وأفاد مصدر أمني سوري لمراسل وكالة "سبوتنيك"، أمس الأربعاء، بتسوية أوضاع 212 مطلوبا في حي درعا البلد، حتى الآن، ضمن المركز الذي تم افتتاحه صباح أمس في مدينة درعا جنوبي البلاد.
وذكرت وكالة الأنباء السورية، أن عملية تسليم أسلحة وتسوية أوضاع عدد من مسلحي درعا البلد في مركز التسوية بحي الأربعين في درعا البلد قد بدأت.
وقال مراقبون إن اتفاق وقف إطلاق النار في درعا، الذي جاء برعاية روسية، مهم جدًا على المستوى السياسي والعسكري، وكذلك لأهمية موقع المدنية الجغرافي، مؤكدين أنه لا خيار هناك سوى صمود الاتفاق.
اتفاق درعا
وأشارت الوكالة اسورية إلى أنه "تم فتح عدة مراكز تسوية بحي درعا البلد لتسوية أوضاع المسلحين وتسليم السلاح للجيش العربي السوري".
يذكر أن اتفاق ملف (حي درعا البلد)، تم تقديمه كمقترح روسي ضمن خارطة عمل متكاملة يضمن تنفيذها إعادة الأمن والاستقرار لمنطقة درعا البلد وطريق السد والمخيم وفق آلية عمل متكاملة تضمن عمليات التسوية وتسليم السلاح وخروج الرافضين للاتفاق الذي عقد في عام 2018، وإجراء عمليات تفتيش لأحياء درعا البلد إضافة لوضع نقاط عسكرية ضمن أحياء درعا البلد ليتم بعد ذلك إعادة الأهالي القاطنين في مراكز الإيواء ولدى المجتمع المحلي بكافة أرجاء المحافظة، إلى منازلهم وإعادة السلطات المنفذة لعمل الدولة السورية وخدماتها بما في ذلك كافة المؤسسات الحكومية.
ومطلع الأسبوع الماضي، نقل مراسل "سبوتنیك" في درعا عن مصدر سوري مسؤول في المحافظة: أنه تم تجهیز كافة الاستعدادات اللازمة لتنفيذ الاتفاق المتعلق بملف حي (درعا البلد)، مضيفا بأنه "تم تكلیف لجان أمنیة لتسویة أوضاع المطلوبین، بالإضافة إلى تجهیز (باصات خضراء) لترحیل المسلحین الرافضین للاتفاق.
أهمية استراتيجية وعسكرية
واعتبر الدكتور أسامة دنورة، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري أن: "تطهير درعا من بقايا المجموعات الإرهابية ذو أهمية استراتيجية تتعلق بالدرجة الأولى بالموقع الجغرافي لدرعا البلد، ولمحافظة درعا، وللمنطقة الجنوبية بشكل عام، فالقرب من خط وقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل، والقرب اللصيق بالحدود الأردنية، يجعلان من إمكانية تجدد توظيف المجموعات الإرهابية من قبل الخارج الإقليمي والدولي خطراً ماثلاً وقنبلة موقوتة لا بديل عن تفكيكها".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، وإذا ما أضيف للأمر إشراف المنطقة على الطريق الدولي ما بين دمشق وعمان، ومن المعبر الرئيس على الحدود السورية- الأردنية، فإن ذلك يجعل الأهمية الاقتصادية (بأبعادها الحساسة في هذه الظروف) عاملاً مضافاً للأهمية العسكرية والاستراتيجية.
ويرى دنورة أنه على الرغم من القرب الجغرافي الذي يجعل العملية في المنطقة أمراً معقداً من الناحية السياسية (والعسكرية إلى حد ما أيضاً لا سيما ما يتعلق بالطيران) فإن الدولة السورية مع حليفيها (الروسي والإيراني) في محاربة الإرهاب تمكنت من إرساء معادلات ردع سياسي وعسكري في مواجهة إسرائيل وأي طرف آخر يمكن أن يجد مصلحته في السعي لاستدامة الإرهاب ودعمه في درعا.
وبالتالي –والكلام لا يزال على لسان دنورة- فإن استئصال الإرهاب القابع على صدور العائلات والمدنيين في درعا البلد أصبح مؤخراً مسألة قرار وتوقيت لا أكثر، وعليه فإن أي محاولة من فلول المجموعات للنكث بالتعهدات أو العودة عن ما تم الاتفاق عليه ليست إلا قفزة من قبلها في المجهول، وهروب إلى الأمام، ومراهنة لا يقف أصحابها على معطيات موضوعية أو حسابات مدروسة، فإذا لم يصمد الاتفاق نتيجة نكوث بقايا المجموعات الإرهابية سيكون ذلك سبباً للعودة إلى خيار الجيش في تطهير المناطق من الإرهابيين.
سيطرة سورية
بدوره اعتبر العميد عبد الحميد سلهب، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، أن اتفاق وقف إطلاق النار في درعا، راعته الدولة السورية وبشكل خاص القوات المسلحة السورية، وسيكون صامدًا، ولا خيار هناك سواه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يأتي الاتفاق في هذا التوقيت، نظرًا لأن الدولة السورية حريصة على مواطنيها، ولا تريد أي شكل من أشكال التهجير.
ويرى سلهب أن هناك مجموعة مسلحة من بقايا التنظيمات المسلحة مثل داعش والنصرة تعبث فسادًا في درعا تحت عناوين ثوار حوران وما شابهه، وحقيقة أنهم مرتبطون مع بعض الجهات التي لا تزال تمولهم من أجل القتل والفساد ورفض وجود الدولة ورفض حتى علم الدولة هؤلاء مجرمون على أرض درعا.
وتابع: "تحت القوة العسكرية عرف هؤلاء الأشرار بأنه لا مفر من تسليم السلاح الخفيف والانصياع لأمر الدولة السورية، والاعتراف بالثوابت الوطنية والتقيد بالقانون السوري، ومن حق الدولة السورية فرض سلطتها على أرضها وضمان الأمن والأمان للمواطنين السوريين.
وأكد أن الدولة والجيش لن تسمح لهذه الفئة أن يفسدوا ويقتلوا الشعب في درعا، وأن الاتفاق سيصمد، ولا خيار لهم إلا الانصياع للدولة السورية وجيشها.
ويتضمن الاتفاق وقفا لإطلاق النار بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة المتحصنة في حي (درعا البلد)، وإجراء تسويات للمطلوبين وتسليم السلاح، إضافة لترحيل المسلحين الرافضين للاتفاق نحو الشمال السوري.
كما يتضمن الاتفاق إنشاء نقاط للجيشين الروسي والسوري ضمن أحياء (درعا البلد) ومحيطه، ليصار لاحقاً إلى استكمال باقي البنود المتعلقة بعودة الاهالي وعودة مراكز تنفيذ السلطة وعودة مؤسسات الدولة.