ماذا لو أغلق أنبوب تصدير النفط أو أوقفت جوبا التصدير عبر تلك المناطق الملتهبة؟ كيف ستتأثر جوبا والخرطوم وهل سيوقف جنوب السودان الإنتاج وما يترتب عليه من نتائج كارثية؟
بداية يقول المحلل السياسي من جنوب السودان، أندريا ماج، إن "اقتصاد جنوب السودان يعتمد على عائدات تصدير النفط بما يعادل 95 في المئة، وأن أي وقف لتصدير النفط سوف يشكل كارثة على اقتصاد البلاد".
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "جوبا لا تزال تعاني من ويلات الحرب، ورغم التصريحات، التي يتم تداولها في وسائل الإعلام حول وقف التصدير واستمرار الإنتاج لم تطبق على الأرض، ومازال التصدير مستمر عبر الموانئ السودانية، وكان أبناء شرق السودان الذين يسيطرون على الطرقات قد اتفقوا مع حكومة البرهان وحكومة جوبا على استمرار عملية تصدير نفط الجنوب عبر موانئ السودان".
وأشار المحلل السياسي إلى أنه، "ليس هناك قرار بوقف تصدير النفط من جنوب السودان عبر الموانئ السودانية في شرق البلاد الذي تسيطر عليه قبائل البجا، وما حدث هو أن مجموعات الشرق وهي المنطقة التي بها الموانىء التي تطالب بحقوقها في السودان، هذه القبائل قامت بوقف تصدير نفط الجنوب لفترة وجيزة جدا، وبعد عملية التفاوض تم السماح بالتصدير في ميناء "بشاير 2" على البحر الأحمر".
وأكد ماج، أنه "حتى الآن لم يتم قفل تصدير النفط عبر السودان، لأن عمليات التفاوض التي جرت بين الفرقاء السودانيين اتفقوا خلالها على وضع نفط جنوب السودان كحالة خاصة، والأوضاع الآن تسير بشكل طبيعي، لكن لا يزال الخطر قائم لأن الوضع في السودان هش جدا ويمكن أن تنفلت الأمور في أي لحظة وتقوم مجموعات الشرق بقفل التصدير مجددا، حيث أن عدم الاستقرار في السودان يمثل خطورة كبيرة على الجنوب نتيجة عدم الاستقرار".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور محمد الناير، "إذا ما تم تنفيذ وقف تصدير النفط من جانب جوبا عبر موانئ السودان، فإن هذا الأمر سوف يؤثر سلبا على الاقتصاد السوداني، لكن السؤال المنطقي..أين سيذهب بترول جوبا إذا ما تم وقف تصديره عبر الموانئ السودانية".
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أنه "لا توجد منافذ أخرى لدى جوبا لتصدير النفط إذا ما استمرت في الإنتاج مع إيقاف التصدير، فإن كان الإنتاج سوف يخزن، فلا توجد لدى جنوب السودان أوعية تخزينية، وإن كان التصدير سوف يتم عبر النقل البري عبر دول الجوار الإفريقي، هذا الأمر مكلف للغاية، وليس هناك احتمالات مد خطوط أنابيب عبر دول أخرى مجاورة لجنوب السودان باعتبار أن الطبيعة الجغرافية هي الانسياب من الجنوب إلى الشمال، وإذا ما كانت هناك مشروعات عكس الطبيعة، فإن هذا الأمر يحتاج إلى محطات ضخ كثيرة وتكلفتها ستكون عالية".
وأوضح الناير، أن "مثل هذا القرار لو تم تنفيذه على الأرض، فهو ليس في مصلحة الطرفين، إلا إذا رأى جنوب السودان أن يوقف إنتاج النفط، حيث تراجع إنتاج الجنوب من 350 ألف برميل يوميا إلى أقل من 150 ألف برميل بسبب النزاعات والحروب".
كان مايكل مكوي لويث وزير الإعلام، والمتحدث الرسمي باسم حكومة جنوب السودان قد قال في تصريحات خاصة لجريدة العين الاخبارية، إن إنتاج البترول يتواصل لكن التصدير هو الذي سيتوقف.
وأضاف مكوي، "أن الأوضاع في السودان حاليا تعد شأنا داخليا لكنها تؤثر على تصدير النفط الخام من بلادنا للأسواق العالمية عبر ميناء بورتسودان، لذلك أوقفنا عملية التصدير لفترة مؤقتة لحين عودة الهدوء للشارع السوداني".
وتظاهر محتجون من قبائل البجا بشرق السودان الشهر الماضي، احتجاجا على ما يصفونها بالأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في المنطقة، وأغلقوا الطرق وموانئ البحر الأحمر في الأسابيع القليلة الماضية، ما أدى لتعطيل تصدير بترول جنوب السودان الذي يمر عبر ميناء بورتسودان.
يذكر أن جنوب السودان يعتمد بصفة رئيسية على عائدات النفط كمورد أساسي لتغذية خزينة الدولة بما يقارب 95 بالمئة، بسبب عدم وجود إيرادات أخرى وغياب الصناعة وعدم تطوير قطاع الزراعة بالشكل المطلوب.
وأعلن البرهان، يوم الإثنين الماضي، فرض حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين؛ متهما المكون المدني في السلطة بـ "التآمر والتحريض على الجيش".
واعتقلت قوة عسكرية رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، فجر الاثنين الماضي، قبل أن يُطلق سراحه فيما بعد، فيما اعتُقل بعض السياسيين والمسؤولين الآخرين ولم يُطلق سراحهم حتى الآن.
وقوبلت الإجراءات، التي أعلنها البرهان بانتقادات واسعة من المجتمع الدولي، مع الدعوة للإفراج عن السياسيين والمسؤولين المعتقلين والعودة إلى المسار الديمقراطي، فيما تعهد البرهان بالإعلان عن اسم رئيس الحكومة الجديدة وأعضاء مجلس السيادة الجدد في غضون أسبوع.