وفيما تشهد محطات الوقود طوابير انتظار طويلة، قام بعض المواطنين، أمس الجمعة، بقطع بعض الطرقات احتجاجًا على الأوضاع المعيشية الصعبة.
وقال مراقبون إن الحلول السياسية غائبة، في تمسك القوى السياسية بالحكم، وعدم التمكن من طرح حكومة من الاختصاصيين في الفترة المقبلة، محذرين من انفلات الأوضاع والذهاب نحو الفوضى.
أزمة كبيرة
وعادت الاحتجاجات منذ الأسبوع الماضي إلى شوارع لبنان، وسط قيام متظاهرين بقطع الطرقات في عدد من مناطق البلاد، تنديدا بالوضع الاقتصادي المتردي والتراجع الحاد في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار
وأقدم المحتجون على قطع الطرق الدولية التي تربط المناطق والمحافظات، قبل أن يتدخل الجيش مرارا من أجل فتحها.
وتشهد المحال التجارية إقبالا كثيفا من المواطنين على شراء المواد الغذائية لتخزينها، في حين أقفلت محلات أخرى أبوابها للحد من خسائرها، في ظل التراجع المستمر لليرة اللبنانية.
وفقدت العملة اللبنانية 90 في المئة من قيمتها، محطمة مستوى قياسيا للهبوط في وقت سابق هذا الشهر بلغ 15500 ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء.
انهيار البنيان
اعتبر قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، أن أزمة تشكيل الحكومة الجديدة لا تزال في دائرة المراوحة، ولا تقدم فيها حتى اليوم بسبب التعنت والمكابرة التي يحصد اللبنانيون سلبياتها اليوم باستمرار الأزمة بكل مستوياتها السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، في حال استمرت حالة الانهيار فقد تدفع إلى الفوضى التي تقود لبنان إلى انهيار البنيان على رؤوس الجميع.
ويرى أن الرهان لا يزال مستمرًا على مباردة الرئيس نبيه بري لأنها تضع الأطار والآلية التي تفتح الباب لإيجاد مخرج ممكن للتفاهم على حكومة إنقاذية تضع حدًا للانهيار الذي لن ينجو منه أحد.
فوضى قادمة
بدوره اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن الشارع اللبناني منشغل اليوم بتأمين قوت يومه واجتياجاته الأساسية، في ظل كارثة اجتماعية غير مسبوقة، لم يشهدها لبنان حتى في الحرب الأهلية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه الأزمة التي يمر بها لبنان ناتجة عن مجموعة من الحكام الذين امتهنوا السرقة، وتعمدوا إذلال الشعب، من أجل تأمين حكمهم وتوريث أبنائهم، وتجد بأن أمورهم ممتازة، وأعمالهم في الخارج مستمرة.
وتابع: "كل مؤسسات المجتمع اللبناني تنهار، الجامعة اللبنانية والقطاع المصرفي والتعليم الذي كان رائدًا، وهناك نزوح غير مسبوق من كل القطاعات، وتلجأ الكفاءات التي كان يمتاز ويتفاخر بها لبنان إلى الخارج، والمنظومة الحاكمة لا تزال متمسكة بالحكم، وغير قادرة على توفير أي حل أو مبادرة للخروج من هذا المأزق".
ويرى وهبي أن الانتفاضة الشعبية موجودة بأشكال مختلفة، انتخابات لم تكتمل معظمها في النقابات، ومن اكتملت مثل نقابة المهندسين تم إسقاط السلطة الحاكمة جميعها، لكن الجماهير لم تذهب للشارع والساحات بسبب الضائقة المالية والانشغال في تسيير أمور حياتهم المعقدة.
ويعتقد الناشط اللبناني أن بلاده قد تصل لفوضى عارمة في الشارع، وهناك تخوفات من انفلات أمني وأعمال فوضى، في ظل ما يمر به الشارع من مرحلة صعبة وحالة نفسية لا يرثى لها.
قد نصل لفوضى عارمة في الشارع اللبناني ليس على شكل ثورة هناك تخوف من انفلات أمني، وأعمال فوضى في البلاد، لأن الشعب اللبناني يمر في مرحلة صعبة وفي حالة نفسية يرثى لها.
ويستبعد وهبي أن يكون هناك أي نية من قبل الطبقة السياسية الحاكمة لتشكيل حكومة تستطيع إخراج البلاد من المأزق الحالي، حيث تشنغل حاليًا في الاستعداد للانتخابات النيابية، وسبقى هناك حالة التأجيل والترقيع حتى الخريف المقبل.
وأكد أن الحكومة المؤقتة قد تقود التحضير للانتخابات، أو يتم الاتفاق على حكومة من شخصيات تابعة للطبقة السياسية، حيث يراهن السياسيون في لبنان على عودتهم بالانتخابات، والفوز بمقاعدهم مرة أخرى، لكن هذا أمر غير محسوم، فلو تمت الانتخابات بقانون عادل ومراقبة دولية تضمن عدم التزوير، ستذهب كل الطبقة السياسية إلى السجون.
مأزق كبير
بدوره اعتبر المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض، أن الاحتجاجات الجارية نذير ومؤشر أن البلاد بدأت مرحلة الانهيار الحقيقي والفعلي، وأنه ليس هناك أي مؤشر عملي يفيد باحتمال الإنقاذ أو إخراج البلاد من أزمة الانهيار وصولا إلى مرحلة الفوضى والتوحش.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، التحركات الجارية أقرب إلى أن تكون تحركات عفوية ونذير بأن انفجارا اجتماعيًا واسعًا سيقع في لبنان في لحظة ما، ربما أصبحت قريبة جدا في مواجهة المنظومة السياسية وحماتها، بكاملها من كل الطوائف لدفع الدولة والنظام إلى إيجاد حل جدي وسريع.
ويرى أن لبنان ذاهب إلى الفوضى بعد انسداد آفاق الحل السياسي وعدم وجود إمكانية للحل أو الإصلاح لإخراج البلاد من مأزقها الحاد، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات ردود فعل شعبية، لتعزيز النظومة السياسية للأزمة ودفعها للانهيار.
ويعتقد أن بعد الفوضى يمكن الحديث عن الأدوار الجديدة وإمكانية تغيير النظام والمنظومة السياسية، وإعادة بناء لبنان من جديد.
ودعا التيار الوطني الحر في لبنان، اليوم السبت، رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، للعودة وتحمل مسؤوليّاته بالإسراع بتأليف حكومة لبنانية جديدة.
وأعلن المصرف المركزي سابقاً عن عدم قدرته الاستمرار بسياسة الدعم الحالية على الطحين والمحروقات والأدوية لأنها تساهم باستنزاف احتياطاته.