فهل يستمر العرف الذي كان سائدا بين الطالباني والبارزاني حول رئاسة العراق ورئاسة الإقليم.. أم سيكون هناك تغيير بعد رحيل الرجلين عن السلطة؟
بداية يرى طارق جوهر، المحلل السياسي من كردستان العراق، أن موضوع الرئيس القادم للعراق بعد الانتخابات، لم يطرح حتى الآن بين الحزبين الكبيرين، رغم أنه كان هناك لقاء أولي جرى بزيارة وفد من الحزب الديمقراطي إلى السليمانية الأسبوع الماضي، والتقى قيادة الاتحاد الوطني، وعقب اللقاء أكدوا أنهم لم يتطرقوا إلى موضوع رئاسة العراق.
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، وفي اعتقادي أن تلك الزيارة كانت لتهدئة الأجواء بعد الانتخابات التي شهدت أكبر مدة للدعاية الانتخابية والتي وصلت إلى 40 يوما، حدث خلالها نوع من الهجوم المتبادل بين المتنافسين في الأحزاب، وكانت الأمور متوترة بين القاعدة والقيادة في الحزبين الكبيرين" الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي".
وأكد على "أنه من مصلحة الجميع أن يكون هناك توافق داخل البيت الكردي، خصوصا بين الحزبين الكبيرين والأحزاب الأخرى الذين دخلوا إلى البرلمان العراقي؛ لكي يضعوا برنامجا تفاوضيا موحدا فيما يتعلق بتشكيل الحكومة القادمة في العراق، ووضع مطالب الإقليم الأساسية والثانوية على الطاولة، بحيث يتم ترتيبها مع الأطراف العراقية، خاصة مع الكتلة الأكبر التي سوف تتشكل خلال الأيام القادمة.
وأشار المحلل السياسي الكردي، إلى أنه "هناك عرف واتفاق سياسي بين الحزبين منذ العام 2003 وحتى الآن في الإقليم بأن منصب الرئيس العراقي يكون من نصيب الاتحاد الوطني، ومنصب رئاسة الإقليم من نصيب الحزب الديمقراطي".
وأردف قائلا،
"لكن لا تزال تداعيات تقسيم الإقليم منذ التسعينيات باقية، ومصلحة الإقليم تقتضي أن يكون أي قرار سياسي مصيري مشترك مع بغداد أن يكون هذا القرار تشاوريا داخل الإقليم بين الاتحاد والديمقراطي بغض النظر عن المقاعد البرلمانية، هذا هو الواقع في الإقليم، ومن يريد تجاوزه على الأرض ربما لا يستطيع التوصل إلى حلول لتقوية المواقف الكردية تجاه الأطراف العراقية في بغداد".
وأوضح جوهر أن "قوة الإقليم تكمن في ترتيب البيت الداخلي، بأن تدار الأمور عن طريق الشراكة بين الحزبين، حيث إن أي خلاف في الإقليم سوف ينعكس سلبا على موقف الإقليم في بغداد".
ونوه جوهر، بأن هناك الكثير من المواقف والملفات العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد تحتاج إلى توحيد المواقف، مشيرا إلى أن منصب الرئيس العراقي هو منصب تشريفي وليس له صلاحيات أمام رئيس الوزراء، ومن الطبيعي أن تحدث تغييرات في توزيع المناصب الخاصة بالإقليم بين الأحزاب الكبرى، لكن يجب أن يحدث هذا بالتفاهم والتشارك بين الحزبين الكبيرين، دون ذلك لا يمكن التنبؤ بأي نجاح للموقف الكردستاني في بغداد بفرض إرادته وفرض أجندة الإقليم، وما يهم الأكراد كشعب أن تبقى الدولة العراقية فيدرالية وأن لا يتم تعديل الدستور بخلاف ذلك.
من ناحية أخرى، يقول الباحث المتخصص في الشؤون الكردية، كفاح محمود، إن هناك أكثر من تصريح من قيادات الحزبين الاتحادي والديمقراطي حول منصب الرئيس القادم في العراق، بأن هناك تفاهما مشتركا بين الجانبين سيؤول في النهاية إلى ترشيح شخصية سياسية متفق عليها من قبل الفعاليات السياسية الكردستانية وبالتحديد من الحزبين الرئيسيين.
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العرف السياسي في العراق منذ العام 2005 رسم خارطة الرئاسات الثلاث في البلاد كالآتي: "رئاسة الجمهورية للكرد وليس لحزب بعينه في الإقليم - رئاسة الوزراء للشيعة وليست حكرا لكتلة معينة - أما رئاسة البرلمان فهي من نصيب السنة العرب".
وتابع الباحث في الشأن الكردي، ربما خلال السنوات الماضية كان هناك احتكار للمنصب من جانب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لكن في اعتقادي الآن، أن الأمور قد تغيرت وقد يذهب الحزبان الكبيران إلى اختيار شخصية توافقية، ربما تكون من الحزب الديمقراطي وقد تكون مستقلة أو قد تكون من الاتحاد الوطني، لكن الفيصل في كل تلك الاختيارات، أن يتم الاتفاق عليها من قبل الحزبين الكبيرين أولا، ثم من بقية الفعاليات السياسية.
وأشار محمود، إلى أن العرف الذي كان داخل الإقليم خلال الفترة الماضية كان مؤقتا، نظرا لتولي القائدين مسعود بارزاني وجلال طالباني، حيث تم التوافق على تولي الأخير لرئاسة العراق وبارزاني رئاسة الإقليم.
وأوضح أن
"الأمور تغيرت بتغير الشخصين، فقد رحل الرئيس طالباني وبارزاني رفض الترشح لرئاسة الإقليم، هذا بالإضافة إلى أن حزب بارزاني فاز بأغلبية الأصوات في انتخابات الإقليم الأخيرة، مما أهله لرئاسة الإقليم والحكومة معا بالتوافق والائتلاف مع الاتحاد الوطني وبقية الأحزاب السياسية".
وأكد كفاح على أن العرف الذي كان سائدا في الإقليم انتهى، وبقي العرف المتعلق بتقسيم الرئاسات الثلاث في العراق.
يذكر أن الكرد هم من يشغلون منصب الرئاسة العراقية خلال الدورات الأربع الماضية منذ العام 2006، حيث إن الرؤساء الثلاثة الذين تعاقبوا على المنصب يمثلون حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وهم جلال طالباني لدورتين متتاليتين، ثم جاء بعده فؤاد معصوم والرئيس الحالي برهم صالح.
هذا وقد حل الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصد 33 مقعدا أولا على الصعيد الكردي، ورابعا على صعيد القوى العراقية، وفق نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي تمت في العاشر من أكتوبر الجاري، فيما حصد الاتحاد الوطني الكردستاني 17 مقعدا، وحل ثانيا كرديا، حاصدا المرتبة الخامسة على الصعيد العراقي العام، وبذلك فإن مجموع مقاعدهما الحالية يبلغ 50 مقعدا.
وفضلا عن الحزبين الرئيسيين، فإن قوى كردية أخرى ستكون حاضرة في البرلمان العراقي المقبل، كحركة الجيل الجديد التي حصدت 9 مقاعد، والاتحاد الإسلامي الكردستاني الذي حصل على 4 مقاعد، فيما حازت الجماعة الإسلامية في كردستان العراق على مقعد واحد فقط.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار العراق اليوم عبر سبوتنيك.