وبحسب الدراسة الجديدة إن اتباع هذه العملية والخطوات من شأنه أن يخفف من حدة الأزمة العالقة بين هذه الدول ويحل المشكلة وذلك من خلال اتباع عدة آليات واستراتيجيات جديدة في تلك الدول.
ويقول خبير تخطيط الطاقة في جامعة "Vrije Universiteit Brussel" وجامعة "KU Leuven" في بلجيكا والمؤلف الرئيسي للدراسة، سيباستيان ستيرل، إن المنطقة شهدت توترا متصاعدا بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، بسبب السد الذي يعتبر أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، خصوصا بعد أن بدأت أثيوبيا عملية ملء السد بحجة تأمين الكهرباء لمواطنيها، لكن المفاوضات لم تثمر عن نتائج جديدة بل تتواجد أقاويل جديدة وادعاءات تتحدث عن "حرب مياه" وشيكة قد تندلع بين القاهرة وأديس أبابا.
وبحسب مجلة "scitechdaily" العلمية، فقد كشفت الدراسة الجديدة عن آليات "فعالة" تتعلق بالطاقة قد تحل الأزمة العالقة في المنطقة.
السر في "التآزر الموسمي"
يشير الباحث ستيرل، خبير تخطيط الطاقة، إلى أن "النيل الأزرق نهر موسمي بشكل كبير، وأن خزان السد (النهضة) كبير جدًا بحيث يمكنه تخزين ذروة تدفق النهر بالكامل وتوفير الطاقة الكهرومائية بمعدل ثابت على مدار العام، مما يزيل موسمية تدفق المياه. يبدو هذا منطقيًا من المنظور الإثيوبي، لكنه يعدل التوقيت الطبيعي لوصول المياه إلى السودان ومصر. وهنا يكمن سر الخلاف حول السد، من يحق له ممارسة السيطرة على المياه في نهر النيل".
حدد مجموعة من الباحثين في بلجيكا وألمانيا، بقيادة الباحث ستريل، طريقة "مفاجئة" يمكنها حل الخلافات المتشعبة حول السد في وقت واحد، ليس ذلك فحسب بل تقديم فائدة كبيرة للبلدان الثلاثة التي تتنازع حول تلك المشكلة.
وتتلخص الفكرة في نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع لتكون بمثابة مكمل للطاقة الكهرومائية لسد النهضة. ويقترح الباحثون أن تقوم إثيوبيا وجيرانها مصر والسدوان بنشر مزارع شمسية وطاقة رياح واسعة النطاق، والعمل على إنشاء شبكة طاقة متكاملة إقليميًا، ثم الاتفاق على تشغيل إثيوبيا لسد النهضة بالتآزر مع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وقد يعني هذا تقليل حجز المياه في الأيام المشمسة والرياح، وزيادة تدفق المياه من السد خلال فترات الرياح والليل، من أجل "تثبيت" التقلبات الدائمة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ونوه الباحثون إلى أن أشعة الشمس والرياح في العديد من مناطق إثيوبيا والسودان ومناطق شرق إفريقيا لديها ملامح موسمية متعاكسة لتدفق مياه النيل الأزرق. في هذه الأماكن، تشرق الشمس بشكل ساطع والرياح تكون قوية في مواسم الجفاف، وأكد الباحثون أن هذا "التآزر الموسمي" بين الماء والشمس والرياح يعتبر صميم نتائج الباحثين.
وجدت الدراسة أنه إذا تم تشغيل سد النهضة لدعم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على مدار العام، على مدار الساعة والموسم، فإن هذا يعني تلقائيًا إنتاج طاقة مائية أقل خلال موسم الجفاف، وأكثر خلال موسم الأمطار، دون التأثير سلبًا على المتوسط السنوي للمياه، "عندئذ ستكون المساه المتدفقة من السد في المواسم مشابهة إلى حد كبير المياه المتدفقة منه في حالة النهر الطبيعي، مع ذروة واضحة في موسم الأمطار".
وبحسب الباحث: "إذا تم تشغيل سد النهضة بهذه الطريقة، ستتمتع إثيوبيا بكل الفوائد المتوقعة من سد كبير، وبالنسبة للسودان ومصر، سيبدو الأمر كما لو أن الإثيوبيين قاموا ببناء خزان متواضع وصغير نسبيًا".
التعاون الإقليمي سيوفر 5 فوائد عظيمة واحدة تخص السد العالي
حدد الباحثون ما لا يقل عن خمس فوائد ملموسة لمثل هذا التخطيط المتكامل للرياح والماء والشمس، والذي يحتاج إلى تعاون وتعاضد إقليمي كبير بين الدول، وهذه الفوائد هي:
أولاً: يمكن أن تصبح إثيوبيا أكبر مصدر للطاقة في إفريقيا مع تقليل اعتمادها على الطاقة الكهرومائية وخفض تكاليف توليد الكهرباء على المدى الطويل.
ثالثًا: بفضل مخطط التشغيل المقترح لسد النهضة، يمكن لمصر الحصول على المزيد من المياه خلال سنوات الجفاف أكثر من ذي قبل ولن تحتاج إلى تغيير مواعيد تشغيل سد أسوان العالي الخاص بها.
رابعًا: ستعمل إثيوبيا بشكل أكثر كفاءة على استخدام أكثر من عشرة توربينات في سدها الضخم من خلال الإنتاج المتكرر بأقصى طاقة عندما لا تتوفر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
خامسًا: لن تتأثر البيئة حول نهر النيل في السودان بشكل كبير بسبب السد الجديد (النهضة)، حيث تعد موسمية التدفق مكونًا مهمًا للاستدامة البيئية للأنهار.
وفقًا للمؤلفين، فإن منطقة شرق إفريقيا بأكملها ستساهم وستستفيد من هذا المشروع الضخم، ويقول ستيرل: "يمكن لإثيوبيا أن تعمل بمفردها نظريًا، باستخدام سد النهضة لدعم طاقتها الشمسية وطاقة الرياح". لكن الأمر سيكون أفضل بكثير إذا انضمت السودان حيث يتوفر لديها مصادر شمسية ورياح أفضل من إثيوبيا، مما يسمح بتآزر أفضل بين الطاقة المائية والشمسية والرياح وتقليل التكاليف الإجمالية لتوليد الطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب المصدر، تمتلك مصر موارد كبيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أيضًا، ويمكن أن يكون التعاون الإقليمي في عملية تجمع الطاقة المشتركة لمنطقة شرق إفريقيا عاملاً أساسيا في إنجاز هذا المشروع وحل المشكلة.