الخرطوم – سبوتنيك. وأشار الخبراء إلى أن جميع السيناريوهات على المشهد السياسي محتملة، بما فيها دخول البلاد في انتخابات مبكرة قبل انتهاء فترة الحكم الانتقالي التي تمتد إلى 39 شهرا منذ التوقيع على اتفاقية "جوبا" لسلام السودان بين الأطراف السودانية في تشرين الثاني/ أكتوبر 2020.
ويقول الخبير السياسي، الدكتور الفاتح محجوب، اليوم الأربعاء، لوكالة " سبوتنيك"، إن" المحاولة الانقلابية يوم أمس الثلاثاء هي في حقيقتها عمل عسكري محدود قصد به الضغط على رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، لإنهاء حالة وضع الجيش في خانة الاتهام التي درج عليها الشريك المدني كلما حدثت إشكالية أمنية أو سياسية، بالرغم من أن الطرفين شركاء في الحكم الانتقالي".
وتابع محجوب، "يبدو أن قصة غياب الحصانة للضباط والجنود أثناء تنفيذ مهام رسمية، مثل حماية المؤسسات العسكرية، كما حدث في حادثة مظاهرات القيادة العامة، كان لها دورها في تحريك الانقلاب، الذي لم يكن انقلابا بالمعني المعروف، بل حمل راية احتجاج". ولفت إلى أن "ذلك يوضح طبيعة الانقلاب الأخير الذي لم تخرج فيه دبابة واحدة خارج مقر سلاح المدرعات الواقعة جنوب الخرطوم، ولم تخرج أي من الوحدات العسكرية التي تتبع لقادة الانقلاب خارج معسكراتها".
واعتبر الخبير أنه" لهذا لم يتحدث الفريق أول البرهان قط صباح اليوم (الأربعاء) عن محاولة الانقلاب التي فشلت، وإنما تحدث بقوة ومرارة عن عدم تقدير المكون المدني لدور الجيش بالرغم من أنهم ليست حكومة منتخبة، بل فعليا عينهم الجيش وارتضي الشراكة معهم، وها هم المدنيون يحاولون إبعاد الجيش عن أهم مهامه: الوقوف على ضمان بناء مؤسسات الانتقال الديموقراطي".
وذكر محجوب أن "البرهان، أثناء خطابه للعسكريين، قال أن تصرفات المكون المدني غير مقبولة، بجانب أن الجناح المدني قصد إبعاد العسكريين عن المبادرة التي أنشأها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للإشراف على ترتيبات الانتقال الديموقراطي، ما اعتبره البرهان ممارسات غير مقبولة".
وتابع الخبير السوداني أن "تصريحات قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، جاءت متضامنة مع حديث البرهان الذي أكد من خلاله دقلو أن المكون المدني ضعيف، وعجزه عن أداء دوره تجاه المواطنين، وأنه يلقي فشله علي المكون العسكري".
ويشدد محجوب أن " تحرك الجيش المحدود أدى لتحرك الفريق أول البرهان والفريق أول دقلو لمواجهة الاتهامات المتكررة للجيش والتقليل من شأنه وتخوين قادته".
وأضاف بقوله "إذن التحرك العسكري المحدود نجح في تغيير العلاقة بين المكونين العسكري والمدني، وانعكس بظلاله على الوضع السياسي الراهن في البلاد، وتسبب في حالة توتر واضحة بينهما ".
ولفت إلى أنه "الغالب أن العلاقة لن ترجع أبدا إلى ما كانت عليه من قبل، ومن الواضح أن المكون العسكري ستكون له كلمة واضحة في الترتيبات الانتقالية وبناء المؤسسات التي ترتب للانتقال الديمقراطي، وربما ينعكس ذلك علي كامل مؤسسات الحكم الحالية، بما في ذلك العلاقة مع مجلس الوزراء".
وفي ذات الصعيد، أوضح المحلل السياسي، شوقي عبد العظيم، اليوم الأربعاء، لوكالة "سبوتنيك"، أنه "يجري حاليا جدل قانوني بين الأطراف السياسية في السودان حول موعد انتهاء رئاسة العسكريين لمجلس السيادة الانتقالي".
وأشار عبد العظيم إلى أنه "حسب التعديلات التي على الوثيقة الدستورية في أعقاب توقيع اتفاقية جوبا لسلام السودان في تشرين الأول/أكتوبر 2020 بالعاصمة جوبا، نصت في بعض بنودها على أنه يتم تمديد فترة الحكم الانتقالي إلى 39 مجددا منذ تاريخ التوقيع الأطراف السودانية في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان".
لكن رجح عبد العظيم أن "يتوافق الأطراف الحاكمة بالسودان على استمرار رئاسة العسكريين لمجلس السيادة الانتقالي إلى شهر حزيران/ يونيو 2022 وذلك على قرار تمديد فترة الانتقال بالسودان في التعديلات التي أدخلت على الوثيقة الدستورية عقب توقيع اتفاق السلام في جوبا في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي".
وأفشل الجيش السوداني محاولة انقلاب على السلطة في السودان صباح يوم أمس الثلاثاء دون حصول خسائر في الأرواح أو الممتلكات، حسب بيان للقوات المسلحة السودانية.
وقال البيان العسكري إن الجيش استطاع اعتقال جميع الضباط والجنود البالغ عددهم 22 عسكريا، الذين حاولوا الانقلاب على السلطة.
فيما طالب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من الجيش السوداني أن يطلع مجلس الوزراء على نتائج التحقيقات مع الانقلابيين في أقرب فرصة، معلنا أن هناك جهات داخل وخارج الجيش يتبعون لعناصر من النظام السابق، تورطوا في محاولة الانقلاب، بينما يقول البرهان إنه أثناء لقاءه مع عسكريي سلاح المدرعات جنوب الخرطوم يوم أمس الثلاثاء، لم يثبت وجود أي انتماءات سياسية للذين حاولوا الانقلاب على السلطة.