تعددت التصريحات والمواقف خلال الأيام الأخيرة، ما يوحي بأنه لا سبيل للسير نحو الانتخابات حتى الآن، خاصة في ظل الاختلاف بين المعسكرين التقليديين في الشرق والغرب.
مؤشر الانقسام
الموقف الأخير للنائب الأول لرئيس الوزراء حسين القطراني، يشير إلى أن التوترات وصلت إلى نقطة قد تنقسم بعدها حكومة الوحدة الوطنية، حيث أصدر فيه تعليماته المشددة للوزراء والوكلاء، ورؤساء دواوين الوزراء الممثلين لبرقة بعدم تنفيذ أية قرارات أو تعليمات صادرة عن رئيس الحكومة "عبد الحميد "الدبيبة" إلا بعد الرجوع إليه.
ويرى خبراء في حديثهم لـ"سبوتنيك"، أن الخطوة التي أقدم عليها القطراني غير صحيحة، وأنه لا يجوز له إصدار مثل هذه التعليمات.
مبادرة استقرار ليبيا
جانب آخر من المشهد تمثل في مبادرة استقرار ليبيا التي تعقد خلال أيام في طرابلس، والتي أعلنت عنها وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش.
وأوضحت المنقوش في المؤتمر الصحفي للإعلان عن المبادرة أنه سيتم عقد مؤتمر وزاري دولي في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في طرابلس لدعم هذه المبادرة.
وتعمل المبادرة على مسارين، المسار الأمني العسكري والمسار الاقتصادي.
وبحسب المنقوش تهدف هذه المبادرة إلى التأكيد على احترام سيادة ليبيا واستقلالها ومنع التدخلات الخارجية السلبية، وأن تكون ليبيا ساحة للمنافسة الاقتصادية.
التمديد لحكومة الوحدة الوطنية
جميع المشاهد في ليبيا حتى الآن تبدو غير متجانسة، فبينما تتحدث الوزيرة عن المبادرة بأنها تهدف لدعم الاستقرار يصفها نواب بأنها تهدف لإبقاء الوضع على ما هو عليه.
في هذا الإطار قال البرلماني سعيد مغيب، إن "بعض بنود مبادرة استقرار ليبيا، تشير إلى نوايا خبيثة، خاصة أن البند الذي يتحدث عن أن الانتخابات لا يمكن أن تتم بشكل شفاف في هذه المرحلة، يعني التمديد لحكومة الدبيبة".
الأموال المجمدة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن
"مطالبة مجلس الأمن برفع الحظر عن الأموال الليبية المجمدة الهدف منه شراء مواقف بعض الدول لصالح استمرار حكومة الدبيبة".
ويرى مغيب أن "المبادرة ليست في صالح المواطن الليبي، وأن دولتين عربيتين رفضتا المشاركة في المؤتمر".
مواقف غير معلنة
29 سبتمبر 2021, 20:21 GMT
وبشأن الخلافات الحاصلة حول ملف الانتخابات قالت البرلمانية الليبية أسماء الخوجة، إن "الأزمات الراهنة يمكن تسويتها إذا ما كانت هناك رغبة حقيقة لإجراء الانتخابات".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن "المشهد الحالي يوحي بأن الجميع لا يريدون الانتخابات، خاصة أن ما يقال في العلن غير ما يمارس في الخفاء".
وأوضحت أن
"الخلاف الحاصل في الوقت الراهن له تداعياته، حيث أنهم يخشون الانتخابات لأنها ستنهي كافة الأجسام الحالية".
وترى أن "تفاقم الخلاف يمكن أن يؤدي إلى عدم إجراء الانتخابات، خاصة أنها تحتاج إلى الحد الأدنى من الاستقرار السياسي".
إرجاء انتخابات الرئاسة
في نفس الإطار، قال النائب محمد معزب عضو المجس الأعلى للدولة، إن "التوترات الحالية دوافعها الحصول على أكبر قدر من الغنائم".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه "يمكن احتواء الاختلافات الراهنة، خاصة في ظل التمسك حتى الآن بإجراء الانتخابات البرلمانية في أقل تقدير".
وأوضح أن "هناك توجها لإرجاء الانتخابات الرئاسية لما بعد البرلمانية، لكن هذه الرؤية يعارضها البرلمان الذي وضع بند إجراء انتخابات البرلمان بعد الرئاسة بشهر".
إلى أين تتجه الأوضاع
في نفس السياق، قال المحلل السياسي، حسين مفتاح، إن "الاختلافات الحصلة في المشهد الراهن قلصت من الوتيرة التي كان يعتمد عليها الشارع الليبي لإجراء الانتخابات".
وأضاف أن "المجلس الاستشاري حاول طوال الوقت شد الأمور للخلف وعرقلة كافة الخطوات التي يمكن أن تساهم في التقدم للأمام".
ويرى مفتاح أن
"النتائج التي ستخرج بها مبادرة استقرار ليبيا هي التي ستحدد المسار الذي يمكن أن تدخله الأوضاع في ليبيا".
وأشار إلى أنه "لا يحق لنائب رئيس الحكومة تعطيل عمل الحكومة بأي شكل من الأشكال، خاصة أن هذه الخطوة تعيد للأذهان عملية الانقسام التي يسعى لها البعض مرة أخرى".
وأوضح أن "ضبابية المشهد في ليبيا تجعل من الصعب توقع مسار الأمور، إلا أن القوى الوطنية قد ترفض العودة لسيناريو الانقسام مرة أخرى، ما يعني استبعاد تشكيل حكومة جديدة في الشرق".