سيتطلب ذلك كميات هائلة من المواد الخام تحت الأرضية، والأصعب من ذلك، أن التقنيات الخضراء تعتمد على معادن أساسية معينة غالبًا ما تكون نادرة، وتتركز في عدد قليل من البلدان ويصعب استخراجها.
هذا ليس سببًا للالتزام بالوقود الأحفوري، لكن قلة من الناس يدركون المتطلبات الضخمة للطاقة المتجددة.
حذر تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية من أن "التحول إلى الطاقة النظيفة يعني التحول من نظام حالي كثيف الطلب على الوقود إلى نظام مستقبلي كثيف الطلب على المواد".
إن المتطلبات المعدنية المنخفضة للوقود الأحفوري عالي الكربون، كما أن محطة توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي بسعة ميغاواط واحدة تكفي لتزويد أكثر من 800 منزل بالطاقة وتستهلك حوالي كيلوغراما واحدا من المعادن لإنتاجها، وبالمقارنة يتطلب ميغاواط من الطاقة الشمسية ما يقرب من 7000 كيلوغرام من المعادن، بينما تستخدم الرياح البحرية أكثر من 15000 كيلوغرام منها، وتلك المواد ذات ديمومة محدودة وتحتاج إلى صيانة دائمة.
كما أن أشعة الشمس والرياح ليست متاحة دائمًا، لذلك علينا تصنيع عدد ضخم من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح لتوليد نفس الكهرباء السنوية مثل محطة الوقود الأحفوري.
التباين مشابه في سوق النقل، حيث تحتوي السيارة النموذجية التي تعمل بالغاز على حوالي 35 كغم من المعادن النادرة، معظمها من النحاس والمنغنيز، ولا تحتاج السيارات الكهربائية إلى ضعف كمية هذين العنصرين فحسب، بل تحتاج أيضًا إلى كميات كبيرة من الليثيوم والنيكل والكوبالت والجرافيت.
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، سيعني تحقيق أهداف باريس المناخية مضاعفة إمدادات المعادن أربع مرات بحلول عام 2040، وسيتعين على الدول زيادة إنتاج بعض العناصر بشكل أكبر، وسيحتاج العالم إلى 21 ضعف كمية الكوبالت التي يستهلكها الآن و42 ضعفًا من الليثيوم.
لن يكون هذا سهلا، ومن غير المعروف إذا ما كان قد أخذ في عين الاعتبار قبيل توقيع اتفاق باريس، فالجغرافيا جزء كبير من التحدي.
يتم استخراج ما يقرب من 70% من الكوبالت في العالم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويتم استخراج 60% مما يسمى بعناصر "الأرض النادرة" مثل النيوديميوم، المستخدم لصناعة المغناطيس داخل توربينات الرياح والمركبات الكهربائية في الصين، بحسب ما ذكر موقع "theprint".
هناك طرق يمكننا من خلالها تخفيف بعض الضغط عن إيجاد إمدادات جديدة، إحداها إعادة التدوير، إذ يمكن على مدى العقد المقبل إنقاذ ما يصل إلى 20% من المعادن لبطاريات السيارات الكهربائية الجديدة من البطاريات المستهلكة وعناصر أخرى مثل مواد البناء القديمة والإلكترونيات المهملة، بحسب ما ذكرت دراسة حديثة نشرت في موقع "sciencedirect".
يجب علينا أيضًا الاستثمار في البحث لتطوير تقنيات تعتمد على مواد أكثر وفرة، ففي وقت سابق من هذا العام، كان هناك تقدم واضح في إنشاء بطارية حديد-هواء، والتي سيكون إنتاجها أسهل بكثير من بطاريات الليثيوم. هذه التكنولوجيا لا تزال بعيدة المنال، لكنها الخيار الذي يمكن أن يجنب العالم أزمة المعادن.
المقال يعبر عن رأي كاتبه