وتداولت وسائل إعلام عالمية مؤخرا صورة نشرت لضابط الشرطة من ولاية ألاباما الأمريكية، إريك فيلدز، والتي تبين أنه يحمل تشابها صارخا مع الممثل الأمريكي نجم المصارعة الحرة، دواين جونسون الشهير بـ"الصخرة".
وبدأت القصة عندما قام مكتب مأمور مقاطعة مورغان بنشر صورة تجمع رجلا التقط الصورة مع فيلدز، والتي انتشرت بسرعة البرق عبر "السوشيال ميديا".
وكان تعليق دواين جونسون على "شبيهه" إريك فيلدز عبر حسابه على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي بأن الأخير كان "ألطف منه"، ووعهد بأنه في يوم من الأيام سيتناول مشروب "تيريمانا" معه، وأنه ستحتاج إلى سماع كل قصص "الصخرة" منه لأنه على يقين بأنه يعرفها، لكونه "قرينه".
لم يكن شبيه دواين جونسون هو أول حالة تسلط الضوء على "القرين"، بل سبقها العديد من الحالات منذ قرون، ومنها نيامه جيني التي اكتشفت "شبيهة لها" عبر موقع "فيسبوك" الأمريكي للتواصل الاجتماعي، وهي كارين برانيجان من أيرلندا التي تبلغ من العمر 29 عاما، وتنتمي إلى عائلة مختلفة عن أسرة جيني.
وعن شعورها عند لقائها الأول بقرينتها، كارين برانيجان، أكدت نيامه جيني لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية أنها كانت متوترة للغاية بشكل يبعث السخرية، وتابعت أنها كانت تحدق بها طوال الوقت، مشيرة إلى أنها لا تتذكر عدد المرات التي قالت فيها أثناء اللقاء: "هذا أمر فظيع للغاية".
وحرصت نيامه جيني وكارين برانيجان قبل أن يلتقيا على وضع نفس الماكياج على وجهيهما، والتقاط صورا مع بعضهما، وتحدثا سويا عن نصائح عن الموضة والجمال، ومازالا علاقتهما مستمرة ولم تنقطع.
وفي أغسطس/ آب 2018، تبين أن سجين يدعى ريتشارد إيه. جونز سجن لمدة عقدين من الزمان بعد أن تم سجنه بالخطأ في قضية ارتكاب سرقة مشددة، وذلك بعد أن تم اختياره من بين مجموعة من قبل شهود قالوا إنه سرق هاتفا ذكيا في موقف سيارات مركز "والمارت" التجارية في ولاية كانساس الأمريكية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وكان جونز الذي قضى 19 عاما داخل السجن، وأكد مرارا أنه بريء، هو شبيه سجين آخر يدعى ريكي أيموس.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، كشفت الممثلة المصرية، بدرية طلبة، عن اكتشاف شبيهتها، أم عمرو، والتقطت صورة تذكارية معها نشرتها عبر حسابها على موقع "إنستغرام" للتواصل الاجتماعي، وأكدت طلبة لقرينتها أنه شرف لها أن قابلتها.
وفي 2018، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورة لشبيه نجم كرة القدم المصري الدولي، محمد صلاح، وهو مهندس مصري يدعى أحمد بهاء.
تعرّف كلمة "Doppelganger" (القرين) من أصلها في الفلكلور الألماني، وتعني "شبح" أو "ظهور لشخص حي"، كما تسرى أساطير عن أن مقابلة "الشبيه" هو "نذير سوء" وعلامة على أن موت الشخص أصبح وشيكا.
وتطور قدر كبير من الخرافات بشأن "القرائن"، إذ ينظر البعض إليهم على أنهم كيانات شريرة ومؤذية.
أصبح "القرين" رمزا شائعا لأدب الرعب، وذلك في رواية "ذا دابل" التي طرحت في عام 1846، وألفها الأديب الروسي، فيودور دوستويفسكي، والتي تتناول قصة كاتب فقير يدعى "جوليادكين"، يدفعه الجنون بسبب الفقر والحب غير المتبادل إلى النظر لشبحه الخاص، الذي ينجح في كل شيء فشل فيه بحياته، وتنتهي بتخلص "الشبح" من الأصل.
رواية شهيرة أخرى تتناول "القرين"، وهي "وليام ويلسون"، للكاتب الأمريكي، إدغار ألن بو، التي طرحت في عام 1839، وفيها تلتقي الشخصية الرئيسية بشبيهها عندما كان طفلا، وتتبعه النسخة حتى يكبر، مما يسبب مشاكل في حياته الشخصية، وعندما يحاول بطل الرواية القيام بأشياء شريرة أو غير أخلاقية يحاول الشبيه منعه، لكنه يقتله وهو في حالة من الغضب ويدرك في النهاية أنه انعكاسا لنفسه.
كان موضوع "القرين" مادة جذابة للتناول في السينما المصرية والعالمية، وغالبا ما كان يتم استثماره كأداة مؤامرة الأفلام والبرامج التلفزيونية، مثل فيلم "عودة أخطر رجل في العالم" (1973)، من بطولة الفنان فؤاد المهندس، والذي يلعب في أحداثه دور الموظف الطيب في أحد الفنادق "مفتاح" ورجل العصابات الدولي الشرير "مستر إكس"، وفيلم الرعب الأمريكي "Doppelganger"، من إنتاج عام 1993، ومن بطولة درو باريمور، والتي تجسد دور "هولي" التي تصبح مطاردة من جانب شبيهتها الشريرة.
أكدت دراسة أجريت في عام 2015 ونشرت في دورية "نيتشر" إلى أن العثور على أشخاص يشبهوننا هو أمر حقيقي.
وعزا معدها، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب والسلوك بجامعة كورنيل في مدينة نيويورك الأمريكية، مايكل شيهان، الظاهرة المحيرة إلى أن وجوهنا تطورت بسبب أهمية "الفردية" لجنس البشر.
وقال شيهان إن "البشر متنوعون بشكل هائل، لكن لا يمكن ملاحظة ذلك في الأنواع الأخرى".
وضرب مثالا أنه من الصعب ملاحظة وجود أشخاص يشبهون بعضهم في الشارع، على عكس السناجب التي من الصعب التفريق بينها داخل حديقة الحيوان.
وفسر مايكل شيهان الروايات التي تتناول "القرائن" متشابهين بأنه نفاد الخيارات في جيناتنا.
وتابع: "إن الأمر مثل مكعب روبيك الملون، يمكنك الحصول على الكثير من التنوعات، ومع ذلك هناك نوع من لعبة الأرقام.
وأوضح شيهان: "على الرغم من أن سماتنا تختلف أكثر من أي حيوان آخر، إلا أن جيناتنا لا تختلف، ففي الواقع، نحن لسنا بهذا التنوع وراثيا، لذلك في نهاية الأمر، ستفرض الأرقام أن بعض الميزات تشبه ميزاتك وستتحد بشكل عشوائي".
وانتهت دراسة مايكل شيهان إلى أن البشر تطوروا ليبدوا مختلفين جسديا عن بعضهم البعض لأن أعيننا تلعب دورا هاما في التفاعلات الاجتماعية، وأن معظم سلالات الحيوانات تستخدم الرائحة أو الصوت للتعرف على بعضها البعض، لكن البشر يعتمدون في المقام الأول على البصر للتمييز بين الأفراد.
كما توصلت الدراسة إلى أن البشر بارعون بشكل استثنائي في التعرف على الوجوه، وأن هناك جزءا من الدماغ متخصصا في ذلك.