أدرجت الوثائق الجديدة أسماء نحو 35 من القادة الحاليين والسابقين، وأكثر من 300 مسؤول حكومي، على رأسهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وعائلة الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وزوجته.
الوثائق الجديدة تأتي ضمن سلسة من التسريبات جرى نشرها على مدار السنوات السبع الماضية حملت أسماء مختلفة "ملفات فنسين"، و"وثائق بارادايس"، و"وثائق بنما ولوكس ليكس".
و"وثائق باندورا" عبارة عن تسريب لحوالي 11.9 مليون مستند وملف من من 14 شركة خدمات مالية تقدم خدمات خارجية في الملاذات الضريبية حول العالم، من بينها جزر العذراء البريطانية، وبنما وقبرص وسنغافورة والإمارات دولة بليز وقبرص وسويسرا.
وبحسب موقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، قاد فريقًا يضم أكثر من 600 صحفي من 117 دولة يمثلون 150 مؤسسة إخبارية أمضوا عامين في دراسة المستندات وتحليلها ومراجعتها وتعقب المصادر من عشرات البلدان، وقادت "بي بي سي بانوراما"، وصحيفة "غارديان" التحقيق في المملكة المتحدة.
ويقول الاتحاد إن الوثائق سلطت الضوء على الأسرار المالية لبعض أغنى أغنياء العالم، بما في ذلك زعماء سابقين وحالين وسياسيون ومشاهير، وكشفت الوثائق أن مالكي نحو 95 ألف شركة، تتخذ من الملاذات الضريبية مقرا لها، كانوا وراء عمليات الشراء.
و"الجنة الضريبية" أو "الملاذ الضريبي" مصطلح ظهر في السنوات الماضية وتوصف به بعض المناطق والبلدان التي لا تفرض أي ضرائب على الإطلاق أو تفرض ضرائب منخفضة جدا.
وتتمتع الدول التي تضم هذه المناطق بقوانين صارمة لتحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب فتساعدهم بذلك على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم الأصلية.
ووصف التحقيق أن أمريكا بأنها "أكبر ملاذ ضريبي على الإطلاق"، وأشار إلى أن ولاية داكوتا الجنوبية الأمريكية "تحديدا تخفي مليارات الدولارات المملوكة لأشخاص سبق اتهامهم بارتكاب جرائم مالية خطيرة".
وزعم التحقيق تحويل عشرات الملايين من الدولارات من شركات في أوروبا ومنطقة البحر الكاريبي، إلى ولاية داكوتا الجنوبية، لافتا إلى أن داكوتا ونيفادا وأكثر من 12 ولاية أمريكية أخرى، برزت في مقدمة الأماكن التي توفر السرية المالية.
ادعت الوثائق أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أنفق أكثر من 70 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 100مليون دولار) لإقامة إمبراطورية عقارية في أمريكا وبريطانيا.
وأفادت الوثائق المالية المسربة، ونشرت التحقيق الخاص بها صحيفة "الغادريان" بأن الملك استخدم شبكة من الشركات المملوكة سرًا لشراء 15 عقارًا، منذ توليه السلطة عام 1999 بعد وفاة والده الملك حسين.
وتشير الوثائق أن قائمة العقارات التي يملكها الملك تشمل ثلاثة منازل مطلة على المحيط في ماليبو بولاية كاليفورنيا الأمريكية بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني.
ولفتت الوثائق إلى أن الملك كذلك اشترى بين عامي 2012 و2014، أربع شقق في حي جورج تاون الراقي في واشنطن، وبلغت قيمتها 16 مليون دولار.
وبحسب الوثائق تشمل القائمة كذلك ثمانية عقارات في لندن، وجنوب شرقي إنجلترا.
ونقل موقع "بي بي سي" عن محاميي الملك عبد الله، تأكيدهم أن الملك "اشترى العقارات من ماله الخاص، وليس هناك ما يعيب استخدامه لشركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات لها في شراء هذه العقارات".
زعم التحقيق كذلك أن عائلة الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، باعت عقارات في بريطانيا بقيمة 400 مليون جنيه أسترليني في السنوات الأخيرة.
وأشارت الوثائق إلى أن "عائلة علييف الحاكمة في أذربيجان استحوذت على عقارات بريطانية سرا باستخدام شركات تتخذ من ملاذات ضريبية مقرا لها.
وتحدثت الوثائق عن حيدر علييف (11 عام) ابن الرئيس الأزربيجاني، وقالت إنه تم شراء مبنى مكاتب في حي مايفير في لندن بقيمة 33 مليون جنيه إسترليني باسم حيدر، ضمن 17 عقارا، اشترتها العائلة.
ولفتت الوثائق إلى الطريقة التي تم بها شراء مبنى حيدر، وقالت إنه تم شراء المبنى من قبل شركة واجهة مملوكة لصديق عائلة الرئيس إلهام في عام 2009، ثم تم نقل ملكية البمنى بعد شهر واحد إلى الصبي صاحب الـ 11 عاما.
وقال التحقيق إنه بالبحث وتتبع المصادر تم التوصل إلى كيف تم بيع مبنى مكاتب آخر مجاور، مملوك للعائلة إلى كراون ستيت العقارية مقابل 66 مليون جنيه إسترليني في عام 2018.
وأكدت الشركة كراون أنه "أجرت الفحوصات المطلوبة بموجب القانون وقت الشراء لكنها تبحث الآن في الأمر مجددا".
أظهرت الوثائق المتداولة اسم رئيس الوزراء السابق وزوجته المحامية شيري، ورغم أنها أكدت على أنه لا يوجد ما يثبت أنهما "كانا يخفيان ثرواتهما".
غير أن الوثائق تشير إلى عدم دفع رسوم الدمغة المعروفة في بريطانيا باسم "ستامب ديوتي" عندما اشترى الزوجان عقارا في مارليبون وسط لندن بقيمة 6.45 مليون جنيه إسترليني.
وتشير الوثائق إلى أن بلير وزوجته تمكنا في 2017 من الاستحواذ على العقار من خلال شراء الشركة الأجنبية التي كانت تملكه.
ولفتت إلى أن بلير وزوجته تمكنا من التهرب من دفع 312 ألف جنيه إسترليني، من رسوم الدمغة عندما اشتريا مكتبا في لندن.
وزعمت الوثائق كذلك أن الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، تمكن من امتلاك عقارات في بريطانيا وهونغ كونغ، تزيد قيمتها عن 30 مليون دولار عبر شركات ملاذ ضريبي.
وبحسب التحقيق "كينياتا يرتبط بمؤسسة في بنما، بينما أنشأت والدته وأخوته ستة أعمال ومؤسسات خارجية أخرى على الأقل لإدارة أصولهم، وتم إنشاء معظم شركات العائلة قبل انتخاب كينياتا رئيسًا".
ولفت التحقيق بشأن الوثائق، الي نشره الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية إلى أنه : "تظهر الوثائق المسربة أن بعضها ظل نشطًا بعد توليه منصبه، وتمتلك هذه الشركات المسجلة في بنما وجزر العذراء البريطانية حسابات مصرفية وعقارات تزيد قيمتها عن 30 مليون دولار، وتوجد هذه الأصول في المملكة المتحدة وهونغ كونغ".
>> وفي هذا السياق رئيس كينيا له ممتلكات في بريطانيا وهونغ كونغ بقيمة 30 مليون دولار حسب تسريبات باندورا
وكشفت الوثائق أيضا عن اسم رئيس وزراء تشيكيا اندريه بابيس، الذي يخوض انتخابات في وقت لاحق من الأسبوع الحالي.
وأشارت الوثائق إلى أن بابيس استثمر 22 مليون دولار في شركات وهمية استخدمت في تمويل شراء قصر "بيغو"، وهو دارة شاسعة في موجان جنوب فرنسا.
وتظهر أيضا أن رئيس الإكوادور غييرمو لاسو أودع أموالا في صندوقين مقرهما في ولاية داكوتا الجنوبية في أمريكا.
وإلى جانب هذه الشخصيات السياسية جاء اسم المغنية الكولومبية شاكيرا، في الوثائق، ونجم الكريكت الهندي ساين تندولكار، وعارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر، وزعيم عصابة إيطالي يعرف باسم "Lell the Fat One".
أعلن الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، ناشر الوثائق، (التي لم يتسن التأكد منها) أنه لا يستبعد ظهور أسماء جديدة في تحقيق "أوراق باندورا" خلال الأيام والشهور والسنوات المقبلة.
وقال متحدث باسم الاتحاد لـ"سبوتنيك": "نعتزم مواصلة نشر الوثائق. ننوي فعل ذلك خلال الأيام والشهور وربما السنوات المقبلة (...) أنا متأكد من أنه سيكون هناك قصص جديدة".
(المعلومات المقدمة على مسؤولية الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية وبي بي سي وصحيفة الغارديان)