وفي اجتماع مجلس الوزراء الأخير، وجهت الحكومة الكويتية وزارة المالية لضرورة إيجاد حلول جذرية لمواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة، ومواجهة قرب نضوب السيولة في الاحتياطي العام.
وقال مراقبون إن الكويت تعاني من أزمة اقتصادية حادة، وهناك توجيهات بتعاون حكومي برلماني لمواجهة أزمات حادة من بينها قرب نفاد السيولة، وتراجع الاستثمارات الأجنبية.
حوار وطني
ووجّه أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، اليوم الأربعاء، بإطلاق حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية تهيئة الأجواء لتوحيد الجهود وتعزيز التعاون ونبذ الخلافات.
وقال وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد العبد الله، إن "أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، وجّه إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون وتوجيه كافة الطاقات والإمكانيات لخدمة الوطن العزيز"، وذلك حسب "وكالة الأنباء الكويتية- كونا".
وأضاف أن توجيه الأمير جاء أيضا لـ"نبذ الخلافات وحل كافة المشاكل وتجاوز العقبات التي تحول دون ذلك خدمة للمواطنين الكرام ورفعة راية الوطن العزيز ومكانته السامية"، متابعا أن الأمير "يتطلع أن يحقق هذا الحوار أهدافه المنشودة لتعزيز مسيرة العمل الديمقراطي الذي هو محل الفخر والاعتزاز لدى الجميع وذلك في إطار التمسك بالدستور والثوابت الوطنية".
وكانت الحكومة الكويتية قد طرحت، من قبل، حلولا تتمثل في الإصلاحات المالية والاقتصادية التي وردت في برنامج عملها، إضافة إلى إقرار قانون الدين العام، مع طلب الموافقة من مجلس النواب على السحب المنظم من صندوق احتياطي الأجيال، وهو ما تم رفضه سابقا.
وحسب جريدة "القبس" الكويتية، فإن مقترحات أكد عليها نواب كويتيون قالت الحكومة إنها لا تستطيع تنفيذها بسبب عدم وجود سيولة كافية في صندوق الاحتياطي العام، معيدة إلى الواجهة مسارات أكدت عليها من قبل ورفضها النواب. وأوضحت الحكومة عدم قدرتها "تحميل احتياطي الدولة أي أعباء إضافية في ظل نزيف الصندوق المستمر".
ويعتبر هذا الرد من الحكومة بمثابة رفض مسبب لتمرير وتنفيذ مقترحات النواب في المرحلة المقبلة، مما سيدفع إما إلى اللجوء المنظم لصندوق الأجيال، وإما الاستجابة لما طرحته الحكومة سابقا، من تعزيز سيولة الاحتياطي عن طريق الاقتراض.
البرلمان والحكومة
واعتبر الدكتور محمد خليفة الجيماز، الخبير الاقتصادي الكويتي أن نفاد السيولة وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة أمر متوقع، في ظل الأوضاع الضبابية الحالية في الكويت على الجانبين السياسي والاقتصادي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تعود أسباب انخفاض السيولة المباشرة في الكويت بالفترة الأخيرة للإجراءات المطولة والمعقدة والتي تحتاج أوقاتًا طويلة من أجل اتخاذ القرارات في أغلب القطاعات الاقتصادية بالدولة، ما جعل الكويت بيئة غير جاذبة للاستثمار.
ويرى الجيماز أن الكويت بانتظار الدعوة للحوار الوطني بين الجانبين الحكومي والتشريعي، من أجل البحث ومحاولة إيجاد خطة وخارطة طريق أفضل، يمكن من خلاله إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.
ويعتقد المحلل الاقتصادي الكويتي أن أغلب الأمور والمعالجات السياسية والاقتصادية سوف تتضح بشكل أكبر بعد انعقاد الدور القادم لمجلس الأمة الكويتي (النواب)، والمقرر له في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري 2021.
مشروعات حكومية
بدوره اعتبر الدكتور مبارك محمد الهاجري، المحلل الكويتي، أن أزمة نفاد السيولة وتراجع الاستثمارات الأجنبية هاجس يدور في أروقة الاجتماعات الحكومية بعد تدهور الوضع الاقتصادي نتيجة للانكماش الاقتصادي الذي سببته جائحة فيروس كورونا، وهبوط أسعار النفط الخام، حيث يمثل النفط 90٪ من الصادرات والإيرادات الحكومية مما يجعل اقتصاد الدولة معتمدا إلى حد كبير على إنتاج النفط الخام.
وقال في حديثه لـ "سبوتنيك"، من أجل تفادي حجم الضرر من الأزمة الاقتصادية، قدمت الحكومة مبادرات لحل الأزمة تتضمن مشروع قانون بسحب نحو 5 مليار دينار سنويا من صندوق الثروة السيادي أو بما يعرف بصندوق الأجيال القادمة، والذي تديره الهيئة العامة للاستثمار والذي يحظر القانون على الهيئة مناقشة بيانات الصندوق السيادي، وكذلك قانون الدين العام.
ويرى الهاجري أن جميع هذه المبادرات تحظى بدعم من السلطات العليا في البلاد، مضيفا أن التصريحات الحكومية تشير إلى قرب الإعلان عن تسوية بين الحكومة والبرلمان تتضمن الموافقة على قوانين إصلاح اقتصادية مقابل حل الخلافات السياسية بين الحكومة والمعارضة، وبالتالي عودة المشاريع في قطاع البنية التحتية.
وأكد المحلل الكويتي أنه من المتوقع أن تقوم الحكومة الكويتية باقتراض 24 مليار دولار لتغطية عجز الميزانية الضخم والذي يقدر بنحو 40 مليار دولار في السنة المالية 2021-2022 نتيجة للانكماش الاقتصادي الذي سببته جائحة فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط الخام.
ويعتقد الهاجري أن عدم التوصل إلى اتفاق حول القضايا المتعلقة لحل الأزمة الاقتصادية بين الحكومة والبرلمان سيؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي في الدولة والضغط على صندوق الاحتياطي النقدي العام للدولة والذي بدوره يعد سببا لتعطيل المشاريع التنموية في البلاد مما ينذر بتخفيض تصنيف الكويت الائتماني السيادي.
وكان وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار في الكويت خليفة حمادة، قد حذر من "أزمة مالية" قد تعصف في البلاد مضيفًا أن "الدولة مقبلة على وقت عصيب قد لا تستطيع معه تلبية احتياجات مواطنيها والإيفاء بالتزاماتها، وهو الأمر الذي سيؤثر حتما على سمعة الكويت وعلى تصنيفها الائتماني".
يشار إلى أن صندوق الأجيال وبالرغم من أن أصوله تقدر بنحو 157 مليار دينار في السنة المالية المنصرمة، وكذلك حركته الاستثمارية مطمئنة بحسب تقارير سيادية، إلا أن مصادر استثمارية حذرت من الاعتماد عليه بالكلية لتغطية العجز وتأخر الحلول الأخرى، ومنها إقرار قانون الدين العام.
وأكدت أن هذه الطريقة في الاعتماد على الصندوق السيادي ستؤدي إلى استنزاف الاحتياطي، ليس ذلك فحسب وإنما ستؤثر سلباً على التصنيف السيادي لدولة الكويت، الذي يأخذ بالاعتبار أصول صندوق الأجيال التي قدرت بنحو 540% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2020، وهي أعلى نسبة بين جميع الجهات السيادية المصنفة من قِبل وكالة "ستاندرد آند بورز".