مجتمع

"فرح ستار" محاولة سورية لدخول عالم صناعة السفن العملاقة

شهد ميناء بانياس السوري في محافظة طرطوس حدثا هو الأول من نوعه في البلاد منذ 10 سنوات، حيث تم تعويم سفينة تعتبر هي الأكبر من نوعها خرجت من البر السوري لتعوم في مياه البحر الأبيض المتوسط.
Sputnik

ودخلت السفينة "فرح ستار" مياه البحر الأبيض المتوسط بعد أن تم تعويمها بجهود محلية سورية من داخل ميناء بانياس، حيث صمم وصنّع "حوض جاف" خاص بأياد سورية سمح للسفينة بالهبوط إلى المياه بسلام.

عائلة سورية تصنع السفن منذ 120 عاما

تواصلت وكالة "سبوتنيك" مع القبطان السوري، خليل بهلوان، الذي كشف عن السفينة الجديدة، أمس السبت، وأشرف على عملية تصنيعها ثم تعويمها بحضور رسمي، حيث أشار إلى أن عائلته تعمل في مجال تصنيع السفن منذ أكثر من 120 عاما.

ونوه بهلوان إلى أن عائلته صنعت سابقا سفينة صغيرة أطلق عليها اسم "سوريا ولبنان" عملت بين البلدين لفترة طويلة.

"فرح ستار" محاولة سورية لدخول عالم صناعة السفن العملاقة

وصنعت عائلة بهلوان، المنحدرة من جزيرة أرواد الصغيرة المقابلة لسواحل طرطوس، القوارب الصغيرة بأحجام وقياسات مختلفة، حيث تعتبر القوارب في الجزيرة السورية من أساسيات الحياة بالإضافة إلى أنها تمثل دخلا ومصدر رزق للصيادين.

مواصفات "فرح ستار" والتصنيع

أشار بهلوان في تصريحاته إلى أن السفينة الجديدة يصل طولها إلى 35 مترا، وأن عرضها حوالي 8.10 متر، وأنها تتمتع بمواصفات تؤهلها للإبحار الدولي، مع إمكانية تحميل تصل إلى حوالي 567 طنا.

"فرح ستار" محاولة سورية لدخول عالم صناعة السفن العملاقة

واستخدم في هيكل السفينة حوالي 200 طن من الحديد الصلب بالإضافة إلى معادن مختلفة، وهي مزودة بمحركين باستطاعة 750 حصانا توفر للسفينة سرعة تقدر بحوالي 14 عقدة في الساعة.

وأوضح بهلوان أنه تم إنزال السفينة إلى المياه بواسطة مزلقان تم تصنيعه بخبرات وطنية وبمواصفات عالمية، ليكون الأول من نوعه في الساحل السوري مملوكا للقطاع الخاص، منوها أن السفينة من شأنها أن تخدّم البواخر التي تعم الموانئ السورية من المياه والفيول والمازوت.

"فرح ستار" محاولة سورية لدخول عالم صناعة السفن العملاقة

وأكد بهلوان، أن تعويم السفينة هو بداية المرحلة الأخيرة قبل الإبحار، والتي يتم فيها استكمال عمليات تركيب الأجهزة والشبكات اللازمة للإبحار والتوصيلات الكهربائية والفرش، مبيناً أن هذه العملية لن تستغرق أكثر من عشرة أيام قبل أن تنطلق "فرح ستار" لتمخر عباب البحر وتعيد أمجاد السوريين أحفاد الفينقيين الذين علموا العالم بأسره فنون صناعة السفن والإبحار.

بدوره، قال عضو المكتب التنفيذي في اتحاد حرفيي طرطوس منذر مضان أنه: يوم استثنائي أن يتم تعويم السفينة "فرح ستار" بنجاح وبثقة من صنّاعها السوريين الذين أبدعوا في تصميمها بكل تفاصيلها وتقنياتها، وذلك رغم الحصار والظروف القاسية التي عانت منها سوريا خلال الحرب.

وأكد رمضان أنه قريباً جداً ستبحر السفينة بعد استكمال تجهيزاتها النهائية رافعة العلم السوري ومعلنة حقبة جديدة في الصناعة السورية.

وأضاف رمضان: نأمل أن يصبح هذا المشهد اعتيادياً في المستقبل القريب، من خلال تصنيع سفن عدة وعدم الاقتصار على سفينة واحدة، وتابع: ما فعله اليوم أحفاد الفينيقيين هو إعادة إحياء صناعة السفن التي كنا أول صناعها وأول من أبحرنا فيها حول السفن قبل آلاف السنين.

"فرح ستار" محاولة سورية لدخول عالم صناعة السفن العملاقة
وأشار رمضان إلى أهمية دعم هذه الصناعة واستمراريتها من خلال إحداث أحواض جافة ومزلقانات متعددة لتشجيع هذه الصناعة وجذب رأس المال السوري للاستثمار بها، إضافة لضرورة تسهيل كافة الاجراءات الإدارية والاطلاع على تجارب الدول الأخرى التي تمكنت من استقطاب أسطول السفن السوري لمالكيها السوريين، وإعادة هذا الأسطول إلى الوطن رافعاً رايته دون سواه.

من جهته، بين مدير عام الموانئ العميد سامر قبرصلي، أن أهمية الإنجاز تأتي بوصفه تحدياً للحصار المفروض على سوريا، وتأكيداً على قوة الصناعة السورية وكفاءة خبراتها، ناهيك انه يساهم بإنعاش الاقتصاد من خلال الإمكانيات المادية التي يوردها والقطع الأجنبية لأي باخرة تدخل سورية، بالإضافة لتوفير فرص عمل للعمال البحريين.

وتم تزويد السفينة بخزانات وقود تكفي لتنفيذ إبحار يستمر لحوالي شهر تقريبا من دون الحاجة للتزود بالوقود، بالإضافة إلى خزانات مياه للشرب وغيرها.

وقال بهلوان، إن عمليات تجهزي السفينة تمت بأياد وخبرات سورية، حيث صممت المراوح وبعض المعدات في مدينة طرطوس واللاذقية وعمل مختصون سوريون على تمديد خطوط الكهرباء داخل السفينة، بالإضافة إلى تجهيز بعض المعدات الداخلية المتعلقة بالإبحار، حيث تمت العملية ضمن ورشته الخاصة في ميناء بانياس والتي تحمل اسم "الفرح والرتاج لبناء وصيانة السفن".

السفينة ستعمل في الاستيراد والتصدير

نوه بهلوان إلى تلقيه عددا من العروض لشراء السفينة فور الإعلان عنها لكنه أكد رفض تلك العروض، حيث أكد أنها ستبدأ بالإبحار قريبا والعمل في مجال الاستيراد والتصدير، حيث أن السفينة مجهزة بحوض خاص للتخزين يمكن استثماره في هذه العملية.

واعتبر بهلوان أن هذا المشروع سيدعم الاقتصاد السوري وأنه إنجاز جيد للبلاد في ظل ظروف الحصار التي شهدتها سوريا منذ 10 سنوات ومازالت مستمرة.

وبحسب القبطان السوري، سيتم تسجيل السفينة رسميا ودوليا بعد 10 ايام حيث ستمنح هوية تجعلها تظهر على أجهزة الرصد أثناء إبحارها حول العالم.

جدل بعد تعويم السفينة

نفى القبطان السوري، في تصريحاته لوكالة "سبوتنيك"جميع الأخبار المتداولة التي تحدثت عن إعادة إعمار سفينة قديمة مؤكدا أن السفينة تم إنشائها بالكامل من جديد، وأن عملية البناء تمت بإشراف المديرية العامة للموانئ وأن العمل تم على 3 مراحل بإشراف المديرية وأنه تم الكشف عن عمليات البناء في أكثر من مرحلة وأنهم شاهدوا التصاميم، وعن وجود شهادة منشأ خاصة بها.

وتواصلت "سبوتنيك" مع عدد من الصحفيين العاملين في مدينة طرطوس السورية، حيث أكد بعضهم مشاهدة عمليات البناء ومراحل التشييد وأن السفينة جديدة.

وأكد الصحفي السوري هيثم يحيى محمد، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، أنه، ومن خلال تواصله مع القبطان، خالد حمود، الذي صنع سفينة "فينيقيا" في جزيرة أرواد عام 2010، وهو ابن جزيرة أرواد السورية، حيث نقل الصحفي السوري عن القبطان حمود تأكيده أن السفينة "فرح ستار" سورية التصنيع بالكامل وأنها صنعت بأياد سورية محلية، وأن السفينة التي تم شرائها من المزاد سابقا، هي عبارة عن سفينة صغيرة جدا ليس فيها سوى (أجناب) أي صفائح معدنية ولا تحتوي على ظهر والترس الذي تركب فيه المحركات وكانت فقط تستخدم كوعاء للمياه، لكنها صغيرة جدا (20 متر) ولا يمكن القول بأنها نفس السفينة، حيث يوجد تغييرات جذرية كطول السفينة، وأن السفينة الجديدة هي صناعة محلية وأنها نفذت في بانياس بأياد سورية من داخل المدينة حيث عمل عليها عدد من الأشخاص، وأنها سفينة قوية وجيدة وأنها من الناحية العملية باخرة ممتازة تضاهي الصناعات الأجنبية.

إنجاز سوري مهم "بغض النظر عن الجدل"

وبدوره، أكد القبطان السوري، بشار ثائر ملحم، من مدينة طرطوس، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك"، أن هذا الإنجاز يعتبر "مهم جدا بالنسبة لسوريا، حيث أن عدد البلدان العربية التي تصنيع السفن قليل جدا".

واعتبر ملحم أن عملية تصنيع السفن تحتاج إلى معدات ضخمة وتجهيزات، وأن هذه العملية وبغض النظر سواء كان بناء أو إعادة بناء هي بمثابة "مشروع كبير للمستقبل".

ونوه ملحم إلى أن شركات تصنيع البواخر الضخمة المصنعة في الخارج قد تستعين بمحركات أجنبية، وهو أمر طبيعي، لكنه أشاد بالخبرات السورية التي أشرفت على العمل.

سوريا بانتظار سفينة أخرى بحمولة 3 آلاف طن

أكد بهلوان العمل بالتعاون مع المديرية العاملة للموانئ السورية على إنشاء سفينة ضخمة بحمولة 3 آلاف طن، وأن عمليات التحضير لذلك تجري على قدم وساق.

وبحسب بهلوان يتم التحضير لوضع تصنيف للسفينة الجديدة التي من الممكن أن يأخذ العمل عليها حوالي 6 أشهر تقريبا، حيث ستتم عمليات التنفيذ في ورشته الخاصة.

تحديات يمكن حلها

من التحديات التي واجهت العمل، بحسب بهلوان، هو "المزلقان" أو "الحوض الجاف"، حيث تم العمل على إنشاء حوض خاص لتعويم السفينة في ميناء بانياس.

وقال القبطان بهلوان إن الباخرة نزلت إلى المياه بمرونة وسلاسة ووقفت بانسيابية عالية جدا ولم تحدث أي مشكلة أثناء عملية التعويم التي تمت بجهود وأدوات محلية بالكامل.

وبدوره، نوه ملحم، الذي كان في رحلة بحرية بين إندونيسيا وبحر سنغافورة، إلى أن الحوض الجاف أو (Dry dock)، الذي تم فيه تعويم السفينة صغير نسبيا، وأن البلاد بحاجة لواحد أكبر في حال العمل على سفينة كبيرة.

وأكد ملحم أن اليد العاملة السورية بإمكانها تصنيع بواخر أضخم بعد العمل على إنشاء حوض جاف كبير يتناسب مع الأحجام الضخمة للسفن الكبيرة، معبرا عن سعادته وتفاجئه بقدرة فريق العمل، الذي أشرف على إنزال السفينة، على تعويمها في هذا المزلقان، مشيرا إلى أن ذلك بحد ذاته عمل وإنجاز مهم جدا وتجربة رائعة.

يشار إلى أنه من شواطئ طرطوس قبل آلاف السنين أطلق الفينيقيون أول سفينة مخرت عباب البحار وعلمت العالم الإبحار وفن صناعة السفن، الذي لا يزال اسم الفينيقيين حتى اليوم علامة فارقة في صناعة السفن.

مناقشة