المحادثات التي انطلقت في مايو/ أيار الماضي بحضور السفير سادات أونال نائب وزير الخارجية التركي إلى لقاهرة، في زيارة أولى لمسؤول تركي منذ عدة سنوات، توقفت منذ ذلك الحين حتى أعلنت الخارجية المصرية عن زيارة الوفد المصري لتركيا برئاسة السفير حمدي لوزا يومي 7 و8 سبتمبر/ أيلول الجاري، لإجراء جولة ثانية من المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا.
ملفات التفاوض أو الملفات الخلافية بين مصر وتركيا معلومة وليست بالجديدة، حيث تدور جلها حول التواجد التركي في ليبيا، وملف جماعة الإخوان، وملف غاز المتوسط.
ورغم الخلافات الكبيرة بين وجهات النظر، والتموضع لكل من الدولتين، يرى الخبراء أن المستجدات على الساحة فرضت بعض التغيرات التي يمكن معها إقامة علاقات قوية أو محدودة، وأن المحادثات الاستكشافية سيترتب عليها بعض التقدم الملحوظ.
معلومات أخرى من مصادر تركية تشير إلى تحرك إماراتي من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر وكذلك السعودية وتركيا عقب الخطوة الأولى، وأن بعض التفاهمات قد تحدث بشأن غاز المتوسط والدفع نحو الاستقرار في ليبيا.
من ناحيته قال سمير راغب رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، إن المحادثات الاستكشافية الحالية بين تركيا ومصر يعرض فيها كل طرف البنود التي يريد التفاوض عليها أو محل الخلاف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه خلال المحادثات يمكن التفاوض على النقاط المقبولة من الطرفين بسهولة، كما يتم عرض النقاط محل الخلاف القوي، وفي حال إن كانت أغلبية البنود غير قابلة للتفاوض تتوقف المحادثات عن المرحلة "الاستكشافية".
ويرى راغب أن الحالة بين مصر وتركيا ليست عداء، حيث يتعلق الصراع بالتنافس الإقليمي والمصالح والعمق الاسترايتيجي لكل من الدولتين.
وأوضح أن مطالب مصر لا تخرج عن طبيعة وعرف العلاقات الدولية، والتي تتعلق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم وجود أي من القوات الأجنبية في الدول العربية.
توقعات إيجابية
وأشار إلى أن زيارة الوفد المصري لتركيا قد يترتب عليها علاقات عند مستويات محددة، حيث يظل ملف التواجد التركي في الدول العربية هو ملف الخلاف القوي والشائك، لكنه تتداخل فيه العديد من الأطراف الدولية، بما يعني أنه لا يقتصر على مصر وتركيا فقط.
بشأن ملف الإخوان يشير راغب إلى أن هناك ثلاث فئات من الجماعة في تركيا، الفئة الأولى وهم الإخوان الذين ليست لديهم مواقف عدائية تجاه مصر وغير مطلوبين، والفئة الثانية هم من لديهم مواقف عدائية، ولكن لم يصدر بحقهم أي أحكام وهم كذلك لن يتم تسليمهم، ويمكنهم الخروج إلى أفغانستان او أندونسيا أو أي دولة.
أما الفئة الثالثة المطلوبة للقضاء بناء على أحكام صادرة، يوضح راغب أن هذه الفئة هي التي ستسبب الحرج لتركيا، خاصة من انتهت جوازات سفرهم، حيث إنهم لن يستطيعوا السفر إلى أي دولة، وهو ما يحتم تسليمهم، أما من لديهم جوازات سفر سارية من المحتمل أنهم خرجوا من تركيا.
في مقابل المطالب المصرية من الجانب التركي أو النقاط التي تتحفظ عليها، هناك العديد من النقاط التركية التي تختلف مع مصر بشأنها، وتتعلق بليبيا وملف غاز المتوسط.
ويوضح راغب أنها تتمحور حول ملف غاز المتوسط وتقسيم المياه الاقتصادية، خاصة بعدما أصبحت مصر مركزا للطاقة والغاز بشكل رئيسي.
برؤية أخرى يشير راغب إلى أن تحالف الشام الجديد يمكن أن يسهم في نقل الغاز إلى مصر لامتلاكها محطات الإسالة عبر الأردن، كما أن عملية نقل الغاز المسال إلى أوروبا قد يكون عبر تركيا، وهو ما يفتح الباب لتفاهمات ومنافع مشتركة.
من جانبه يقول المحلل السياسي التركي جيواد غوك، إن عودة العلاقات بين البلدين ستكون قوية، وأن الخطوات المقبلة ستكون إيجابية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الحكومة التركية تصر على تطبيع العلاقات بشكل قوي، وأن قيادات الإخوان في تركيا لا يوجد أي قرارات خاصة بهم، وأنه أقل ما يمكن فعله الآن يتعلق بعدم تسريبهم خارج المنطقة الاستخبارتية لتفادي ردات فعل الأتراك الإسلاميين المتشددين، حيث يتم العمل سريا من أجل ترحيلهم إلى بريطانا أو إلى ماليزيا.
ويرى غوك أن المحادثات الاستكشافية ستحدد مدى التقارب بين الجانبين، إضافة إلى احتمالية تدخل الجانب الإماراتي من أجل تطبيع العلاقات مع مصر، حيث إن تطبيع العلاقات مع السعودية يتحقق بعد تطبيعها مع مصر، وأن الإمارات تعلم ذلك جيدا، وهو ما يفسر الدور الإماراتي في هذا الإطار.
يشار إلى أنه وفي الـ 31 من أغسطس/ آب المنصرم، ناقش وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان العلاقات الثنائية بين البلدين في مكالمة هاتفية.
جاء ذلك بحسب ما كشفته وكالة أنباء "الأناضول" التركية الرسمية، والتي لم تشر إلى أي تفاصيل أخرى حول المحادثات بين الطرفين.