وتشمل التسهيلات الإسرائيلية الأخيرة توسيع مساحة الصيد البحري، وتخفيف القيود المفروضة على دخول البضائع من معبر كرم أبوسالم التجاري.
وبحسب مراقبين فإن التضييقات التي فرضتها إسرائيل مؤخرًا خلقت أوضاعًا صعبة في القطاع، في ظل انتشار أزمة كورونا، ما يحتاج إلى إجراءات كبيرة، وليس العودة فقط للحياة ما قبل الحرب الأخيرة.
تسهيلات جديدة
وقال الناطق باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، إنه "في أعقاب الهدوء الأمني السائد في الفترة الأخيرة، وعقب تقييم الوضع الأمني العام، ومصادقة المستوى السياسي، تقرر توسيع مساحة الصيد في قطاع غزة من 9 إلى 12 ميلا بحريا ابتداءً من أمس الاثنين".
وأضاف: ”كما سيسمح باستيراد مواد طبية، ومواد خاصة بالصيد، ومواد خام للصناعة والنسيج، من إسرائيل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وكذلك تصدير المنتجات الزراعية والأنسجة من قطاع غزة إلى الداخل".
وأكد أدرعي أن: "استمرار الإجراءات المدنية التي صدق عليها المستوى السياسي مشروطة بالحفاظ على الاستقرار الأمني".
مؤشرات خطيرة
وعن هذه الإجراءات، قالت حكمت المصري، الباحثة الفلسطينية: "بعد كل تصعيد إسرائيلي على قطاع غزة يحدث إغلاق شامل وتشديد للحصار وإغلاق المعابر بشكل كبير ثم بعد مفاوضات ووساطات دولية، واستخدام المقاومة الشعبية والخشنة التى تشمل إطلاق البلالين الحارقة، ونقل رسائل متبادلة عبر الوسيط المصري والوسيط القطري، يسمح الإسرائيليون بالتخفيف من حدة الوضع الإنساني في قطاع غزة".
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك": "تبدأ إسرائيلي بعدها ببعض التنفيس البسيط، من خلال السماح بفتح المعابر بشكل جزئي لإدخال بعض السلع الإنسانية، ثم السماح بالاستيراد والتصدير ومن تم توسيع مساحة الصيد من 6 إلى 9 أميال، وفتح المعابر وتحديدا معبر إيرز، على مدار أكثر من 15 عاما ونحن نعيش هذا السيناريو دون وجود حل جذري للملفات العالقة والمصيرية".
وترى المصري أن الوضع في قطاع غزة سيئ للغاية خصوصًا بعد رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح بدخول الأموال القطرية، إضافة إلى منع دخول أموال الإعمار بعد الدمار الذي خلفه الاحتلال في قطاع غزة بعد العدوان الذي استمر 11 يوما وتسبب في دمار البنية التحتية في قطاع غزة من مباني ومرافق تعليمية وصحية ومؤسسات إعلامية ومنازل المدنيين.
وأضافت: "عمليا ما زال العدو يواصل تشديده للحصار على قطاع غزة منذ توقف معركة سيف القدس؛ بعض التسهيلات القليلة التي تحدث على حركة الأفراد والبضائع كان معمولا بها بشكل طبيعي قبل الحرب".
وعن دلالات التحركات الإسرائيلية، أكدت أن: "قيام المقاومة بقصف مدن يعتبرها العدو مدن سيادية في كيانه المحتل كالقدس وتل الربيع هو تجرؤ كبير من المقاومة على هذا العدو، حسب رؤية هذا العدو وتقديراته، وهو الأمر الذي جعل العدو يقوم بتشديد إجراءاته ضد غزة بهذه الطريقة في محاولة منه لردع فصائل المقاومة بأساليب ليست عسكرية".
وتابعت: "أضف إلى ذلك أن العدو يقوم بهذه الإجراءات على أمل الضغط على حركة حماس من أجل إنجاز صفقة تبادل الأسرى بالطريقة التي يريدها العدو والتي منها تخفيف الحصار على غزة وعدم إفساح المجال لجعل الصفقة تحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل استلام أسراه لدى المقاومة".
وتعتقد المصري أن مؤشرات ما يحدث خطيرة وفي حال استمرت الأمور على هذه الوتيرة ستصبح مسألة انفجار الأوضاع مجددا مسألة وقت وليس أكثر.
إجراءات غير كافية
من جانبه، اعتبر مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، أن إجراءات الاحتلال غير كافية حتى يعود الأمر إلى ما قبل العاشر من مايو/ آيار الماضي.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، تحاول إسرائيل ابتزاز المقاومة، ولكن محاولاتها ستبوء بالفشل، وهو يحاول الاستجابة ولو قليلا لضغوط الوسطاء.
وتابع: "الأمر غير كافي وإن ما يقوم به الاحتلال لن يخفف من التصعيد القادم فيما لو استمر في سياسته بتشديد الحصار، الأمر لن يكون سهلا والأمور مقبلة على تصعيد ما لم يحترم الاحتلال شروط وقف إطلاق النار".
رفع كامل الحصار
بدوره اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن حكومة نفتالي بينت تؤمن بفلسفة الاقتصاد مقابل السلام وهي جزء من رؤية اليمين الإسرائيلي بأن فلسفة الأرض مقابل السلام لم تعد موجودة وحتى السلام مقابل السلام، ولم يعد سوى الاقتصاد مقابل السلام.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "منذ أن وضعت الحرب الأخيرة أوزارها حاولت حكومة الاحتلال ربط الملفات مع بعضها البعض حيث رفضت في البداية الفصل بين التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى، ولكن أمام تمسك المقاومة بمبدأ فصل الملفات عن بعضها البعض وافق الاحتلال لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب الأخيرة وأن يكون ملف صفقة تبادل الأسرى مستقلا عن ملف التهدئة".
وأكد أن عملية التسهيلات لقطاع غزة هي العودة التدريجية للأوضاع كما كانت قبل الحرب الأخيرة دون أي تغييرات.
ويرى أن قطاع غزة الذي يعيش على خط الفقر وتزيد نسبة البطالة فيه عن 60% يحتاج لرفع كامل للحصار والسماح بتنقل سكان قطاع غزة دون شروط للبحث عن عمل والحل في ذلك هو بناء الميناء والمطار والمنطقة الصناعية لتغيير الحالة النمطية في قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن 2 مليون نسمة في منطقة لا تتجاوز مساحتها ٣٦٠ كيلو مترًا مربعًا.
وأكد أن المفاوضات التي تقودها مصر بين المقاومة والاحتلال بشكل غير مباشر تهدف لرفع الحصار الكلي عن قطاع غزة وتحسين ظروفه بشكل عام، والاحتلال عليه أن يدرك أن مزيدا من الحصار على قطاع غزة لن يجلب مزيدا من الهدوء في المنطقة.
وأكد بيان صادر عن منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية أن التسهيلات التي وافق عليها المستوى السياسي "مشروطة باستمرار الحفاظ على الاستقرار الأمني".
في سياق ذي صلة، أفادت وسائل إعلام فلسطينية، أن المبعوث القطري إلى غزة، محمد العمادي، وصل أول أمس إلى قطاع غزة، ومن المتوقع أن يلتقي العمادي مع كبار المسؤوليين في حركة "حماس" وأن يناقش معهم إعادة إعمار قطاع غزة.
في الوقت نفسه، أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية الليلة الماضية بأن هناك تقديرات مصرية بأن توافق إسرائيل على اقتراح القاهرة بإدخال أموال المنحة القطرية إلى القطاع وإزالة القيود المفروضة على المعابر إلى غزة قبل عيد الأضحى الذي يحل الأسبوع المقبل.
وتحذر القاهرة من أنه إذا لم تمر الأموال قبل إجازة العيد، فقد يؤدي ذلك إلى تجدد التوتر في القطاع. كما أفادت الصحيفة أن "حماس أبلغت" الوسطاء بموافقتها على تحويل الأموال القطرية عبر البنوك في قطاع غزة، طالما حافظت إسرائيل على تدفقها الثابت كل شهر.