ظل اختفاء إكرام على مدى الأشهر الثلاثة لغزا حيّر الجميع، حتى كان اليوم الثالث من شهر سبتمبر الذي نشرت فيه وسائل إعلام حكومية بيانا لجهاز المخابرات يُحمِّل فيه حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول] مسؤولية اختطافها، وهو ما لم يقنع الكثيرين وفي مقدمتهم ذوو الضحية.
زادت الشكوك حين قررت حركة الشباب أن تبرئ ساحتها، فنشرت بيانا في اليوم الذي يليه، تنفي فيه تورطها في اختفاء إكرام، إذ قالت "لا نعلم شيئا عن مقتل إكرام تهليل الموظفة في جهاز المخابرات والأمن الوطني، وقد صدمنا بإلصاق جهاز مخابرات حكومة الردة (الفيدرالية)، جريمة قتلها بنا كما صدم بذلك الشعب الصومالي أيضا".
بعد صدور ذلك البيان، حدثت قلاقل أمنية في مدينة بلدوين أدت إلى اختطاف فتية تربطهم قرابة برئيس جهاز المخابرات، فهد ياسين، في خطوة بدت وكأنها ثأر قبلي بين أبناء عشيرة إكرام تهليل وعشيرة رئيس جهاز المخابرات وهو ما استنكرته القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي ألمحت إلى أن هذه الخطوة قد تعدّل القضية عن مسارها الصحيح، وفقا لموقع "الصومال الجديد".
ومع تطور الأوضاع على هذا النحو، حدد رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، في وقت متأخر من مساء الرابع من سبتمبر، لرئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني مهلة 48 ساعة ليقدّم خلالها تقريرا وافيا ومقنعا حول هذه القضية.
ثم بعث فهد ياسين رئيس جهاز المخابرات، مساء أمس الأحد، برقية إلى رئيس الوزراء يطالبه فيه بعقد اجتماع مجلس الأمن الوطني ليستمع إلى تقريره الحساس حول هذه القضية، قبل أن يُفاجأ الجميع فجر اليوم الاثنين بإصدار رئيس الوزراء مرسوما يوقف فيه ياسين عن عمله كرئيس لجهاز المخابرات، ويعين في الوقت نفسه الجنرال بشير محمد جامع رئيسا مؤقتا للجهاز.
وكلّف رئيس الوزراء في مرسومه النائب العام لمحكمة القوات المسلحة بإجراء تحقيق رسمي وشامل حول هذه القضية ورفع نتائجه إلى المحكمة الشرعية المختصة به، وهو ما رحب به مجلس اتحاد المرشحين الرئاسيين المعارض، معتبرا أنه خطوة نحو الاتجاه الصحيح وبداية جيدة لتحقيق العدالة لذوي الضحية وأهاليها.
لكن هذ القرار أثار غضب الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو، الذي رفضه، وحثّ رئيس المخابرات الموقوف عن العمل بمباشرة مهامه حتى ينعقد اجتماع مجلس الأمن الوطني للاستماع إلى تقريره حول هذه القضية، وسط مخاوف من أن يلقي ذلك الخلاف بظلاله على الوضع الأمني المأزوم أصلا فيزيد الطين بلة في بلد ممزق أمنيا واقتصاديا.
لكن ما مصلحة الجهاز في اغتيال إحدى موظفاته؟
يقول عبدالله سنبلولشي، المدير السابق لجهاز المخابرات إن احتفاظ إكرام بسجل القوات الصومالية المتدربة في إريتريا وما يشاع عن مشاركتهم في الحرب التي شنها الجيش الإثيوبي ضد جبهة تيغراي أحد أهم الأسباب الرئيسية لتصفيتها.
واعترفت إريتريا للمرة الأولى في أبريل/نيسان الماضي، بمشاركة قواتها في الحرب الدائرة في شمالي إثيوبيا، بعد أشهر من نفي تورطها.
ويضيف أن من بين الأسباب أيضا "حيازتها معلومات حول تفجير الرابع والعشرين من يوليو/تموز من عام 2019، الذي استهدف مقر بلدية مقديشو، وأسفر عن مقتل مسؤولين كبار في إدارة إقليم بنادر من بينهم عبد الرحمن محمد عثمان يريسو رئيس إدارة إقليم بنادر الّذي توفي متأثرا بجراحه في أحد مستشفيات الدوحة القطرية" وفقا لموقع الصومال الجديد.
من جهته قدم مهد صلاد، العضو في مجلس الشعب المنتهية ولايته، رواية أخرى قال عنها إنها موثوقة وإنه حصل على تفاصيلها من مسؤولين رفيعي المستوى في جهاز المخابرات كانوا يراقبون عن كثب تطورات قضية اختفاء إكرام.
ويقول صلاد إنه "كان من المخطط إخفاء جريمة اغتيال إكرام، غير أن دعوات أهلها كشفت الغطاء عن القضية، ما دفع فهد ياسين رئيس جهاز المخابرات إلى محاولة التنسيق مع حركة الشباب لتبني مسؤولية اغتيالها مقابل دفع مبالغ مالية، غير أن المحاولة فشلت بعد اعتراض قياديين بارزين في الحركة، تربطهم علاقات قرابة وثيقة مع أهالي إكرام".
وفي مقابلة مع فضائية يونيفيرسل الصومالية شكّكت آمنة محمد عبده، النائبة في مجلس الشعب المنتهية ولايته، في حقيقة اختفاء إكرام بهذه السهولة متسائلة عن كيفية إمكان تسلل مسلحين مجهولين إلى المنطقة المحظورة أمنيا ومن ثم اختطافهم لضابط في جهاز المخابرات والأمن الوطني من محيط المقر الرئيسي للجهاز.
وتقول "كلّ ما أراه هو إنكار للواقع وغض للطرف عن الحقائق الواقعية".