أحداث تونس وتأثيراتها على المجريات السياسية في ليبيا

أكد البرلماني الليبي، سعيد امغيب، اليوم الثلاثاء أن قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، بحق تنظيم "جماعة الإخوان المسلمين" سوف تلقي بظلالها على الجماعة في ليبيا، مشيرا إلى أن ما يشهده الشارع التونسي سيؤثر على مجريات الأحداث السياسية في ليبيا وأهمها الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول نهاية العام.
Sputnik

وقال أمغيب في مقابلة خاصة مع وكالة "سبوتنيك" على أن "ما حدث في تونس هي انتفاضة شعبية ولا يمكن تسميتها غير ذلك"، مشيراً إلى أن "الرئيس التونسي قيس سعيد، انتظر هذه الانتفاضة الشعبية وانتظر كل هذه المدة لكي يحظى بالتأييد الشعبي والدعم الشعبي حتى يصدر هذه القرارات المصيرية التي أصدرها خلال اليومين الماضيين".

الإخوان المسلمين في ليبيا

بعد الاضطرابات السياسية الأخيرة... هل يسير الاقتصاد التونسي إلى مزيد من الركود؟
ووصف البرلماني الليبي، قرارات الرئيس التونسي على أنها "جريئة جدا وبكل تأكيد كلها تصب في مصلحة الشعب التونسي وفي مصلحة السيادة التونسية والدولة التونسية"، موضحاً أن "ما أصدره الرئيس التونسي من قرارات بحق تنظيم جماعة الإخوان المسلمين سوف تُلقي بظلالها على جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بكل تأكيد وعلى رأسها المجلس الأعلى للدولة برئاسة خالد المشري".

وأشار إلى أن "ما شاهده الشارع التونسي سيؤثر بشكل أو بآخر على مجريات الأحداث السياسية في ليبيا"، مشيراً أن "أهم هذه المجريات هو موضوع الانتخابات في كانون الأول/ديسمبر القادم، جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا المستفيدين من وجودهم في السلطة الآن يسعون بكل قوة لتأهيل الانتخابات".

وتابع "إن نجوا من انتفاضة الشعب الليبي التي نتمنى أن تحدث مثل ما حدث في تونس نتمنى أن ينتفض الشعب والشارع الليبي كما حدث في تونس من قبل وفي مصر من قبل وهو يحدث في تونس اليوم ونرى الآن مصر وهي تتعافى".

ورداً على سؤال حول توقعاته بشأن الشارع الليبي وهل يمكن أن نشهد مثل هذه المواقف والقرارات من قبل السلطات في ليبيا قال: "نعم بكل تأكيد الشارع الليبي يعرف مصلحته ويعرف من الذي يعرقل قيام الدولة في ليبيا ويعلم أن تنظيم الإخوان المسلمين هو الذي جلب لليبيا الاحتلال التركي والسيطرة الأجنبية على بعض المطارات والقواعد العسكرية في ليبيا"، قائلاً: "الشارع الليبي يعي جيداً خطورة وجود مثل هذا التنظيم في ليبيا، لكن في ليبيا هذا التنظيم متمترس خلف ترسانة عسكرية متمثلة في بعض الميليشيات التي يعتبرها التنظيم جناح عسكري له لكن أمام إرادة الشعب لا يمكن ان يبقى احد".

وحول إعلان رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، ورفضه لقرارات الرئيس التونسي، الذي وصفها بالانقلاب أكد عضو مجلس النواب الليبي، إن "رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في ليبيا، لا نتوقع منه غير ذلك، لا نتوقع أن يبارك انتفاضة الشعب التونسي".

بالأرقام... من يتحمل مسؤولية تهاوي الاقتصاد التونسي خلال 10 سنوات؟
من جهة أخرى، اعتبر أستاذ القانون الدولي في الجامعات الليبية سعد العكر أن ما يحدث في تونس سيكون له انعكاساته على الجانب الليبي.

تشابه السيناريوهات

وحول مدى تأثير قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد وإقالة رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان التونسي على الوضع في ليبيا، أكد العكر في حديث مع وكالة "سبوتنيك" أن "ما يحدث في تونس له انعكاساته على الجانب الليبي، وذلك لأن تونس دولة مجاورة لليبيا من ناحية، ولتشابه السيناريوهات الأحداث وتسارعها منذ عام 2011 على البلدين من ناحية أخرى".

وقال: "جماعة الإخوان في ليبيا التي باتت تسيطر على جزء كبير من مفاصل الدولة في ليبيا ستتأثر بما يحدث في تونس، وستخشى على انهيار تنظيمها تأثراً بما حدث في تونس، مثلما تأثر نظام القذافي بإسقاط نظام زين العابدين. وظهر ذلك جلياً بارتفاع أصوات الجماعة في ليبيا مناهضة مستنكرة لبيان قيس سعيد".

وحول ما شهدته تونس وهل من الممكن أن تصدر هذه المواقف والقرارات من قبل السلطات في ليبيا أكد أستاذ القانون الدولي الليبي، على أن "الوضع مختلف في ليبيا نوعاً ما عن الوضع في مصر وتونس، حيث تم منذ عام 2011 العمل على ضرب الجيش الوطني الليبي واستهداف ما تبقى من قواته وعناصره التي استهدفها حلف الناتو بالقرار 1973، فالجماعة كلفت أذرعها المسلحة باغتيال قادة وضباط الجيش على رأسهم اللواء عبدالفتاح يونس، وذلك تحسباً منها لمثل هكذا أحداث، وبالتالي الجماعة في ليبيا كانوا حريصين على عدم قيام جيش وطني نظامي منضبط".

وتابع "المشهد في ليبيا يستدعي تدخل جموع الشعب لإسقاط جماعة الإخوان المسلمين وأذرعهم من الميلشيات والجماعات والمرتزقة".

فيما أعتبر المحلل سياسي ليبي فرج فركاش، أن ما حدث في تونس هو شأن داخلي وسيكون له تداعيات إقليمية، وقال فركاش في حديثه مع وكالة "سبوتنيك" إن "بكل تأكيد ما حدث في تونس هو شأن داخلي ولكن أيضا سيكون له تداعيات إقليمية بعد اتضاح الصورة أكثر ويعتمد على طريقة تفاعل الأحزاب السياسية المختلفة والنقابات وأهمها اتحاد الشغل التونسي وأيضا الشارع التونسي وطريقة تعاطيها ومدى تقبلها لقرارات الرئيس الأخيرة التي تسببت في بعض الجدل بين مؤيد ومعارض وبين من يعتبرها دستورية ومن يعتبرها انقلاب على المسار الدستوري وعلى الثورة".

الخوف من مصير مماثل

5 سيناريوهات محتملة للأزمة في تونس بعد قرارات الرئيس.. من العنف إلى الحوار
وأضاف المحلل السياسي الليبي، أن "قيس سعيد لم يخف امتعاضه من بعض المواد في الدستور التي تقيد صلاحياته والتي فسر بعضها على طريقته وطالب بتغيير الدستور للحصول على صلاحيات أوسع"، مضيفاً أن "قراراته الأخيرة كانت وفق تفسيره الخاص رغم المواد الواضحة فيه بضرورة التشاور مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب".

واعتبر أن "رغم كل ذلك تبقى قرارات قيس سعيد غير مكتملة ومحدودة الفعل ولن ينهي مجلس النواب بل فقط يجمده وننتظر الخطوات القادمة"، لافتاً إلى أن "لاشك أنها ترسل رسالة لمن يتصدرون المشهد السياسي في الداخل الليبي أن الدستور وحده غير كاف لتحقيق الاستقرار السياسي أو حل المشاكل التي يعاني منها المواطن في حياته اليومية وأن اختصار المشهد في أحزاب وتكتلات تتحالف مع بعضها البعض وبعضها تتحالف مع كتل الفساد والاهتمام بمصالحها بعيداً عن الصالح العام هو ما سيؤدي في النهاية إلى انفجار الشارع في نهاية الأمر وأن الشارع الذي يعاني ويريد حلا لأزماته اليومية لن يهمه من يحاول أن يضع حداً لهذا العبث سواء عسكري معين من قبل الرئيس كما حدث في مصر أو رئيس مدني منتخب كما حصل في تونس".

وأشار إلى أن "سرعة ترحيب بعض قيادات الأطراف الليبية المعروفة التي تعادي ما يسمى بتيار الإسلام السياسي خاصة تيار الإخوان، واستنكار بعض قيادات التيار الأخير لما حدث في تونس ولقرارات قيس سعيد، إلا أن ما حدث قد يعطي دفعة للمتعنتين سياسيا خاصة المتخوفين من مصير مماثل ومن غضب الشارع، لأن يتنازلوا قليلا للوصول إلى حل توافقي ينهي المختنق السياسي الحالي".

واختتم المحلل السياسي الليبي، حديثه بالقول: "لكن في المقابل ربما سنرى أيضا تشددا وتعنتا أيضا من بعض المجموعات المسلحة ومن يدعمها سياسيا وتمسكها أكثر بامتلاك السلاح في ظل استمرار عدم وضوح الرؤية السياسية في ليبيا وهذا سيجعل من مهمة تفكيك وإعادة دمج التشكيلات المسلحة أكثر صعوبة للأسف".

مناقشة