً كبيراً في ملفات عدة".
وأكد الكاظمي "عدم الإصغاء للأصوات التي غرضها النيل من الحكومة وعملها، خاصة إجراءاتها التي ضربت مطامعهم، لأننا وضعنا مصلحة العراق أولاً ولا مطامع لدينا".