تم في الفترة الأخيرة بقرار من وزير الداخلية المكلف رضا الغرسلاوي يوم 18 أغسطس/ آب 2021 وضع كل من لطفي بن ساسي المستشار الاقتصادي السابق في حكومة يوسف الشاهد ومفدي المسدي المستشار الإعلامي في حكومتي هشام المشيشي ويوسف الشاهد، بالإضافة إلى بلحسن بن عمر المستشار السابق في حكومة يوسف الشاهد تحت الإقامة.
ماهي"الإقامة الجبرية"؟
ويتمثل إجراء الإقامة الجبرية في عدم مغادرة الشخص محل سكنه ويكون تحت مراقبة من الشرطة على مدار الـ24 ساعة، وقد أعطى الفصل الخامس من الأمر الرئاسي (عدد 50 لسنة 1978) الإمكانية لوزير الداخلية الحق بوضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية في حال كانوا يمثلون خطرا على الأمن العام، و"يمكن لوزير الداخلية أن يضع تحت الإقامة الجبرية في منطقة ترابية أو ببلدة معينة، أي شخص يقيم بإحدى المناطق المنصوص عليها بالفصل الثاني (من الأمر)، يعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العامين بتلك المناطق". كما أن لتونس بعد 14 يناير ومنذ عام 2015 سابقة في هذا الإجراء حيث تم وضع مئات الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، بسبب التهديد الإرهابي الذي يشكله هؤلاء.
كما تم وضع عدد من الشخصيات التي اعتبرها رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد متورطة في الفساد في إطار ما سمي آنذاك بحملة مكافحة الفساد.
ما مدى دستورية الإجراء؟
وحول دستورية وضع أشخاص في الإقامة الجبرية يقول القاضي الإداري أحمد صواب في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن "شرعية هذا القرار تأتي من ما تم الاستناد عليه لاتخاذ هذه القرارات.
وأضاف: "إذا كانت قرارات الإقامة الجبرية تستند إلى التدابير الاستثنائية و الفصل 80 من الدستور فهناك شبهة شرعية لكن في المقابل يجب توفير حد أدنى من الضمانات ويكون بقرار فردي ومعلل ومعلم به، لأن التدابير الاستثنائية في كل الحالات لا تنفي الحق الطبيعي في التقاضي"، أما إذا تم الاستناد إلى الأمر الرئاسي فيرى أحمد صواب أن القرار بوضع أشخاص في الإقامة الجبرية غير دستوري وغير شرعي تمام اويعتبر مخالف لدستور 1959 ودستور 2014 .
في المقابل، تعتبر آمنة القلالي، مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تونس، في تصريح لسبوتنيك، الإقامة الجبرية أحد أشكال الاعتقال، وتستلزم ضمانات معينة لاعتبارها قانونية، حتى أثناء حالة الطوارئ وإذا استمرت السلطات التونسية بفرض أوامر الإقامة الجبرية في ظل حالة الطوارئ، فعليها أن تفعل ذلك لفترات محدودة، وأن تقدم نسخة كتابية من هذا القرار، وتجعله قابلاً للاستئناف ومراجعة قضائية فعالة.
من جهتها لم ترحب حركة النهضة الإسلامية، بقرار الإقامة الجبرية الذي شمل أنور معروف وأعلنت أنّها قامت بإيداع شكاية نيابة عن أنور معروف ضدّ المكلف بتسيير وزارة الداخلية رضا غرسلاوي من أجل احتجاز شخص دون موجب قانوني.
جدل سياسي واسع
سياسيا يرى محللون أن اللغط الحاصل اليوم في ما يتعلق بقرارت الإقامة الجبرية سببه الأول غياب المحكمة الدستورية والتي تحدد دستورية القرارات من عدمها في هذه الحالة، فيما يلقي آخرون باللوم على حركة النهضة بالنظر إلى اعتماد الدولة التونسية إلى اليوم على قانون صدر قبل عقود لتنظيم حالة الطوارئ ورفض حركة النهضة مشروع القانون الذي تقدم به الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
جدير بالذكر أن قرار الإقامة الجبرية شمل أيضاً 11 قاضياً، ما أثار حفيظة جمعية القضاة التونسيين التي أصدرت بياناً في الغرض وأكدت أن إخضاع القاضي إلى الإقامة الجبرية يقتضي إعلام المجلس الأعلى للقضاء مسبقاً بحقيقة ما ينسب إليه من نشاط يمكن أن يشكل خطراً على الأمن والنظام العامين، والحصول على الموافقة المسبقة للمجلس قبل اتخاذ ذلك الإجراء، كما حذر البيان من أن تطبيق إجراءات حالة الطوارئ على القضاة معتبرا أن من شأنه أن يشيع أجواء الخوف والترهيب في صفوف كل أعضاء السلطة القضائية، بما يؤثر سلباً على استقلاليتهم وحيادهم.