بداية يقول الباحث الاقتصادي والخبير المالي في الجنوب اليمني، شلال العفيف، إن كل الإجراءات التي حاول البنك المركزي استخدامها من أجل كبح جماح الانهيار المتسارع للعملة الوطنية، لم تجد نفعا ولم تخفف أو توقف هذا الانهيار بسبب عدم توفر السيولة من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، لأن أي إجراء نقدي دون توفر السيولة لن يحقق أي نتيجة.
27 أكتوبر 2021, 14:08 GMT
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مطالبات الحكومة اليمنية لدول العالم بدعم الاقتصاد، إن حدث هذا بالفعل، فسوف تكون حلول مؤقتة وليست جذرية، أما الحل النهائي والغطاء الحقيقي للعملة، يتمثل في توريد إيرادات مبيعات اليمن من النفط إلى البنك المركزي من أجل دعم اقتصاد البلاد فيما يتعلق بالعملة الصعبة، هذا هو الغطاء الحقيقي الذي يمكنه وقف الانهيار.
إيرادات النفط
وأشار الخبير المالي إلى أن إيرادات اليمن من النفط والغاز، حيث أن هناك محافظات تقوم ببيع النفط والغاز ولا تورد أي عملة للبنك المركزي، على سبيل المثال إيرادات النفط والغاز في مأرب لم تورد إلى البنك المركزي في عدن وإنما توضع في حسابات خاصة، كذلك بالنسبة لـ شبوة وحضرموت ولو تم التوريد سيكون جزء بسيط، وبالنسبة للمنافذ الجمركية، نجد أن محافظة المهرة على سبيل المثال لا تقوم إلا بتوريد 30 في المئة فقط من تلك الإيرادات إلى البنك المركزي والباقي تحت تصرف السلطات المحلية ومنفذ الوديعة لم يورد أي إيرادات.
وأوضح العفيف أن الموارد المتوفرة الآن لدى البنك المركزي هى العملة الوطنية المتضخمة التي تقوم الدولة بطباعتها كلما احتاجت إلى سيولة، حيث يتم تغطية عجز الموازنة العامة بالطباعة النقدية التي ليس لها أي غطاء، وهذا كان هو السبب الرئيسي للكارثة التي نعيشها الآن، هناك بعض الإيرادات تدخل إلى البنك المركزي، لكنها ليست بالقدر الكافي.
وأكد أنه، رغم الأزمة الخانقة والانهيار المتسارع للعملة اليمنية، نجد أن النفقات التشغيلية غير الضرورية والتي تصرف على الوزراء والحكومات تصرف ببذخ ولا تراعي أي ظروف تعيشها البلاد بأن تقوم بإعلان حالة التقشف، فعندما نقارن تقارير للبنك المركزي وتقارير مالية، نجد أن النفقات التشغيلية الحكومية بلغت أكثر من المرتبات في العام نفسه بل أضعاف الأضعاف، رغم أننا في حالة حرب وتدهور اقتصادي غير مسبوق.
وأوضح العفيف أن كل المساعدات التي يتم الإعلان عنها لا يصل منها ريال واحد إلى البنك المركزي في عدن، لأن الأمر يتم عبر منظمات وتورد معظمها إلى صنعاء وليس إلى عدن، علاوة على ذلك ليس هناك دعم بشكل مباشر من الخليج للبنك المركزي سوى الوديعة السعودية التي تم الإعلان عنها 2018 ولم تدخل كسيولة إلى البنك المركزي بعدن، إنما قيدت في حسابات في البنك المركزي في بنك جدة السعودي، وتم التحويل والاعتمادات المستندية عبر هذا البنك ولم تصل إلى البنك المركزي.
من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي وعضو مفوضية مكافحة الفساد في اليمن، أنيس السنمي، إن هناك أسباب عديدة لإنهيار الريال اليمني خلال الفترة السابقة والحالية، حيث أن السبب الرئيسي في تلك الكارثة الاقتصادية يكمن في عدم توريد الإيرادات المهمة التي تدعم الريال اليمني من العملات الصعبة والمتمثلة في إيرادات النفط والغاز، هذا علاوة على الإفراط غير المحسوب في طباعة عملة جديدة بدون غطاء من العملات الأجنبية.
ويضيف عضو المفوضية، هناك أيضا أسباب أخرى تتمثل في الفساد المالي والإداري التي ازدادت خلال فترة الحرب الحالية في كل أروقة الوزارات ومفاصل الدولة، وعدم الرقابة على المصارف والبنوك التجارية التي تضارب في العملة داخل الوطن.
وتابع السنمي: "وفي رأيي أن قرارات إغلاق محال الصرافة التي اتخذها البنك المركزي كانت تحتاج إلى تنظيم وليس إغلاق، هذا بجانب تفعيل دور الرقابة والبنك المركزي، حيث الإغلاق كان له مردود سلبي وخطير على الوضع الاقتصادي، والإغلاق ليس حلا، بل التشريعات والقوانين واللوائح من البنك المركزي هي التي يمكنها أن تعالج أي خلل في هذا الشأن، أما الإغلاق الكامل فلا يجب تطبيقه إلا على من يعملون في الخفاء وبشكل عشوائي".
وأعلن البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد، الأسبوع الماضي، إيقاف تصاريح مزاولة أعمال الصرافة لـ 54 شركة ومنشأة لم تلتزم بتعليماته، وذلك في ظل استمرار انهيار العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وقرر البنك المركزي إحالة تلك الشركات إلى جهات الاختصاص الأمني والقضائي لاستكمال تنفيذ الإجراءات القانونية بحقهم، بحسب بيان وصل وكالة "سبوتنيك" نسخة منه.
وحذر البنك شركات ومنشآت الصرافة المرخصة من التعامل مع هذه الشركات، وأي منشآت صرافة يتم إيقاف تراخيصها لاحقا، كما دعا التجار والمواطنين إلى توخي الحذر من التعامل مع تلك الشركات، محذرا من الاحتفاظ بأي أرصدة أو حسابات لديها.
وشدد البنك المركزي اليمني في عدن على ضرورة الالتزام بالتعليمات المنظمة لأنشطة قطاع الصرافة الصادرة عنه، مع تجنب الممارسات التي تقود للمضاربة في سعر الصرف والإضرار بالاستقرار في السوق.
ونوه إلى أنه سيكثف من عمليات الرقابة والتفتيش على قطاع الصرافة للتحقق من مدى التزام العاملين به بالتعليمات والقوانين وعدم انخراطهم في مضاربات غير مشروعة.
وتشهد محافظات يمنية بينها عدن وتعز وحضرموت النفطية احتجاجات مطالبة برحيل الحكومة، تنديدا بارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق نتيجة للانهيار التاريخي للريال اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
يشار إلى أن سعر الدولار في اليمن وصل قبل الحرب التي اندلعت عام 2015 إلى 215 ريالا يمنيا.
وواصل سعر الريال اليمني انهياره أمام العملات الأجنبية في العاصمة عدن وسجل الدولار الواحد 1338 ريالا، فيما شهدت أسعار العملات في صنعاء ومناطق سيطرة جماعة "أنصار الله" استقرار نسبيا عند 600 ريال للدولار الواحد.
وكانت الحكومة المعترف بها دوليا، قد حررت سعر صرف الريال في 2017، وأخطرت البنوك باعتماد السعر الذي يحدده السوق دون تثبيت سعر محدد.