يرى مراقبون، أن الأمور تسير بشكل غير شفاف وتنتابه التقسيمات الحزبية والمحاصصات إلى جانب مخاوف السلطة الحالية من التغيير الذي قد يأتي بوجوه لا تتفق معهم سياسيا وفكريا، لذا تتم عمليات الاستبعاد من البداية، وهذا الأمر قد يقضي على أي آمال للمشاركة الشعبية التي لم تتجاوز 18 في المئة في المرة السابقة، وقد تتجاوز هذه المرة 10 في المئة بقليل، إذا ما تم إجراء تلك الانتخابات.
يرى المحلل السياسي العراقي، الدكتور عادل الأشرم، أن :"قرارات مفوضية الانتخابات العراقية باستبعاد عدد ممن تقدموا بأوراق ترشحهم، لعدم صلاحيتهم لخوض الانتخابات، هي أمور سياسية وليست قضائية وغير جديدة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن: "القوانيين التي تم إقرارها من بعد العام 2003، مثل قانون اجتثاث البعث، المساءلة والعدالة، وعدد من القوانين الأخرى التي تتحور وتتكيف حسب المرحلة، وهي قوانين تعود عليها الشارع العراقي، لذا فإن الحركات والأحزاب السياسية الآن هي المهيمنة على المفوضية".
تشكيل المفوضية
وتابع الأشرم، موظفي المفوضية، سواء في المجلس الأعلي للمفوضية أو من يتدرج تحت هذا الهرم حتى القاعدة، هم عبارة عن تشكيلة كاملة من التقسيم والمحاصصات للحركات والأحزاب في المناطق ككل، وكلمة مستقلة هي موجودة فقط في العنوان، أما على أرض الواقع فليس هناك استقلال، لأن الموظفين كل منهم يتبع لجهة بعينها، نعم هم لا يعلنون انتمائهم لهذا الحزب أو الفصيل، لكن كل منهم ينتمي إلى جهة بعينها.
وأوضح المحلل السياسي :"نظرا لهيمنة الأحزاب والفصائل على الواقع السياسي، فإنها تخشى من تغير الحال ووصول شخصيات لا تنتمي إلى تيارها، أو مخالفة للأجهزة الخارجية التي تؤمن بها تلك الأحزاب، لذلك يلجأن للمفوضية في عملية إقصاء واستبعاد من لا يرغبون بتواجده، وأصبح هذا الأمر في الفترة الأخيرة أكثر تكريسا وخوفا بحكم ما حدث في ثورة تشرين، والتي أوضحت أن هناك رغبة جماهيرية جامحة ترفض الاتجاهات الحزبية والسياسية الموجودة ضمن البنية السياسية العراقية بعد العام 2003 ، حيث بدا واضحا للجميع أن أحزاب إيران هي التي تسيطر على الحكم في العراق".
مخاوف كبرى
وأشار الأشرم، إلى أن هناك مخاوف كبرى بعد تعديل وتقسيم الدوائر، تخوفا من اجماع ومشاركة الجماهير في الانتخابات واختيار شخصيات لا يرغبون هم بها، إن كان هناك قدر من النزاهة، فلو وجد ما يقارب ثلث النزاهة فإن ذلك يمكن أن يغير المعادلة بشكل كامل، لذا هم يلجأون إلى إقصاء أي شخصية لا تنتمي إلى فكرها وتيارها.
النزاهة العراقية
من جانبه قال المحلل السياسي العراقي مكي النزال، إن "كل من يرضى بتلك العملية السياسية المشوهة ويخالف الإرادة السياسية الشعبية لا يصلحون لتلك الأماكن، ومفوضية الانتخابات تنتمي لتلك الأحزاب الحاكمة في العراق تحت ظل الاحتلالين الأمريكي والإيراني".
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه لا جديد في الانتخابات القادمة، جميعها يصب في إدامة العملية السياسية، وتلك الوجوه والوجود الأجنبي في العراق، وكل الإجراءات ليست في صالح الانتخابات التي أجلوها وربما يؤجلونها مرة أخرى إلى أن يرتبوا أمورهم لكي تبقى هذه العملية السياسية نافذة في العراق.
وأوضح المحلل السياسي، أن كل ما يحدث الآن هو في مصلحة من يحكمون في هذا التوقيت، تأجيل الانتخابات أو إلغاؤها أو إقامتها تحت تهديد سلاحهم في مصلحتهم، وقد توقعت أن يكون المشاركين في الانتخابات الماضية 18 في المئة، وحصل ذلك رغم التزوير وزيادة العدد، وفي هذه المرة لن يتجاوز المشاركون الحقيقيون 12 في المئة.
155 مستبعد
وقالت الناطقة الإعلامية باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالعراق، جمانة الغلاي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية": "استبعاد هذه المجموعة من المرشحين الـ"135"، تم بناء على المعلومات التي وردتنا من الجهات العسكرية والأمنية المختصة، وتحديدا من قبل وزارة الدفاع العراقية، التي راجعت بيانات المرشحين التي كنا قد أرسلنا قوائم أسمائهم لها سابقا، بغرض المراجعة والتدقيق، وأبلغتنا الوزارة بعد تمحيصها في القوائم، أن 135 مرشحا من بين المرشحين هم منتسبون عسكريون، وهم مستمرون في الخدمة، وعليه قمنا كمفوضية باستبعادهم من الترشح، وبحسب القانون الانتخابي لا يجوز للعاملين في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الترشح للانتخابات، وقرارنا هذا قابل للطعن من قبل المستبعدين خلال 3 أيام، لدى الهيئة القضائية للانتخابات".
وتابعت: "يمكن للمنتسبين المدنيين لوزارات الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب، ووزارتي الدفاع والداخلية في إقليم كردستان العراق، الترشح في الانتخابات، أما الأجهزة الأمنية الباقية من مستشارية الأمن الوطني وجهاز المخابرات وغيرهما، فلا يحق لمنتسبيها مدنيين وعسكريين الترشح مطلقا".
وأردفت الغلاي: "الدفعة الأولى من المستبعدين كان عددهم 20، تمت بناء على ما نقلته لنا الأدلة الجنائية، من أن عليهم أحكاما قضائية وجنحا جنائية مخلة بالشرف، وعليه تقرر استبعادهم من قبل المفوضية".
وأوضحت المتحدثة الرسمية بلسان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بأنه "لا زالت عمليات التدقيق والتحقيق في قوائم المرشحين، متواصلة من قبل الجهات المعنية بمراجعتها وتدقيقها، حيث هناك قرابة 15 جهة حكومية مدنية وعسكرية معنية بهذه العملية، كوزارات التربية والتعليم والداخلية والدفاع وهيئة النزاهة، في الحكومة الاتحادية، وفي حكومة إقليم كردستان العراق، ما يفسر استغراق الأمر وقتا، ونحن كلما وردتنا قوائم جديدة سنقوم بإعلانها تباعا، واستبعاد من وردت أسماؤهم فيها من عملية الترشح للانتخابات".
تجدر الاشارة إلى أن الانتخابات العامة المبكرة في العراق، تقررت على وقع الاحتجاجات الشعبية العارمة أواخر العام 2019، الرافضة لسوء إدارة البلاد، وارتهانها لدول إقليمية ولميليشياتها المسلحة، وتفشي الفساد والبطالة، وتردي الواقع المعيشي والخدمي، في بلد ثري يسبح على بحار من الثروات الطبيعية.
وكان مقررا تنظيمها بداية، في شهر يونيو/حزيران من العام الجاري، لكن لاعتبارات فنية ولوجستية متعلقة بعامل الوقت، وتفشي فيروس كورونا المستجد، وطبيعة المناخ الصيفي الشديد الحرارة في العراق خلال شهر يونيو/حزيران، قررت الحكومة العراقية تأجيلها، بطلب من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لتتم في اليوم العاشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.