بداية يؤكد خبير السدود الدولي المصري، الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي، أن إثيوبيا لم تقم بعملية الملء الثاني نهائيا، وهذا راجع إلى أن سد النهضة تمت إقامته على منطقة فوالق أرضية نشطة، يمنع نهائيا بناء السدود عليها، لأن الأرض هنا تكون غير ثابتة، وعند وجود كميات مياه كبيرة تتحرك تلك الفوالق وتؤدي إلى انهيار ما عليها من منشآت.
انهيارات سابقة
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": في اعتقادي أن أجزاء كبيرة من السد انهارت عدة مرات، ولا تزال هناك جيوب هوائية لم تملأ بالمياه أسفل السد، وسوف تملأ بالمياه مع زيادة التخزين وفق نظرية "الأواني المستطرقة"، أي أن تلك الفوالق تملأ واحدة تلو الأخرى مع زيادة كميات المياه.
وحول الآراء التي ترفض تلك النظريات وتعتبرها دعاية مصرية وأمنيات غير واقعية لبث المخاوف لا أكثر، قال الشناوي: "هذا السد انهار ثلاث مرات وتم الإعلان عن ذلك في العام 2016، حيث انهارت البوابة الأولى والثانية والثالثة، أما في العام 2018 فقد انهار معظم السد ولم تخرج تلك الأخبار من مصر فقط، بل إن صور الأقمار الصناعية هى التي قالت ذلك، وفي أغسطس قبل الماضي كانت هناك غيامة في منطقة السد منعت التصوير".
وأضاف: "منذ فترة قريبة كانت هناك تصريحات للوزير السوداني المسؤول عن الري بأن هناك تشققات في جسم السد وأن الشركة المنفذة بدأت في الانسحاب، وتوجه الوزير بتحذير إلى كل من يسكن على النيل الأزرق بالسودان بأن هناك سيول سوف تحدث".
وأشار خبير السدود إلى أن "هناك سدا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية انهار منذ ثلاث سنوات لنفس الأسباب بسبب الفوالق الأرضية، هذه ليست تنبؤات أو حملات دعائية، لكنها نظريات علمية عالمية"، مؤكدا أن كل دعايات الملء الأول والثاني لم تصل إلى 10 مليار متر مكعب في بحيرة السد وربما لم تصل إلى الملء الأول نفسه.
أخطاء تقنية
من جانبه قال ممثل المجموعة المدنية السودانية المناهضة لمخاطر السدود وليد أبوزيد، إن كل المتابعين لقضية سد النهضة يعلمون تماما أن إثيوبيا فشلت في عملية الملء التي كان من المفترض حدوثها منذ أشهر قليلة مضت.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن سبب فشل إثيوبيا في الملء الثاني جاء نتيجة لأخطاء تقنية وفنية تتعلق بجسم السد أكثر من كونها أخطاء إدارية، ومدى قدرة السد على تحمل كميات المياه الواردة إليه من الأمطار والتي كانت بصورة كبيرة جدا، حيث كانت لدى الإثيوبيين آمال بقدرتهم على التسابق في البناء مع كميات المياه الواردة التي تجاوزت المعدل المتوقع.
وتابع أبو زيد: "نظرا لزيادة المياه وتجاوزها الحواجز اضطرت إثيوبيا إلى وقف عملية الملء وفتح البوابات لتصريف المياه إلى الجانب الآخر، هذا الأمر يقودنا إلى نقطة هامة، وهى أن السد يقوم على دراسات غير كافية، وهناك تقارير تشير إلى أن هناك الكثير من التقارير التي تقدمها الشركات المنفذة للسد خاطئة".
اتفاق ملزم
وأكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وقال السيسي، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن الاتفاق القانوني بشأن سد النهضة الإثيوبي سيحفظ الأمن المائي المصري، ويحقق مصالح جميع الأطراف، ويحافظ على الاستقرار الإقليمي".
وشدد السيسي على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في الاضطلاع بدور جاد في هذا الملف، فضلا عن إبراز حسن النية والإرادة السياسية اللازمة من كافة الأطراف في عملية المفاوضات، بما يتسق مع البيان الرئاسي الصادر في هذا الصدد عن مجلس الأمن.
الملء الثالث
وقال مصدر في وزارة الخارجية السودانية، إن "إثيوبيا بدأت تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، ووضع جدران خرسانية، استعدادا للملء الثالث للسد"، مؤكدا أن بلاده في انتظار دعوة رئيس الكونغو الديمقراطية فيلكس تشيسكيدي، الذي يترأس الاتحاد الأفريقي، لاستئناف التفاوض.
ونقلت "قناة الشرق" السعودية عن المصدر السوداني، قوله إن "السودان سلم وزير خارجية الكونغو، ملاحظاته بشأن منهجية التفاوض في أزمة سد النهضة".
وكان وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، قال يوم الاثنين الماضي، إن "مفاوضات سد النهضة شبه مجمدة"، لافتا إلى أن القاهرة تلقت اتصالات من دول مختلفة وعلى مستويات عدة لوضع حلول للأزمة، غير أنها ليست على مستوى الطموحات.
وطالب عبد العاطي، في كلمته خلال ندوة نظمها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، "بآلية واضحة ومدة زمنية محددة مع وجود مراقبين دوليين لهم دور للتوصل لاتفاق عادل وجاد حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة"، واصفاً الوضع فيما يتعلق باستئناف المفاوضات بأنه في "شبه تجمد حالياً".
وأعلن أن مصر جاهزة للتعامل مع أي طارئ فيما يخص قطاع المياه، مشددا على أن الدولة لن تسمح بحدوث أزمة مياه.
وأكد ضرورة أن يثبت الطرف الآخر في ملف السد جديته، موضحاً أن مصر تؤمن بالتنمية لها ولجميع دول حوض النيل.
وبدأ إنشاء سد النهضة الإثيوبي في 2011، بهدف توليد الكهرباء؛ ورغم توقيع إعلان المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، نص على التزام الدول الثلاث بالتوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل السد عبر الحوار، إلا أن المفاوضات لم تنجح في التوصل لهذا الاتفاق.